
على شفا حرب

الخلل الذي حدث في العملية التي نفذتها قوات خاصة إسرائيلية في عمق قطاع غزة عادت وقربت الطرفين من شفا الحرب. ومثلما هي الحال في جولات التصعيد السابقة فإن الرد الشديد والواسع لحماس على العملية قوبل بدهشة ما في إسرائيل. وهو رد مناقض للإشارات التي تبثها قيادة حماس عن الرغبة الاستراتيجية في التهدئة.
في المواجهة بين القوة الخاصة ورجال حماس في شرق خانيونس قتل ضابط إسرائيلي وأصيب ضابط احتياط. في الجانب الفلسطيني قتل سبعة أشخاص. رد حماس جاء بعد الظهر: إطلاق كثيف للصواريخ على النقب، وخلاله إطلاق صواريخ مضادة للدروع على حافلة في غلاف غزة، أصيب بسببها جندي بإصابة بالغة. إسرائيل ردت بهجوم واسع لسلاح الجو ضد أهداف لحماس والجهاد الإسلامي. مع ذلك، تحاول مصر والمجتمع الدولي الآن التوسط بين الطرفين بهدف منع اندلاع حرب.
السؤال الفوري الذي يثور على ضوء هذه العملية هو لماذا الآن؟ هذه العملية نفذت في ذروة جهود مستمرة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعيد المدى في القطاع، وفي الوقت الذي شارك فيه رئيس الحكومة في مؤتمر سياسي في فرنسا، وبعد ساعات من شرحه في خطابه المقنع جداً بأنه يجب بذل كل الجهود للتوصل إلى اتفاق في غزة وعدم الانجرار إلى حرب.
الجيش الإسرائيلي لم يقدم تفاصيل كثيرة، لكن يمكن أن تكون هذه عملية لجمع المعلومات التي يمكن أن تكون مرتبطة بالبنية العسكرية لحماس (شبكة الأنفاق أو نظام لتطوير السلاح). المعركة بين حربين؛ إذ تستغل إسرائيل الفوضى في العالم العربي للقيام بعدد كبير من عمليات مشابهة وراء الحدود. الأغلبية العظمى من هذه العمليات لا يتم كشفها ولا يعلم عنها الجمهور.
شاهد أيضا
وحدات مختارة
من التفاصيل الأولى عن العملية التي وصلت للصحيفة يتبين أن المقاتلين هم من وحدة مختارة، تم كشفهم من قبل قوة حماية لحماس في قرية عبسان، وهي منطقة زراعية على مدخل خانيونس. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد رونين منلس، قال إن القوة كانت في ذروة «نشاط متواصل». المقدم م. قائد القوة قتل في التبادل الأول لإطلاق النار، نائبه، ضابط في الاحتياط برتبة رائد، أصيب ولكنه نجح في قيادة باقي المقاتلين إلى أن تم اتصالهم بقوات الإنقاذ.
المحاربون على الأرض ردوا على إطلاق النار ونجحوا في إصابة عدد من نشطاء حماس. وبعد ذلك تم إنقاذهم بمساعدة سلاح الجو الذي هاجم عدداً من الأهداف في المنطقة. مصادر فلسطينية قالت إن المقاتلين خرجوا من القطاع بواسطة طائرة مروحية، وهذا ادعاء صادق عليه لاحقاً الجيش الإسرائيلي، وأن الجيش الإسرائيلي قصف من الجو السيارة التي خلفوها وراءهم. في القطاع تم التقاط صور وأفلام فيديو قصيرة لسيارتين محترقتين.
مصر ودول أخرى تعمل على تهدئة النفوس بعد إطلاق كثيف للصواريخ نحو إسرائيل
الضابط الجريح أصيب برصاصة اخترقت ظهره وأصابت أمعاءه بجانب شريان رئيسي. كان هناك صعوبة في تضميده في الميدان، وقد نزف كثيراً. ولكن الإخلاء السريع ساعد على إنقاذ حياته. أخلي المصاب في وضع صعب إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع، وهناك أجريت له عملية جراحية ووضعه تحسن ووصف بأنه متوسط. وهو الآن واع وقد تحدث مع أبناء عائلته.
في الجيش الإسرائيلي تنفسوا الصعداء مساء أمس لسببين: الأول، على خلفية حقيقة أن حياة الجريح أنقذت، والثاني، النتيجة النهائية التي لم يكن فيها مصابون أكثر. أي خلل أكثر في العملية ووقوع عدد أكبر من المصابين وحتى المخطوفين. هذا الأمر كان سيعتبر حدثاً استراتيجياً وسيؤدي إلى تصعيد كبير. إسرائيل في السابق جرت إلى وضع كهذا في المنطقة، مرتين خلال أقل من شهر، في صيف 2006 عند اختطاف جلعاد شاليط، وبعد ذلك اختطاف رجال الاحتياط في بداية حرب لبنان الثانية.
اختطاف جندي من وحدة مختارة كان سيزيد تداعيات الحدث بصورة أكبر إزاء الخطر الاستخباري الذي يكتنف ذلك. وإصابة صاروخ مضاد للدروع للحافلة أيضاً يجب أن تشعل إشارات الإنذار. حماس سبق لها أن وضعت في السابق كمائن مشابهة من أجل إصابة جيب عسكري وحافلة قرب جدار الفصل في القطاع.
في الحالات التي يتوقع فيها رد محتمل لحماس، يبدو أنه كان على الجيش الإسرائيلي اتخاذ وسائل حذر مسبقة من أجل تقليص الخطر على حياة الجنود، في هذه الحالة أصاب الصاروخ الحافلة في الوقت الذي كان فيه الجنود يقفون قربه.
لا يجب إلقاء كل شيء على نتنياهو
مصادر أمنية قالت أمس إن قضية إنقاذ القوة كانت أمراً «يوقف شعر الرأس». وأن الشجاعة التي أظهرها المقاتلون على الأرض والقوات التي ساعدت في الإنقاذ، منعت خسائر إضافية. ولا يقل عن ذلك روعة هوية القتيل والمصاب، التي بتوجيه استثنائي من الرقابة بقيت سرية. عندما نربط بين تفاصيل العملية والخلفية الشخصية للضابطين يصبح لدينا سيناريو لو تم عرضه في مسلسل تلفزيوني فبالتأكيد كان سيرفض بذريعة أنه خيالي جداً.
وكما هي العادة اليوم، أثارت العملية نقاشاً سياسياً قبيحاً وفظاً في الشبكات الاجتماعية. سياسيون وصحافيون ومغردون تشاجروا فيما بينهم باتهامات متبادلة بشأن مسؤولية الحكومة عن فشل العملية، وعدم إخلاص المعارضة والطريقة التي أثرت فيها العملية على الخلاف الذي ثار في الصيف الماضي حول صيغة قانون القومية. ميخال كاستن ـ كيدار، أرملة المقدم دولب كيدار الذي قتل في عملية الجرف الصامد قبل أربع سنوات، قدمت ملاحظة محقة: موت المقدم م. هو أمر يعود لعائلته وليس للسياسيين.
رئيس الحكومة السابق إيهود باراك وجه انتقاد لغياب نتنياهو عن البلاد أثناء عملية حساسة جداً. ولكن مثلما قاد باراك بنفسه مئات العمليات مثل هذه العمليات، يعرف جيداً أن نتنياهو هو جزء من مجمل المصادقات المسبقة للعملية، لكن لا يستطيع أن يبقي نفسه في إسرائيل في كل مرة يتم فيها تنفيذ عملية خاصة. هذا لا يبرئ نتنياهو من قضية أخرى؛ الاستخفاف بالوظيفة الذي يقطر من قراره تعيين الوزيرة ميري ريغف القائمة بأعمال رئيس الحكومة أثناء غيابه عن البلاد.
خط مستقيم يصل بين التعيين المؤقت والثمين للمتملقة رقم واحد، وبين إرسال المتملق رقم 2 كممثل للحكومة للمشاركة في جنازة المقدم م. في شمال البلاد. ومجرد حضور الوزير أيوب قره في المكان أثار غضب الكثير من المشاركين. ومن الجيد أن الوزير نفتالي بينيت جاء أيضاً من أجل تأبين الضابط القتيل.
في هذه الأثناء، اندلع خلاف آخر بسبب تصميم الرقابة على إبقاء هوية القتيل والمصاب سرية. الجيش الإسرائيلي اتخذ خطوة مشابهة فقط بشأن نشر صورة ضابط دورية هيئة الأركان، المقدم عمانوئيل مورينو، الذي قتل في عملية في لبنان بعد نحو أسبوع من انتهاء الحرب في 2006. ولكن هذا المنع المتشدد لا يناسب في وضع فيه هربت كل الخيول من الإسطبل منذ فترة ـ في الشبكات الاجتماعية وبما في ذلك في غزة، تم نشر اسمه وصورته وتفاصيله الشخصية. أيضاً معلومات المصاب تنتقل من شخص إلى آخر وتثير انفعالاً مفهوماً في أوساط الكثير من المواطنين. الجهود التي بذلت من أجل حماية تفاصيل هذه المعلومات فشلت منذ ساعات الصباح الباكرة، لقد كان من الأفضل لو أن جهاز الأمن ركز جهوده على الحفاظ على سرية ما هو هام حقاً، وما يمكن إبعاده عن أعين الجمهور في إسرائيل، خاصة عندما أصبح العدو نفسه يعرف هذه المعلومات.
عاموس هرئيل
هآرتس 13/11/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2QFksFC
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "على شفا حرب"
إرسال تعليق