
التحقيق انتهى أما الأسئلة فلا تزال
انتهى تحقيق الشرطة في قضية الغواصات والسفن، ولكن لم يحل بعد لغز هذه القضية البائسة، ولم تظهر الحقيقة حتى الآن. لقد كان للشرطة تفويض واضح ومركز، وأضاءت حوض السفن العفن من ثقب قفل ضيق: صاحب الرشوة ميكي غانور، وعلاقاته ومرشويه.
لم تعنَ الشرطة بكل ما وصف بأنه «الجانب العام». مثلاً، من أعطى للألمان الإذن الإسرائيلي لبيع الغواصات المتطورة للمصريين؟ لماذا استغل المحامي اسحق مولكو مكانته كمبعوث سياسي لرئيس الوزراء كي يفتح القنوات مع الألمان؟ كيف تتخذ قرارات الشراء بالمليارات؟ من يتلقاها وأي رقابة توجد عليها؟ ماذا بالنسبة للشفافية؟ لماذا تحتاج الدولة إلى مناورة القرض بمبلغ مئات الملايين من بنك خاص كي تمول الغواصات؟ كل هذه الأسئلة وغيرها لم تتطرق لها الشرطة.
رغم ذلك، لقد قالت محافل إنفاذ القانون رفيعة المستوى لـ «معاريف»: «توصلنا إلى تقصي الحقيقة حتى في مسألة الإذن للألمان لبيع الغواصات للمصريين». فلماذا لا تنشر هذه الحقيقة، سألناهم فأجابوا: «هذا شأن عام وليس جنائياً. هذا ليس تفويضنا».
قضية الغواصات تقشعر لها أبدان أكثر المحققين خبرة ولكن يراد لها أن تنتهي
وحسب الشرطة، لم تتوفر أي أدلة على أن نتنياهو كان يعرف. إذا ضغطتم على رجال الشرطة فسيتبين لكم أن هذا غريب بالنسبة لهم أيضاً. ولكن هذا هو الوضع. ولم نصل بعد إلى المحامي الثاني ابن الخال الثالث، اسحق مولكو. فقد أنقذ من هذا الملف بالقوة. ليس بسبب انعدام التهمة، لا سمح الله، بل بسبب انعدام الأدلة.
لقاء مولكو مع ميكي غانور يصفه رجال الشرطة بأنه «خطير من ناحية الرأي العام». ومولكو يتبوأ منصباً حساساً جداً، فهو موظف عام ومبعوث رئيس الوزراء بالتوازي مع إدارته مكتب محامين ويده في كل شيء. وكما وصف هذا مصدر قانوني رفيع المستوى، «يجب بناء أسوار صينية» بين مولكو والنشاط التجاري الخاص. هذه الأسوار، كما وصفت أوساط الشرطة، سقطت في ذاك اللقاء الذي يبعث فيه غانور بمولكو للعمل في صالحه لدى الألمان. وتقول الشرطة: «لما كان هذا لقاء واحد فقط يستخدم فيه غانور مولكو، فقد أصبح هذا ملفاً حدودياً». وهكذا انزلق إلى خارجه في الدقيقة التسعين.
شاهد أيضا
الشرطة، حسب شهادتها، لم تحقق في الحاجة الأمنية لثلاث غواصات أخرى في التوقيت الذي حاولت فيه إسرائيل التوقيع على شرائها. ولم تفحص الاعتبارات الاستراتيجية، وعملية اتخاذ القرارات وسياسة الرقابة على المشتريات الأمنية. من سيحقق في كل هذا؟ من سيأتي أخيراً بمشروع قانون يحظر تماماً مشاركة الوسطاء في صفقات الشراء إلا في حالات شاذة حصلت على الإذن المسبق في إجراء شفاف؟
يخيل إليّ أن هذا القانون أكثر ضرورة من أي قانون ولاء في الثقافة، حتى أكثر من قانون المستشارين القانونيين. وإذا كنا وصلنا إلى هذا القانون، فإنه أحد القوانين التي تشرع في الأشهر الأخيرة بسرعة البرق والتي ستجعل إمكانية الكشف عن قضية الغواصات التالية أصعب بكثير. فنحن لا نقضي على الفساد فحسب، بل إن منتخبينا يقيمون حوله أسواراً واقية.
«نحن أيضاً مواطنون في هذه الدولة»، قال في نهاية الأسبوع مصدر في إنفاذ القانون مطلع على تفاصيل التحقيق في قضية الغواصات. «بعد أن رأينا السياقات المختلفة المتعلقة بالمشتريات الاستراتيجية الأمنية الهامة جداً، وبعد أن حققنا في عمل القيادة الذي كان أو لم يكن، والسياقات والوسطاء، وجدنا أنفسنا قلقين جداً كمواطنين.
«انت تتربى على فكرة أمن الدولة المقدس، وتعيش في إحساس بأن كل هذا يتم في اعتبار حريص وعمل منظم، وها أنت تصل إلى مئات الملايين التي تمر ويتفق عليها بهذه الطريقة بسبب ورقة كهذه تتنقل من يد إلى أخرى. لا شك في أن جهاز الأمن يستدعي مراجعة عميقة. نحن محققون قدامى، واعتقدنا أننا اعتدنا على كل شيء، وفقدنا السذاجة منذ زمن بعيد، ولكن تبين أننا لم نر بعد كل شيء».
بن كسبيت
معاريف 11/11/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
The post التحقيق انتهى أما الأسئلة فلا تزال appeared first on بتوقيت بيروت.
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2PNNshh
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "التحقيق انتهى أما الأسئلة فلا تزال"
إرسال تعليق