-->
قمة الأرجنتين: الصاعدون والهابطون… والعالقون!

قمة الأرجنتين: الصاعدون والهابطون… والعالقون!

رغم أن قمة الأرجنتين هي اجتماع للعشرين دولة الأقوى اقتصاديا لكنّها تلخّص أيضاً الوضع السياسيّ للعالم كما أنها مؤشّر مفيد لقراءة حيثيات الصعود والهبوط في بورصة القوّة والمكانة والنفوذ والغنى في العالم.
لا يمكن، في هذه القمّة، إخفاء حقيقة ما تعنيه المصاعب الكبيرة التي تتعرّض لها النظم الديمقراطية حاليّا، كما أن النظم المستبدة التي تتغنى بالاستقرار في بلادها لا تستطيع إخفاء وجود أزمات بنيوية كبيرة مقبلة.
على رأس «القمّة» سيكون لدينا دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الذي يمثّل البلد الأغنى والأقوى، والذي حُشر خلال الاجتماع في موقع لا يرغب فيه، فقد اضطرّه تصاعد الأزمة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا إلى إعلان عدم رغبته في مقابلة نظيره الروسيّ فلاديمير بوتين المحبّب إلى قلبه (لكن روسيا قالت إن المقابلة ستتم)، كما أنه، تحت وطأة أزمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، أعلن ايضاً أنه لن يقابل وليّ العهد حليفه السعودي المدلّل محمد بن سلمان، ويبدو أن إقامة الأخير ستكون محفوفة بالإهانات وربما المخاطر مع إعلان النيابة العامة الأرجنتينية طلب معلومات من تركيا واليمن للبت في ملف دعوى حول اعتقاله!

في المقام الثاني سيكون الرئيس الصيني شي جيبينغ حاضراً، وسيحضر معه طبعاً حال التوتّر مع واشنطن وإجراءاتها الاقتصادية القاسية التي تحاول بكين مواجهتها بطرق تجمع بين الاقتصاد والسياسة وبعض المماحكات العسكرية، وعبر علاقاتها مع روسيا وكوريا الشمالية وإيران وتركيا مؤخرا، وستحضر في الخلفيّة مشاريع بكين التي تجمع بين التجارة والسياسة والتي ستحدّد إلى حدّ كبير سياقات الجغرافيا السياسية في العالم خلال العقود المقبلة.
كما تحضر اليابان، التي أخلت طريق الصعود للصين خلال العقد الأخير، فهبطت في مؤشر القوة الاقتصادية للمرتبة الثالثة، وليس من المتوقع أن تعاود الصعود قريبا لكنّها، مع حليفتها أمريكا، قادرة على لعب دور كبير في كبح طموحات الصين وروسيا.
في المقام الرابع ستأتي أنغيلا ميركل، التي ما زال اقتصادها يتمتّع بالعافية ويحتاج مئات آلاف المهاجرين، ولكنّها، ستغادر الحلبة قريباً لأنها اتخذت ذلك القرار الاستراتيجي نفسه باستقدام مئات آلاف المهاجرين!
وبعدها ستأتي الهند، التي سجّلت نموا عاليا يقدّر حجمه بـ2.87 تريليون دولار، ولكنّها كنظيراتها تعاني من ارتفاع المدّ اليميني المتطرّف، وإذا قاد البلاد بعيداً عن الديمقراطية ونحو أزمات سياسية فهي سائرة بالضرورة نحو الهبوط.
ستأتي رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي المثقلة باحتمالات الاتفاق (أو عدم الاتفاق) على الخروج من الاتحاد الأوروبي في وقت كشف فيه وزير الخزانة فيليب هاموند عن سيناريوهات قاتمة للاقتصاد ستطارد البريطانيين لعشرات السنين، وسيأتي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تطارده الإضرابات في بلاده، وإيطاليا التي تعاني أزمة بنيوية عميقة، كما ستأتي دول أوروبية وغير أوروبية منها البرازيل، ولو من دون رئيسها الجديد جاير بولسونارو الذي يمثّل شكلا جديدا من العنصرية المتطرفة التي تعبّر عن أزمة سياسية واقتصادية عميقة.
من منطقتنا سيحضر الرئيس رجب طيب إردوغان وقد سجّل نقاطا سياسية واقتصادية تحتسب لبلاده، فخرج من أزمة العقوبات الاقتصادية الأمريكية وهبوط سعر الليرة، كما أنّه ثبت تحالفه مع الحركة القومية، وأدى تقاربه مع روسيا إلى إنجاز مرحلة كبيرة من مشروع السيل لنقل الغاز إلى أوروبا، وافتتح واحدا من أكبر المطارات في العالم.
كما سيحضر بن سلمان والذي يجرجر عجزا كبيرا في الميزانية وحربا في اليمن تستنزف قرابة 7 مليارات دولار في الشهر و35٪ نسبة بطالة وفشلا في مشاريع اقتصادية كبيع حصة من أرامكو وفوق ذلك كلّه يحمل جثّة خاشقجي الثقيلة ومطاردة العالم له.
في قمّة الأرجنتين يحضر عالم جديد غامض ومخيف سيعيد، خلال حقبة تاريخية قصيرة، ترتيب القوائم ومقامات الصاعدين والهابطين والعالقين.

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا


Essa



from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2r9RXoj
via IFTTT

Related Posts

0 تعليق على موضوع "قمة الأرجنتين: الصاعدون والهابطون… والعالقون!"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel