
التصعيد في غزة

الرواية المتفق عليها للجولة الحالية هي أن عملية الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة تشوشت عندما اصطدمت بقوة فلسطينية، ومن أجل إنقاذ القوة كانت هناك حاجة إلى استخدام عملية جوية كثيفة تمكن من إنقاذ الجنود. عن سؤال إذا كان هناك حاجة لتلك العملية السرية، قال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي إن «العملية كانت في عمق القطاع، وهي نهاية طرف نشاطات يتم تنفيذها بصورة مستمرة، وهدفها تحقيق التفوق والقدرات الإسرائيلية كما هي موجودة الآن». صحيح أن تفاصيل العملية محظور نشرها، لكن من المسموح التساؤل حول ما الذي كان مستعجلاً بهذا القدر لتنفيذ عملية كهذه، بالتحديد في الوقت الذي كانت إسرائيل وحماس ومصر وقطر يقفون على شفا التوصل إلى اتفاق بشأن تسوية تستهدف منع التدهور الذي حدث في أعقاب عملية الجيش الإسرائيلي.
هل افتراض من خططوا العملية الذين حصلوا ـ حسب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي ـ على موافقة المستوى السياسي، كان أن النجاح مضمون، ولذلك لم تكن مشكلة في تنفيذ العملية، وكما يبدو ليست هي المرة الأولى؟ يجدر السؤال إلام استند هذا الافتراض؟ هل يجب أن نقبل دون شك التفسير الذي يقول إن الأمر لا يتعلق بعملية تصفية محددة، بل بـ «عملية عادية»؟ هل استجاب المستوى الذي يصادق على العمليات إلى طلب الوزير جلعاد اردان الذي يشجع فكرة التصفيات المركزة؟
إزاء التطورات الخطيرة على حدود غزة، ثانية، وبالتأكيد سوف تزيد حدة الخلاف حول الرد المطلوب. هل علينا احتلال غزة أم إيلامها فقط؟ ليس لأن القصف المركز سيجعل حماس تنهار، بل من أجل إقناع الجمهور الإسرائيلي بأن قدرة ردع إسرائيل لم تتضرر. إلا أن الردع تحول في الأيام الأخيرة إلى مفهوم نظري إزاء إطلاق الصواريخ والقذائف الكثيف الذي قامت به حماس تجاه إسرائيل. المنطق السليم يقول بأن تنظيم مرتدع كان سيكتفي بانتقام محلي على قتل ستة أشخاص من رجاله، ولن يحاول استعراض قوة هجوم واسع من شأنها المس بالإنجاز السياسي والاقتصادي الهام الذي حققه ـ المساعدة القطرية التي بدأت تتدفق نحو القطاع.
في إسرائيل وفي غزة يفهمون جيداً قواعد لعب ميزان الردع المتبادل. ومن الواضح لهما أن نهاية المواجهة الحالية هي الجلوس على طاولة المفاوضات، التي فيها مصر ومبعوث الأمم المتحدة وقطر وإسرائيل وحماس سيعودون إلى مخطط التسوية الذي بدأوا في نقاشه، لأن هناك الكثير لدى الطرفين مرتبط به. حماس ستستكمل بواسطة التسوية التحرر من الاعتماد الاقتصادي على السلطة الفلسطينية، وهذا سيحسن وضع غزة الاقتصادي، وبالتالي، القوة السياسية الداخلية لحماس. وسيعزز مكانتها كجسم سيادي معترف به، سواء من قبل إسرائيل التي تعتبرها جهة مسؤولة من كل النواحي، أو من قبل مصر التي فقط قبل ثلاث سنوات كانت تعتبرها منظمة إرهابية تهدد أمنها.
شاهد أيضا
من ناحية حكومة إسرائيل، الانقسام بين حماس وفتح يضمن استمرار الجمود السياسي، واستمرار صلاحية الادعاء الذي يقول إن محمود عباس لا يمثل كل الفلسطينيين. لذلك، حتى لو وافق على استئناف المفاوضات فهو لن يعتبر الممثل الحصري طالما أنه لم ينجح في إخضاع حماس. على المستوى العملي، حماس توفر على إسرائيل الحاجة إلى إدارة القطاع مباشرة، كما سيكون مطلوباً منها أن تعمل لو أنها احتلته مرة أخرى، وهو أسهل التنظيمات العاملة في القطاع من أجل أن تنشئ أمامها ميزان ردع يستند إلى مصالح حقيقية دون أن تدفع ثمناً سياسياً مقابل ذلك.
المشكلة هي أن أرجل التسوية مربوطة بحبال إسرائيل السياسية التي لديها حساباتها الخاصة، فالسياسة تجاه غزة تحولت إلى امتحان للوطنية التي تشرك الجيش الإسرائيلي، الذي يجب عليه تنفيذ القدرة العسكرية. النتيجة هي أن فترة المواجهة الحالية وحجمها وتحقيق الهدوء الذي سيعقبها، لن تتقرر حسب الضرر الذي يسببه القصف في غزة فحسب، بل حسب الهدوء الذي سيتحقق بين بينيت وليبرمان. صوت المنطق يسمع الآن بالتحديد من فم رئيس الحكومة، الذي أوضح بأنه لا يرى أي فائدة في حرب إضافية ضد غزة فقط من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى تسوية أو وقف لإطلاق النار. ولكن الآن سيضطر إلى أن يفحص جيداً ميزان نقاطه أمام هذين الوزيرين أكثر مما هو أمام حماس.
تسفي برئيل
هآرتس 13/11/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2RRTXNj
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "التصعيد في غزة"
إرسال تعليق