
العلاقة بين حماس وإيران في ميزان المُطفّفين
26/11/2018
Comment

ذهب سائلٌ إلى أحد أدعياء العلم فقال: يا شيخ، ما حكم الجدار يبول عليه الكلب؟ فأجابه الجاهل: يُهدم ويُبنى سبع مرات، فقال السائل: إنه جدار بيتك، فأجابه: قليل من الماء يُطهره.
تلك الطُرفة المُتداولة تُجسّد حال فئة مُتسلِّفة غارقة حتى النخاع في آفة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، وإجراء التقييم وإصدار الأحكام، بما يتوافق مع الأهواء والمصالح.
عندما يسعى ترامب عدو الأمة، والراعي الرسمي للكيان الصهيوني، إلى تشكيل تحالف عربي استراتيجي، تراهم يُطلقون صيحات الاستحسان والتبرير بأنه ضرورة لمواجهة المشروع الإيراني ضد السنة.
هؤلاء المطففون في ميزان الحكم والتقييم لم يصغوا للتحذير القرآني “وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ” (المطففين: 1 – 3)، فطفقوا يُحددون الأعداء وفق توجهات أولي الأمر، فإيران هي عدو يجب مواجهته وبناء تحالفات تعمل على إضعافه، أما العدو الصهيوني فأصبح التعامل معه أمرٌ واقع، وتطبيع العلاقات معه أمرٌ واجب، وأن على الفلسطينيين القبول بصفقة القرن وشطب خيار المقاومة من قواميسهم. ما زلتُ على قناعة بمدى خطورة المشروع الإيراني على الأمة، ويقيني أنه بحق مشروع قومي مُحمّل على رأس طائفي، يسعى لابتلاع دول المنطقة، وأنه يجب الحذر منه، لكن ذلك لا يُسوغ بأي وجه من الوجوه اعتبار إيران هي العدو الأوحد أو الأول، والتغافل عن المشروع الصهيوني وراعِيهِ الأمريكي.
شاهد أيضا
يقول توماس جفرسون ثالث رؤساء أمريكا: “عندما نتحدث عن طريقة العيش، فاسبح مع التيار، وعندما نتحدث عن المبادئ قف كالصخرة”، ربما تلجأ حماس لأن تسبح أحيانا مع التيار على مبدأ الضرورة لاستمرار المقاومة وتسيير الحياة العامة في غزة، لكنها تتمسك بالثوابت الإسلامية والوطنية وتقف إزاء طمسها وتغيير ملامحها كالصخرة، فبعد فوز حماس وتشكيلها الحكومة الفلسطينية 2006، كفر العرب بالديمقراطية عندما أوصلت الحركة، وأغلقوا في وجهها الأبواب، فتوجه الزهار إلى طهران، وطلب إقامة مجمع طبي في القطاع، فوعدوه بإنشاء مجمع طبي كبير بطاقم من الأطباء الإيرانيين يداومون فيه عشر سنوات بعد أن يُجهزوا الكوادر المحلية، ولكنهم اشترطوا عليه السماح للفريق الطبي بإقامة حسينية شيعية في المجمع، فكان الرد حاسمًا: “لا نريد، وليبق الوضع الصحي منهارًا، قلنا لكم: بدون شروط”.
تذكروا أن حماس التي كانت تتمتع بامتيازات ضخمة في سوريا قد غادرتها بعد أن رفض بشار حليف إيران وقف عمليات القتل ضد شعبه ووأد ثورته، وقضت قيادات الحركة ستة أشهر في الطائرات بعدها يجوبون الدول العربية، فكانت النتيجة رفْض أكثر من خمسين دولة عربية وإسلامية استضافة قيادات الحركة، إلى أن قبلت بها قطر، تذكروا أن إيران أوقفت دعمها للحركة على إثر موقفها المعارض للنظام السوري. ولو كانت حماس تتقارب مع إيران على حساب الثوابت والهوية لما وقفت في طريق حركة الصابرين في غزة والموالية لإيران، ولَمَا واجهت أنشطتها المشبوهة.
ألا أيها المتفيقهون المتشدقون بقواعد الشريعة ومبدأ الضرورات تبيح المحظورات، ما لكم قد تخليتم عن الفقه، عندما تعلق الأمر بضرورة مقاومة الصهاينة وتحرير الأرض؟ ألا تنطبق القاعدة على استفادة حماس من التقارب مع إيران مع الحفاظ على الثوابت؟ ولنا سؤال يساورنا: ماذا لو تقاربت حماس من أجل تحقيق أهداف المقاومة مع روسيا التي تحرق الأراضي السورية، أو الصين التي تنكل بالمسلمين وتعتقل مليون مسلم في معسكرات تأهيل لا تحترم أبسط حقوق الانسان، أكان سيصدر عنكم كل هذا الضجيج؟
فلتطالِبوا ولاة أموركم بالكف عن شيطنة حماس، ولتطالبوهم بدعم المقاومة والشعب الفلسطيني، ثم بعد ذلك فلتحاسبوا حماس إذا تقاربت مع إيران، وسنكون أول من يُحاسبها معكم، وإن لم تفعلوا فأنتم وسادتكم من المُطففين، وأُعمّم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
*كاتبة أردنية
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2AmwOLU
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "العلاقة بين حماس وإيران في ميزان المُطفّفين"
إرسال تعليق