
نتنياهو بين عُمان وعَمَّان

يوم الجمعة، وبحلول 24 سنة على اتفاق السلام بين دولة إسرائيل والمملكة الأردنية، أجرى رئيس الوزراء زيارة تاريخية. لم يذهب إلى عمّان القريبة ليرفع نخبًا مع الملك عبد الله لحياة استمرار علاقات السلام مع المملكة الهاشمية؛ بل ذهب بعيدًا إلى سلطة عُمان، التي تقع في الجانب الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، مقابل إيران. ليس لنا علاقات سلام رسمية معهم، ولكن السلطان قابوس على ما يبدو مستعد للتعاون معنا، من أجل السلام. وهكذا أثبت نتنياهو قوله، الذي يكاد يطرحه مؤخرًا في كل مناسبة، حول تحسن علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية بشكل غير مسبوق، وذلك كلما اشتد العداء نحونا في الدائرة القريبة، في حدودنا مع سوريا ودولة غزة، بتشجيع إيران وتركيا غير العربيتين. كما أنه ذهب ليطلق إشارة إلى إيران المجاورة: أنتم في سوريا، نحن قريبون منكم، في الخليج الفارسي.
إذا لم يكن رئيس الوزراء، فعلى الأقل إسرائيليون آخرون أجروا زيارة في يوم الجمعة إياه في المملكة الأردنية. كان هؤلاء هم مقاتلو وحدة النجدة 669 ممن انطلقوا في عدة مروحيات لسلاح الجو للقيام بأعمال إنقاذ للعالقين في الفيضانات التي أصابت شرق البحر الميت. فقد قضى نحبه 20 طفلاأردنيًا ومتنزهًا ـ سبب مفهوم ليوم حدود في المملكة.
حتى دون المصيبة الرهيبة هذه، ما كان ينبغي أن نتوقع في الأردن أي إحياء خاص لاتفاق السلام. العكس هو الصحيح: فبشكل عام يتم إحياء هذا اليوم بمسيرات لمعارضي الاتفاق ممن يتماثلون أيضًا مع معارضي الأسرة المالكة. من مثل عبد الله يفهم أن هذه هي تظاهرات ضد كرسيه، وهي في الغالب تتفرق «بسلام».
علينا ألا ننسى أن كل شيء في الشرق الأوسط متحرك ومن شأنه أن ينقلب علينا 180 درجة
كم يختلف الملك عبد الله عن أبيه، فالملك حسين الشجاع الذي في آخر أيامه وقع على اتفاق السلام، بل وجاء إلى إسرائيل لمواساة العائلات الثكلى في أعقاب عملية القتل النكراء لسبع فتيات في جزيرة السلام مع نهرايم في 1997. في عهد الحسين، وضع القاتل السافل في حبس طويل. واليوم هو شخص حر، يروج علنًا لقتل الإسرائيليين.
الملك عبد الله ليس «محطمًا للأواني»؛ على حد نهجه، هو محق، فهو لم يخرق ملحق الاتفاق، بل يعلن قبل سنة بأن التأجير سيتوقف، والأراضي ستعاد إلى ملكية أردنية كاملة. لونها، هو الآخر سيتغير ـ فالأرض المزهرة والمثمرة ستعود لتكون صفراء وقاحلة. على أن تلبي قطعة اللحم هذه شهية معارضيه من الداخل.
شاهد أيضا
وعودة إلى اليوم التاريخي إياه، 24 تشرين الأول/أكتوبر 1994، لم يكن ممكنًا للمرء أن يحبس انفعاله في الزمن الحقيقي أمام المشهد في معبر العربا ـ احتفال التوقيع على اتفاق السلام بين دولة إسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية. وحتى اليوم احتفظ بالدعوة الشخصية التي وقع عليها الملك حسين ورئيس الوزراء اسحق رابين.
لم يكن ممكنًا ألا يفكر المرء بتلك اللحظة في العداء الذي ساد حتى ذلك الحين بين الدولتين. متسللون وقتال، حرب الأيام الستة حين فقد الحسين نصف مملكته، الضفة الغربية والقدس المقدسة. لقد حكم الأردن الضفة بيد من حديد، دون تفكير حتى ولا للحظة بإعطاء حكم ذاتي ما للفلسطينيين. اما اليوم فهو يدفع لهم ضريبة لفظية في كل مناسبة. وبينما نغرق في الحنين على ذاك الموقف إياه قبل نحو سنوات جيل، تتناهى إلى مسامعنا أصوات الحماسة من حماس وانفجارات إطلاق النار على حدود غزة، وقرع طبول الحرب من سوريا ومن لبنان. ومع كل أهمية زيارة رئيس الوزراء إلى عُمان البعيدة، مع كل أهمية العلاقات المعقدة مع عمان القريبة، حذار أن ننسى أنه في الشرق الأوسط كل شيء سائل، كل شيء من شأنه أن ينقلب علينا 180 درجة.
يوسي احيمئير
معاريف 29/10/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
The post نتنياهو بين عُمان وعَمَّان appeared first on بتوقيت بيروت.
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2AzxiPT
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "نتنياهو بين عُمان وعَمَّان"
إرسال تعليق