-->
دولة إسرائيل محاطة بغزة

دولة إسرائيل محاطة بغزة

دولة إسرائيل محاطة بغزة

القاموس الملتوي لفترات الحرب مرة أخرى يبحث عن نفسه. ماذا نسمي ما يجري الآن بين إسرائيل وقطاع غزة. إطلاق نار متبادل؟ مواجهة عنيفة؟ ربما حرب؟ لا، هذه ليست حرباً، بصورة مطلقة محظور تسمية هذا الوضع حرباً، لأن الحرب هي فشل. فشل الردع، وهزيمة سياسة الإغلاق، وتنازل عن خيار التسوية، وبالأساس، المعنى هو استسلام نتنياهو لطلبات افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت.
الحرب تقتضي انتصاراً، والانتصار يقتضي تحديد أهداف. من الأفضل أن نسمي هذا الأمر الذي تورط فيه الجيش الإسرائيلي في عملية سرية واضطر إلى القيام بالقصف من أجل إنقاذ الجنود، تصعيداً. تصعيداً لا يقتضي انتصاراً، هو بالإجمال رد على رد، ليس له هدف محدد سوى زيادة الحدة. ليس إسقاط حماس أو احتلال غزة، وليس تدمير البنى التحتية المدنية وقتل آلاف الأشخاص، بل هو بالإجمال استعراض قوة، حيث تبدأ الجهود للتسوية بعده كالعادة.
المشكلة هي أنه لم يبق الكثير من الزبائن لاستعراض القوة هذا. مواطنون إسرائيليون الذين هم محبوسون منذ أربعة أيام في الملاجئ وفي الغرف الآمنة لم يعودوا يتأثرون كثيراً بحقيقة أن الجيش الإسرائيلي يقوم بقصف غزة. صافرات الإنذار تخيفهم أكثر من الهدوء الذي تلقيه عليهم طلعة أخرى من طلعات الطائرات القتالية. حماس لا تحتاج إلى إثبات على قوة الجيش الإسرائيلي، ولكنها ملزمة بالإثبات لجمهورها أن هناك من يحارب من أجل شرفه.

يبدو أن الانطباع الأشد يمارسه هذا القصف على وزراء الحكومة المنقسمين بين من يؤيدون حرباً «لمرة واحدة وإلى الأبد»، ومن سبق ورأوا الكثير جداً من «انتصارات حاسمة». هؤلاء وأولئك يعرفون بأنه ليس بالإمكان أن يكون هناك انتصار كامل، لأن انتصاراً كهذا معناه إعادة احتلال غزة، الذي من المتوقع أن تجد فيه إسرائيل هزيمة مطلقة داخل أزقة مليئة بالمسلحين والعبوات الجانبية ونار القناصة ومدنيين قتلى يجندون ضغطاً دولياً ـ ولم نتحدث بعد عن الجنود الذين سيقتلون ويصابون، وعن الاحتجاجات التي ستبدأ في الظهور في أعقاب ذلك في أوساط الجمهور الإسرائيلي. لأنه طالما أن بلدات غلاف غزة تصاب وتعاني، فإن باقي أعضاء الدولة تواصل أداء دورها كالمعتاد، ولكن عندما يقتل الجنود فكل الدولة تتحول إلى غلاف غزة.
سنكتفي إذاً بمفهوم «تصعيد كبير». هو سيمكن ليبرمان من الإعلان أن حماس ضربت ضربة قاسية، وسيرضي للحظة بينيت، كما أنه سيمكن نتنياهو من العودة بسرور إلى «التسوية»، مع المسؤول الحقيقي في غزة.
«تصعيد كبير» يخلص أيضاً الجيش الإسرائيلي من الشرك السياسي الذي جر إليه مؤخراً. المواجهة بين رئيس الأركان غادي آيزنكوت وبينيت التي جرت في جلسة الكابنت في تموز الماضي ما زالت تدوي. بينيت سأل لماذا لا نطلق النار مباشرة على مطلقي البالونات الحارقة، وآيزنكوت سأل إذا كان يقترح إلقاء قنبلة على مطلقي الطائرات الورقية. بينيت رد بالإيجاب، وعندها عرض رئيس الأركان تبريراً غريباً: «هذا يخالف موقفي العملي والقيمي». مع رئيس أركان كهذا لا يمكن شن حرب اختيارية. ولكن الآن توجد له يد «تنفيذية» و«قيمية» حرة. لأن تصعيداً غاضباً أمام صواريخ يعدّ أمراً مشروعاً حتى لو جاء بسبب فشل عملياتي. هناك مشكلتان صغيرتان مع التصعيد: هو ليس ثابت ولديه ميل للتحول إلى حرب، لأن مجرد الانحراف إليه يدل على فقدان الردع، كما أن السيطرة عليه لن تكون من قبل طرف واحد فقط حتى لو كان هذا الطرف يطير بطائرات متقدمة.
هذا التصعيد لم يكن يحتاجه الواقع. هو نتيجة الخوارزمية التي تشغل نظام الردود التلقائية للحكومة، ويمكن وقفه على الفور، بل يجب ذلك. له بديل ـ التسوية ـ التي كانت على شفا التوصل إليها قبل بدء الهياج. الجيش الإسرائيلي كان أحد القوى المحركة القوية لتشكيلها. ويستطيع أيضاً أن يحدد للحكومة متى يكفي. لن يكون هذا ضعفاً، بل تعبيراً عن المسؤولية.

تسفي برئيل
هآرتس 14/11/2018

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا

Essa



from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2DpakwL
via IFTTT

Related Posts

0 تعليق على موضوع "دولة إسرائيل محاطة بغزة"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel