
من المحظور تجاهل مصيبة القطاع

بيتي يقع على بعد عدة كيلومترات عن حدود غزة، والفجوة بين الحياة هنا والحياة هناك أمر لا يحتمل. في يوم الجمعة من كل أسبوع بين الساعة الثانية عشرة والثانية ظهراً يقف أصدقائي وأنا في مفترق طرق يد مردخاي ونقوم برفع لافتات تدعو لحياة آمنة وأمل على جانبي الجدإر، وندعو لرفع الحصار وتوفير الكهرباء والماء للقطاع وما شابه. نحن نتمزق من الداخل إزاء الكارثة في غزة.
ردود السائقين تشمل الشتائم والحركات البذيئة وحتى إلقاء أجسام وتهديدات بالدهس. المرة تلو الأخرى يصرخون علينا يطلبون منا الذهاب إلى غزة أو يقولوا لنا بأنه يجب أن علينا أن نخجل. الخجل الوحيد الذي أشعر به هو الخجل إزاء حقيقة أن مليوني إنسان يعيشون في ظروف غير إنسانية. شعور العار والعجز من أنني مواطنة في دولة بدرجة كبيرة مسؤولة عن الحصار الطويل والوحشي.
قبل نحو سنة، كان لي شرف مقابلة أخصائي نفسي من قطاع غزة، د. أحمد أبو طواحين، هو إنسان نبيل، ونشيط من أجل السلام وحقوق الإنسان. للأسف الشديد فقد توفي قبل ثمانية أشهر بالسكتة القلبية عن عمر 58 سنة. د. أبو طواحين وصف على مسامعي كيف يقوم الحصار المستمر بتفكيك المجتمع في القطاع: فقر وبطالة تحول الحياة إلى غير محتملة تقريباً، نسبة طلاق لم يسبق لها مثيل، عنف شديد من كل الأشكال، نسبة انتحار مرتفعة، الإدمان على المخدرات، وغيرها. في غزة نصف السكان تحت سن الـ 18، وسبب الموت الرئيسي في موت الأطفال هو أمراض نتيجة شرب مياه ملوثة.
في الأسبوع الماضي، سار طلاب ثانوية من المنطقة إلى القدس وهم يرفعون طلب «اسمحوا لنا بالحياة بهدوء». هذا بلا شك طلب شرعي للأطفال والبالغين من المنطقة. مع ذلك من الصعب رؤية كيف أن رؤيا كهذه يمكنها أن تنقذنا من الدائرة الدموية. في الوضع الحالي يبدو أننا إذا استطعنا رؤية الأمور من زاوية رؤية الآخر، نستطيع أن نخلق شيئاً ما جديداً.
شاهد أيضا
إن طلب حماس من إسرائيل في السنوات الأخيرة ليس فلسطين الكاملة، وكذلك ليس العودة إلى حدود 1967، بل رفع الحصار. هل يوجد طلب أكثر شرعية من ذلك؟ ما هو المنطق في اللامبالاة للوضع الكارثي في قطاع غزة؟ ما هو المنطق في إيصال الناس ـ البالغين والأطفال، والرجال والنساء ـ إلى يأس يقودهم إلى أن يقتلوا أو أن يتحولوا إلى معاقين نتيجة المظاهرات قرب الجدار؟ ماذا سنقول عندما تسمع مرة أخرى دعوات حماسية لشن حرب، في الوقت الذي نعرف فيه أننا بعد ذلك سندفن جنودنا بصمت؟
نعامي بن باسط
هآرتس 14/11/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "من المحظور تجاهل مصيبة القطاع"
إرسال تعليق