-->
الرواية السعودية عن موت خاشقجي تدخل ترامب في شرك

الرواية السعودية عن موت خاشقجي تدخل ترامب في شرك

الرواية السعودية عن موت خاشقجي تدخل ترامب في شرك

هل تم العثور على رواية الكذب المنقذة، التي ستنقذ محمد بن سلمان من تهمة قتل جمال خاشقجي؟ هل تلك القصة الجديدة التي تقول إن الصحافي السعودي مات أثناء مشاجرة مع أحد العاملين في القنصلية في أسطنبول ستنقذ صفقة الـ 110 مليارات دولار التي تمثل بؤبؤ عين ترامب؟ الرئيس الأمريكي سارع إلى التصريح بأن «التفسير السعودي موثوق»، يمكن أن من يصوغ أكاذيب بنفسه في كل يوم يميز بين الكذب الموثوق والكذب غير الموثوق. ولكن من يختار تصديق الرواية السعودية يجب أن يسأل بضعة أسئلة مقلقة.
السؤال الأول هو: أين الجثة أو أجزاؤها؟ إذا كان الخاشقجي قد مات في مشاجرة فلماذا كان يجب تقطيع الجثة؟ ماذا فعل الـ 15 رجل أمن سعوديا في القنصلية؟ لماذا كذب ابن سلمان وقال إنه لا يعرف عن قتل الصحافي، ولماذا أعلنت السعودية أن الخاشقجي غادر القنصلية بعد وقت قصير من دخوله إليها، لذلك لم يكن بالإمكان العثور عليه؟ حتى لو كان بالإمكان إيجاد تفسير «موثوق» للتناقضات في التصريحات السعودية، فقد جاءت إقالة نائب رئيس المخابرات الجنرال أحمد العسيري، وكبير مستشاري ابن سلمان سعود القحطاني، وسحب البساط من تحت الرواية الرسمية. إذ لو عرف هؤلاء عن القتل، وربما أمروا بتنفيذه، لما كان بالإمكان أن رئيس المخابرات خالد الحميدان لم يعرف بذلك، وإذا كان الحميدان الذي نجا في هذه الأثناء قد عرف، فلا شك في أن ابن سلمان كان يعرف.
من الأفضل التعامل بشك أيضًا مع الإقالات، وبالتأكيد مع أمر الملك سلمان بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة ابن سلمان، الذي ألقيت عليه أيضًا مسؤولية «إعادة التنظيم» في جهاز المخابرات السعودي. المعزولان اللذان عينهما ابن سلمان والمحسوبان على الدائرة الضيقة من مساعدين سيحصلان بطبيعة الحال على وظائف كبيرة جديدة، لأنهما يملكان معلومات كبيرة عن سلوك ولي العهد وعن فشله في إدارة السياسة العسكرية والاقتصادية للدولة.
العسيري، في وظيفته السابقة كمتحدث بلسان القوات العسكرية السعودية العاملة في اليمن، وقف على رأس الجبهة الإعلامية التي عملت من أجل تبرير الحرب، وتنقية السعودية من المس بآلاف المواطنين اليمنيين وعرض الحرب كمصلحة دولية وليس فقط سعودية. القحطاني الذي أدار سياسة الإعلام للمملكة من وراء الكواليس، شغل الشبكات الاجتماعية وشكل بوساطتها الصورة الإيجابية لابن سلمان في وسائل الإعلام العربية والغربية. المس بمكانتهما أو تقديمهما للمحاكمة من شأنه أن يفتح حربًا داخلية في قمة القيادة السعودية، وربما يؤدي إلى مواجهات بين القيادة العسكرية والعائلة المالكة، إذا بدا ابن سلمان وكأنه لا يعطي الدعم المطلوب للقيادة العليا ويحولها إلى كبش فداء.
ولكن التهديد الأخطر الذي يحلق الآن في سماء الرواية السعودية ووثيقة التحليل الأمريكية موجود في مكاتب الاستخبارات التركية في أنقرة. أدوات التنصت التركية والكاميرات الحساسة جلبت معظم التفاصيل الصادمة عن الطريقة التي قتل بها خاشقجي. وتوضح السلطات التركية بأن السعودية تتعاون مع المحققين المحليين الذين يشركون الاستخبارات الأمريكية في استنتاجاتهم، ولكن لا يمكن معرفة ما لم ينشر بعد.
تركيا التي تحولت من خصم إلى عدو للسعودية في أعقاب القضية، والتي توجد في مركز الانتقاد الإعلامي، من جانبها ومن جانب حليفتها، لا تقبل التفسير السعودي عن موت الخاشقجي. نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، عمر تشيلك، صرح في يوم السبت بأن «تركيا تنوي الاستمرار في التحقيق إلى أن تكشف كل المتورطين في القضية. هذه الإشارة الثقيلة تدل على أن تركيا، استنادًا إلى المعلومات التي ستجمعها، هي التي من شأنها أن تقرر طابع نظام العلاقات بين واشنطن والرياض. إذا وجد في أيديها تسجيل يدل على أن القتلة اتصلوا بولي العهد السعودي بعد تنفيذ «المهمة» أو أنهم حصلوا من محمد بن سلمان على مكالمة هاتفية أثناء وجودهم في تركيا، فسيضطر ترامب إلى أن يفحص من جديد إذا ما كان عليه أن لا يلغي دعمه للرواية السعودية الجديدة».
السؤال هو هل وكيف تريد تركيا الاستفادة من قضية الخاشقجي، الآخذة في التطور من قصة مافيا عن عصابة الاستخبارات السعودية إلى قضية دولية تقتضي من دول الغرب أن توجه بحذر سياستها مع السعودية ـ بين ضغط الجمهور ووسائل الإعلام ليتم التحقيق بشفافية في عملية القتل وبين الحفاظ على المصالح السياسية والاقتصادية لها. نظريًا، تركيا تستطيع أن تطالب بضريبة سياسية، مثلاً رفع العقوبات السعودية عن قطر مقابل تجميد التحقيق، أو قبول الرواية السعودية. هذا ثمن ثقيل على الحمل، ومن المشكوك فيه أن يوافق ابن سلمان على دفعه، لكن إذا انضم إلى هذه المطالبة ضغط ووساطة أمريكية فمن شأن هذه الخطوة أن تخدم مصالح الطرفين. لكن تركيا ليست صاحبة البيت الوحيدة في القضية، إذن هنا قد يحدث خلاف بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وفي الخلفية سيثور انتقاد وسائل إعلام عربية كثيرة لـ «محور الشر» التركي ـ الإيراني ـ القطري، الذي يتهمونه بحياكة مؤامرة ضد زعيمة العالم الإسلامي، السعودية.
هذه ليست المرة الأولى التي يضع فيها قتل خاشقجي حليف السعودية أمام معضلة تربيع الدائرة. في هذه اللحظة يستعد ترامب لإخراج الكستناء الساخنة من النار، وسيكون لقراره تأثير حاسم على مواصلة إجراء التحقيق والرد تجاه السعودية. الأمر المهم هو أن أي زعيم، بمن في ذلك الرئيس التركي، لا يتحدث عن فرض عقوبات على السعودية تشبه العقوبات التي فرضت على روسيا، بسبب تسميم العملاء أو تصفية صحافيين معارضين للنظام.
الفرق ربما يكمن في أن دول الغرب ما زالت تتعامل مع تصفية صحافيين على أيدي نظام عربي كظاهرة مثيرة للغضب، ولكن ليست أمرًا غير مقبول، كذلك فإن القتل نفذ على أراضي دولة إسلامية التي هي بنفسها تتعامل مع الصحافيين مثلما تتعامل مع المجرمين منذ الولادة. روسيا في المقابل تعتبر جزءًا من العالم «الثقافي»، ونفذت تصفياتها في قلب أوروبا. بالمقابل، تعتبر السعودية دولة مؤيدة للغرب، لكونها عضوة شرف في الحلف المناهض لإيران. وبناء على ذلك، ورغم أنها بعيدة عن قيم الغرب، إلا أنها تحظى بتخفيض الأعضاء مقابل روسيا أو الصين، اللتين تقفان في جبهة المقاومة للغرب.

تسفي برئيل
هارتس 21/10/2018

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا

Essa

The post الرواية السعودية عن موت خاشقجي تدخل ترامب في شرك appeared first on بتوقيت_بيروت ..



from صحف – بتوقيت_بيروت . https://ift.tt/2CvRJ1D
via IFTTT

0 تعليق على موضوع "الرواية السعودية عن موت خاشقجي تدخل ترامب في شرك"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel