
وسيط حاول تجنيد إيهود باراك لصفقة سايبر هجومية مع السعودية

«سيد باراك، يسرني ويشرفني التحدث مع حضرتكم سيدي»، هكذا سمع صوت الوسيط في المكالمة الهاتفية التي أجراها عام 2015 من اتحاد الإمارات. «لدينا فرصة تجارية هامة»، قال الوسيط لرئيس حكومة إسرائيل ووزير الدفاع السابق ـ وبدأ بالتفصيل: «الحكومة السعودية التقتنا قبل سبعة أسابيع في دبي. لقد جاءوا لرؤية عرض تقني لحلول سايبر واعتراض. لقد حظيت بثقة رقم 2 ورقم 3 بعد الملك. المقصود هو وزير الدفاع وشقيقه»، أشار الوسيط. هذا وهو يقصد محمد بن سلمان الذي أصبح في 2017 ولياً للعهد السعودي. ويشمل أيضاً وزير الدفاع الذي يعتبر اليوم الرجل المؤثر في المملكة، وكذلك شقيقه خالد.
إن استخدام الرجل العسكري والسياسي الإسرائيلي بسبب الهالة التي راكمها في خدمته العامة لصالح صفقات تجارية ليس جديداً، إلا أن القصة يمكن أن تكشف أكثر من مجرد فرصة تجارية. يدور الحديث عن مؤشر آخر على الحلف الذي تم نسجه بين إسرائيل والسعودية ـ من التغييرات الهادئة والهامة في حياة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، التي أمكن تحققها على خلفية العداء المشترك لإيران، وأيضاً بفضل التكنولوجيا الاختراقية والتجسسية التي طورت في إسرائيل وعني بها الجيران.
محدث إيهود باراك ذكر اسم الشركات التي تهم تكنولوجيتها السعودية بشكل خاص. شرح الوسيط بأن هدف التوجه إليه هو إقناعه بأن يعين في وظيفة تمثيلية في الشركة التي أقامها، في محاولة لعقد صفقة لبيع تكنولوجيا سايبر هجومية تساعد السعودية على اختراق مكالمات هاتفية لمواطنين سعوديين وأعدائها.
الوسيط شرح بأن الأمر يتعلق بموضوع لا يناسب مكالمة هاتفية: «يجب أن أوضح لك ذلك في لقاء ثنائي»، قال، ولكن وعلى الفور أضاف إشارة تقلص مجال الشك أكثر: «من أجل نجاح ذلك، سموه يريد أن يتم ذلك بطريقة معينة، وأنا أفترض أنك تفهم إلى أين يذهب هذا، هناك دائماً أفضلية اقتصادية لأشخاص في صفقة بهذا الحجم».
شاهد أيضا
الوسيط: «سيد باراك، يجب عليك أن تفهم أن هناك صيغة معينة، وأنا لا أستطيع الدخول في التفاصيل لأنك تعرف مكاني الآن».
باراك يعمل كشخصية عامة، ويعبر عن مواقفه المتعلقة بمسائل سياسية واجتماعية في وسائل الإعلام وفي الشبكات الاجتماعية. في الوقت نفسه، هو رجل أعمال خاص له طموحاته، جزء صغير منها معروف للجمهور، مثل دوره كرئيس لشركة القنب الطبي العامة «انتر كيور»، في حين ثمة مصالح كثيرة لباراك خفية عن العين.
يكشف التسجيل ضمن أمور أخرى خبرة باراك في صناعة السايبر الإسرائيلية، وخبرته ومعرفته لأنواع المنتجات والموردين. معظم زبائن هذه الصناعة هم حكومات بما فيها تلك التي تمثل دولاً عربية ليس لها علاقات رسمية مع إسرائيل.
في الأشهر الأخيرة، صرح باراك أكثر من مرة حول العلاقات مع هذه الدول، وضمن أمور أخرى، قال باراك إن من يسخن العلاقات مع دول المنطقة هي شركات خاصة تسوق لها التكنولوجيا، في الوقت الذي ـ حسب رأيي ـ يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن ينسب لسياسته هذه الإنجازات.
المحامي والزوجة و«توصيات من الأصدقاء»
الصفقة التي أراد الوسيط عقدها لم تخرج إلى حيز التنفيذ في نهاية المطاف، ولكن واصل بعدها السعوديون إبداء الاهتمام بأمور سايبر مشابهة، وكما نشر هذا الأسبوع في «هآرتس»، فإن السعودية أجرت مفاوضات مع شركة السايبر الإسرائيلية «ان.اس.أو» بعد سنتين خلال سنة 2017.
في عام 2015 تلقى رئيس الحكومة الأسبق عرضاً لمساعدة الرياض في الحصول على تكنولوجيا حساسة
تسجيلات المكالمة بين الوسيط وباراك كشف عنها للمرة الأولى في التحقيق الذي نشره كاتب هذا المقال والصحافية اسنات نير في برنامج «أرض حرام» في قناة «كان». ولكن في الوقت نفسه لم يكن بالإمكان النشر، لأن المفاوضات كانت تمس ببيع تكنولوجيا للسعودية، وكذلك لم يكن بالإمكان نشر تفاصيل تتعلق بهوية الأشخاص ومضمون الطلب الذي أرسله «سموه»، حسب أقوال الوسيط.
في مكالمة هاتفية مع باراك في 2015 أوضح الوسيط بأنه يتحدث بالأساس مع محامي يمثل وزارة الدفاع السعودية، وهو مواطن بريطاني من أصل يهودي. «لقد حظيت بثقة محاميهم»، قال الوسيط، «لقد أرسل طلبا رسميا من أجل القدوم إلى إسرائيل لرؤية هذه الأجهزة لأنه سيكون هو عين وأذن السعوديين في الصفقة».
«لصالح من تعمل أنت؟»، سأل باراك، وذكر أسماء عدد من شركات السايبر التي خمن أن الوسيط موظف فيها. أوضح الوسيط أنه يعمل لصالح نفسه فقط، وأكثر دقة، لصالح زوجته، وحينئذ ذكر اسمها الكامل وانفجر ضاحكاً.
«وكيف حددت أن هؤلاء الموردين هم الشركاء الإسرائيليون المناسبون لك؟»، سأل باراك. «لقد حصلت على الاستشارة من أشخاص مقربين مني، توصيات أصدقاء»، قال الوسيط، مضيفاً بأنه التقى ممثلي إحدى الشركات: «أعرف أن التكنولوجيا خاصتهم تم تركيبها في دول لا يمكننا الحديث عنها هنا، لأننا على شبكة الهواتف المحمولة، ويبدو أن هذا حل شامل»، حاول الوسيط إرضاء باراك.
الشركات التي ذكرها باراك والوسيط في المكالمة الهاتفية تقوم بتطوير قدرات تنصت ومراقبة لمكالمات هاتفية. هذه تكنولوجيا هدفها التمكين من التنصت العام على عدد كبير من المكالمات في الوقت نفسه، من خلال تشغيل خوارزمية ذكية تظهر مكالمات مشبوهة وفقاً لـ «كلمات ساخنة»، تكون محددة مسبقاً.
«ان.اس.أو» تلك الشركة، التي حسب ما نشر في هآرتس هذا الأسبوع، واهتم السعوديون أيضاً بمنتجاتها، تقوم بتطوير تكنولوجيا مختلفة تركز على عدد أقل من الأهداف المحددة التي تم تحديدها مسبقاً، مثلاً، برنامج «باكسوس» الذي طورته الشركة يمكن من الاختراق والسيطرة عن بعد على الهاتف المحمول من كل الأنواع، من خلال تشغيل الميكروفون والكاميرا والـ جي.بي.اس لصالح التجسس على صاحب الهاتف.
هذه هي قناتنا
أثناء المحادثة مع الوسيط، اهتم باراك بمكان وجود الشركة التي من المخطط تنفيذ الصفقة بواسطتها. «أين هو كيانكم القانوني»، سأل، «في إسرائيل؟ لندن؟ أبو ظبي؟ سنغافورة؟». أجاب الوسيط بأن له ثلاث شركات، وأعطى تفاصيل عن مكان وجودها.
يبدو أن الوسيط كان مصمماً على تجنيد باراك للشركة التي يمتلكها. قبل إنهاء المكالمة تحولت أقواله إلى تملق واضح لرئيس الحكومة الأسبق. «سأقول لك لماذا أتوجه إليك. لدينا عدد من الأصدقاء المشتركين الذين يحترمونك بلا حدود، وسأشرح لك ذلك عندما نلتقي وجهاً لوجه. إن اسمك فقط وصورة السيد إيهود باراك، سيهز الغرفة. أنت السيد أمن ومثقف جداً وسمعتك الشخصية نقية وأنت رئيس حكومة سابق»، قال الوسيط متملقاً.
«عندما أتحدث مع هذا المحامي (محامي وزارة الدفاع السعودية) يقول لي: اسمع، أنا أعرفك، لكنني أريد رؤية من تكون في إسرائيل. عندما سأصل أريد الالتقاء مع أشخاص في المستويات العليا، بحيث نستطيع إرسال رسالة إلى محمد بن سلمان والقول له: لقد وجدنا رجلك، هذا هو قناتنا»، قال الوسيط.
في نهاية المكالمة، اتفق باراك ومحدثه على الالتقاء والاستمرار في بحث الصفقة المقترحة. واللقاء بينهما جرى حقاً في إسرائيل بعد بضعة أسابيع من ذلك. في اللقاء رفض باراك اقتراح ذلك الوسيط، الذي ـ كما هو معروف ـ لم ينجح في ترتيب زيارة لمحامي وزارة الدفاع السعودية في إسرائيل، ولم ينجح أيضاً في إتمام الصفقة مع السعودية.
باراك لم يكن مشاركاً في إعطاء «أفضلية اقتصادية» لقمة النظام في السعودية في إطار الصفقة كما طلب «سموه» على ما يبدو. في الأصل، كما هو معروف، لم تكن هناك صفقة بين الطرفين، ولكن باراك التقى الوسيط بعد أن اقترح عليه الأخير إمكانية إعطاء «أفضلية اقتصادية» حسب طلب المملكة. هذا تفصيل يجدر ذكره في المرة القادمة التي سيتحدث فيها باراك عن خطورة «صفقة الغواصات» (ملف 3000)، التي فيها حصل مقربو نتنياهو، حسب الاتهام، على «امتيازات اقتصادية» في صفقة أمنية كبيرة.
ومن باراك جاء رد على ذلك: «حسب اختياره، لم يعمل باراك في أي يوم في مجال السلاح والجيش أو الأجهزة الأمنية، وفي أي مرحلة من نشاطه التجاري. بصورة طبيعية يأتي إليه عشرات الأشخاص كل أسبوع، سواء شفوياً أو خطياً أو هاتفياً، مع أفكار مختلفة وكثيرة. إذا تبين له ـ مثلما حدث في الحالة التي تظهر في النبأ ـ أن الأمر يتعلق بأشخاص لا يجدر أن يعمل معهم أو يتعلق بمواضيع غير مهمة بالنسبة له، فإن المحادثة أو اللقاء ينتهي بصورة مؤدبة، ولكن بدون أي شيء. هكذا كان في الحالة التي تظهر في التحقيق، ويتبين أن الأمر انتهى بهذا الشكل».
غور مغيدو
هآرتس 28/11/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2FO22By
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "وسيط حاول تجنيد إيهود باراك لصفقة سايبر هجومية مع السعودية"
إرسال تعليق