-->
السعودية: اعتراف بالجريمة لتبرئة المسؤولين عنها؟

السعودية: اعتراف بالجريمة لتبرئة المسؤولين عنها؟

السعودية: اعتراف بالجريمة لتبرئة المسؤولين عنها؟

اعترفت السعودية بقتل جمال خاشقجي وذلك بعد 17 يوماً من إنكار علاقتها باختفاء الصحافي البارز منذ دخوله قنصليتها في إسطنبول في الثاني من الشهر الجاري تشرين الأول/أكتوبر.
قال الاعتراف إن خاشقجي توفّي خلال مشاجرة بالأيدي مع 15 مسؤولاً أمنياً كانوا يحققون معه. لقي الاعتراف تصديقاً أوّليا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (الذي كان أوّل من أوحى للسلطات السعودية بهذا المخرج بالحديث عن «قتلة مارقين»)، وإشادات رسميّة من 10 دول عربية بـ «شفافية» السلطات السعودية.
لكن الاعتراف المتهافت لقي تكذيبا لاحقاً من مسؤولي دول كبرى في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا نفسها (واضطر ترامب أيضاً للتراجع وتأكيد وجود أكاذيب في الرواية) وهو، على ما يبدو، ما دفع مسؤولا سعوديا آخر، لم يكشف اسمه، لتقديم رواية جديدة معدّلة لوكالة رويترز للأنباء لا تقلّ تهافتا عن الأولى لكنّها تعترف، تلميحاً، بأن الرجل تم قتله خنقاً وتضيف عليها تنويعة جديدة تقول إن أحد رجال الاستخبارات السعودية لبس ثياب القتيل وخرج من القنصلية (لتضليل العالم أو السلطات التركية أو كاميرات المراقبة).
إضافة إلى ما اثارته العملية من تشكيك في أهليّة المسؤولين الكبار في السعودية على تنفيذ عمليّة «سرّية» بهذه الركاكة فقد كان المتوقع بعد أكثر من أسبوعين من الإنكار أن تتقدّم الرياض برواية أكثر تماسكاً من قصة المشاجرة (أو الخنق)، ووجود أمر للمسؤولين الأمنيين بالتفاوض مع المعارضين لإعادتهم، فهذه الرواية لا تفسّر وجود صلاح محمد الطبيقي، رئيس قسم البحث الجنائي في وزارة الداخلية السعودية المختص بالتشريح ضمن الفريق الأمنيّ مسلّحا بمنشار لتقطيع العظام.
ليس من المعروف طبعاً قيام سلطات الدول العربية بالاعتراف بالجرائم التي ترتكبها والواضح أن الاهتمام العالميّ الكبير بالجريمة، والضغوط الدولية والإعلامية على الرياض، لم تترك أمامها سوى القيام بهذه «السابقة» الغريبة: الاعتراف بارتكاب جريمة.
من المعروف في إجراءات القضاء في أغلب دول العالم، أن يطالب الادعاء العام المتهم بالاعتراف بجريمته مقابل التخفيف من الحكم عليه فهل ينطبق هذا الأمر على ما حصل في السعودية؟
ما تقدّمه الإجراءات يظهر اعتقاداً لدى الرياض بأن هذا الاعتراف سيكون تفريعة لإخراجها من فيض الضغوط الهائلة التي دمّرت مصداقيّتها بشكل غير مسبوق وهو تم التعبير عنه بإلغاء عدد كبير من الدول والمؤسسات العملاقة مشاركتها في مؤتمر «دافوس الصحراء» السعودي، غير أن الواضح أن الهدف الأهم من الاعتراف هو إبعاد التهمة عن وليّ العهد محمد بن سلمان.
لكنّ إبعاد إشارات المسؤولية عن الجريمة عن وليّ العهد السعودي يفترض قدرة أولئك المنفذين، بمن فيهم نائب رئيس الاستخبارات أحمد عسيري، وسعود القحطاني، الذي يعتبر أقرب المسؤولين السعوديين إلى بن سلمان (إضافة إلى ماهر مطرب، المسؤول الأمني المقرّب للأمير) على تنفيذ عمليّة بهذا الوزن، وضد شخصية وازنة مثل خاشقجي، من دون معرفة بن سلمان نفسه، وهو أمر، في نظام كنظام السعودية لا يمكن حدوثه أبداً.
لقد قامت عملية اغتيال خاشقجي على مزيج من الغطرسة الفائقة والاستهتار الفظيع بسيادات الدول واحتقار الإعلام العالمي والتصرّف كعصابات الإجرام المنفلتة من عقالها، وليس من المستبعد أن مجرياتها تمّ تصويرها من قبل المنفذين. أمّا وقد تكشّف لوليّ العهد السعودي ومسؤوليه الأمنيين المقربين أن العملية «السرّية» قد فضحت بكل تفاصيلها المرعبة، وفوجئ برد الفعل العالمي الهائل ضده شخصياً، فقد صار لازما تدمير الدليل والتحفظ على كل من شارك في العملية.

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا

Essa

The post السعودية: اعتراف بالجريمة لتبرئة المسؤولين عنها؟ appeared first on بتوقيت_بيروت ..



from صحف – بتوقيت_بيروت . https://ift.tt/2Alouxi
via IFTTT

0 تعليق على موضوع "السعودية: اعتراف بالجريمة لتبرئة المسؤولين عنها؟"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel