
مساعي التسوية: دعوا الجيش ينتصر

قبل لحظة من النار التي نشبت أمس، كان من الصعب التصديق، ولكن التاريخ لعب في صالحنا: حركة «السلام الآن» ولدت من جديد داخل الليكود. وبقيت النداءات متشابهة: «السلام يصنع مع الأعداء»، «خير الاحتواء على الحرب»، «ينبغي استنفاد كل الإمكانيات»، وربما الحجة الأكثر مفاجأة هي أنه «لا معنى للقتال، لأنه في كل حال سنعود إلى النقطة ذاتها».
بالمقابل، فإن اليسار الإسرائيلي مع انفصام للشخصية شديد بقدر لا يقل: مؤيدو السلام والحل الوسط يؤيدون فجأة اليد الحديدية والحملة العسكرية مع مئات القتلى في الطرف الفلسطيني، باستثناء أن نتنياهو الآن مثابة ما كانوا هم عليه. بشكل نظري بالطبع. وقد حصل هذا ليلة أمس؛ إذ إن الواقع هنا بات يخلط الجميع.
«دعوا الجيش الإسرائيلي ينتصر»، كان هو الشعار الذي اخترعه اوري ارئيل الذي كان في حينه في مجلس يشع للمستوطنين في وجه قرار القيادة السياسية احتواء الإرهاب في الانتفاضة الثانية. كانت هذه معركة أيديولوجية ـ فلسفية يقف خلفها مختبر تجارب كامل في الدم. قبل عشر سنوات نشر مع البروفيسور زكي شالوم كتاباً بهذا العنوان، بحثاً أكاديمياً جافاً ومليئاً بالمعطيات والاقتباسات. من جهة، كانت تصريحات السياسيين والصحافيين والأدباء من اليسار ممن ادعوا بأنه يمكن الانتصار على الإرهاب. النماذج كلها ضدنا. هكذا ادعوا في كل مكان في العالم وتراجعت الدول القوية في مواجهة منظمات الإرهاب والعصابات. الأمريكيون في فيتنام، والسوفيات في أفغانستان، والفرنسيون في الجزائر، وحتى نحن انسحبنا من لبنان إذ لم يكن مفر.
تجدني واعياً لحقيقة أنه لم يعد شعبياً تبني الآراء الشخصية، فالأيديولوجيا اليوم هي نتنياهو ـ هل أنت معه أم ضده. ومع ذلك، أجد صعوبة في أن أتحرر من المفاهيم التي كانت في حينه. من لم يرغب في الحسم العسكري ومن لم يرغب في أي شيء آخر، سيجد نفسه في حملة عسكرية دون حسم. ليس الآن، إذن غداً.
شاهد أيضا
لقد كان إدخال قطر إلى الصورة لغزاً أيديولوجياً لا يقل غرابة. فمنذ زمن غير بعيد انضممت إلى رفاقي من المعسكر الوطني في انتقاد بناء استاد من أموال قطر. دولة تعطي رعاية لقيادة حماس مع خالد مشعل ولقادة حركة الإخوان المسلمين ممن فروا من مصر، ولها علاقات مع داعش ومنظمات جهادية أخرى قاتلت في سوريا، إذن احتججنا على إدخال مالهم إلى الاستاد، أما الآن فنحن المشجعون.
أمس، تحدث عن ذلك نتنياهو لأول مرة بصوته. وفي الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة مع إعلام حر فإن معظم الأنباء عن التسوية الغريبة هذه تأتي من حماس. في الكابنت تملصوا من القول إنهم صادقوا على شيء ما حتى الآن. بينيت وليبرمان يدعيان بأنهما عارضا كل واحد بكلماته. نتنياهو يدعي أنهم جميعهم صادقوا، ولا يوجد واحد حتى مستعد لأن يبين ما الغاية الاستراتيجية؟ وما الذي يريدون تحقيقه؟
دعكم من المقترعين الذين يبدو أنهم لا يهمهم ما قالوه أمس وما يقولونه الآن، إذا كان محظوراً أم مسموحاً الحديث مع منظمة إرهاب، وإذا ما كان محظوراً أم مسموحاً احتواء المس بسيادة إسرائيل. ولكن ماذا عن سكان غلاف غزة، الجنود والمواطنين الذي سيستدعون إلى خدمة الاحتياط؟
ماذا تريد دولة إسرائيل؟ فليغفر لي أولئك الذين قرروا الهدف بكلمات نتنياهو، العودة إلى الوراء في الزمن إلى شهر آذار هو هدف ليس له تفسير أو احتمال: في شهر آذار وقفنا أمام حملة مثلما هو اليوم. فقط موضوع حظ.. وصاروخ يسقط في المكان غير الصحيح.
في شهر آذار كانت المشاكل الإنسانية مشابهة، باستثناء أنها كانت أقل قليلاً. مر شهر آذار، ولن تعيده 15 مليون دولار. فدور الجيش الإسرائيلي أن ينتصر ـ هذا ممكن رغم الأقوال الانهزامية ـ أو أن تشرح ما هي الاستراتيجية البديلة.
يوعز هندل
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
The post مساعي التسوية: دعوا الجيش ينتصر appeared first on بتوقيت بيروت.
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2zXogLp
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "مساعي التسوية: دعوا الجيش ينتصر"
إرسال تعليق