
فتشوا عن «المشترك» وليس عن «المشتركة»

تجاوز بنيامين نتنياهو أزمة ائتلافه الأخيرة وحافظ، مؤقتًا، على بقاء حكومته، وذلك بعد أن تراجع حزب “البيت اليهودي”، حزب الوزيرين بينت وشاكيد، عن تهديداته بالانسحاب منها. ومع ذلك يراهن معظم المحللين السياسيين على أن موعد الانتخابات العامة للكنيست بات وشيكًا؛ وهذا ما دفع بجميع الأحزاب والقوى السياسية في إسرائيل إلى الشروع في تجهيز بيادرهم لاستقبال مواسم الحصاد، وإعداد خوابيهم لملئها بالجنى أو بالخيبات.
تداعت أزمة نتنياهو في أعقاب استقالة وزير الدفاع ليبرمان وانسحاب حزبه، “إسرائيل بيتنا”، من الائتلاف، بالتزامن، تقريبًا، مع انتهاء معارك الانتخابات المحلية التي جرت في البلاد، وظهور نتائجها التي حملت دلائل سياسية مهمة ولافتة، خاصة في بعض المدن والقرى العربية، وفي طليعتها مدينة الناصرة طبعًا.
استفزّت، في هذه الأجواء، تحرّكاتُ النائب أحمد الطيبي رئيس”الحركة العربية للتغيير”، معظم شركائه في القائمة المشتركة، فانبرى بعضهم بالتهجّم عليه واتهامه بالقفز من “حضن الأم” وبإطلاقه حملة، قبل “الحج بمرحلة”، كما ادّعى زملاؤه، تستهدف “ابتزازهم” وتحسين مطالبه التفاوضية منهم؛ فقواعد الشراكة الحقة، حسب حلفائه، تستدعي الاتفاق أوّلًا على حماية “القائمة المشتركة” والاعتراف بأن استمرارها ضرورة سياسية تفوق كل مطلب شخصي أو مطمح حركي أو مطمع حزبي، وبعد ذلك سيصير التحاور من داخل “العائلة” على توزيع الريوع والمقاعد والحصص جائزًا وشرعيًا. أكد شركاء النائب الطيبي على أن قائمتهم المشتركة هي أداة تنظيمية، تحصّن قوة الجماهير النضالية في وقوفها ضد مستجدات المرحلة، وضد مخاطرها التي لا يختلف عليها عاقلان؛ وخرجوا، من أجل دعم موقفهم، بحملة واسعة ضد مناورات “الحركة العربية للتغيير” وضد رهانها على مستقبل القائمة، بينما أكدوا من جانبهم على أن “الإسلامية” و”الجبهة” و”التجمع” يرون بالمشتركة “خيارًا استراتيجيًا” يجب عدم التخلي عنه أو إضعافه أو منافسته.
كم قلنا لكم، يا قادة المشتركة، فتشوا، قبل الشراكة، عن “المشترك” الذي يفيد مصالح الجماهير ويلقّحها ويحصّنها، فبدونه لن تقوم لكم “قائمة” ولن تدوم لكم نعمة، فالشعب يمهل ولا يهمل خاصة اذا لم يجد للحياة في وعودكم سبيلا؛ والشعب يبحث عن “خبزه” في شباك غيركم اذا لم تتركوا له فسحة للأمل ولا فرصة للخلاص وللعمل. كانت كل النذائر معلّقة أمامكم وكانت السحب تمطرنا بغضبها الأسود، وأنتم تقامرون، بثقة حزبية عمياء، على إرادات البسطاء، وتعرضون، كالمدمنين على الهزائم، عن الخرائب وهي تتراكم في قرانا وفي داخل مواقعكم؛ لم يعنكم سوى مشيئة “أربابكم الأعلون” وكأنهم كانوا يعلّبون، من أجلكم، الغيب في حجراتهم ويقبضون على نواصي النصر والريح. كم مرة صرخنا في آذانكم: أن البحر جائع! ولم يسمعنا “شيخ المينا” ولم يحرّك حاجبيه قائد. ولكم نادينا في أحراجكم: سراب، سراب ويباب، فغصصنا بريقنا، وأنتم واقفون على “قافات” ضحكاتكم وكأنكم رماة القدر وسادة الطين وصنّاع القلائد.
شاهد أيضا
لن ترضى “جماهيركم” هذه المرة بأقل من تأمين حلمها البسيط، ولن تسامحكم كرمى لعيون “وحدة” بقيت عذراء وخلاسية، ولن تراهن مرّة أخرى على “بيض صنائعنا، سود وقائعنا، خضر مرابعنا، حمر مواضينا”، فالدنيا، هكذا ثبت في شرقنا، للأزرق وللأبيض وللعربيد إن غلبا. إسمعوا ما تقوله لكم هذه الجماهير فهي، ليست مثلكم، بل ترقص على مقامات جديدة، وإن لم تصدقوني فزوروا الناصرة وعرّجوا على أخواتها فعند أهلها الخبر اليقين.
نحن، العرب في إسرائيل، نواجه مصيرنا من جديد، فمن لا يعرف قدراته لن ينتصر ابداً، ومن لا يعترف بهزائمه لن يقوَ على “فَلّ الحديد” وسيبقى معلقًا على أهداب التاريخ. أنا لا أكتب كي أدافع عن أحمد الطيبي، لكنني لن أحمّله، مثلكم، خطيئة تعرية “مومياء” لففتموها، قبل بضع سنين، بستائر من غبار لم تصمد أمام العاصفة وأمام “موجعات الدهر حين ولت”.
*كاتب فلسطيني
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Rim
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "فتشوا عن «المشترك» وليس عن «المشتركة»"
إرسال تعليق