-->
تحية أخوية

تحية أخوية

قمت بعد لجوئي قسراً إلى لبنان عام 1974 بالالتحاق مؤقتاً بلجنة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية لغربي آسيا (الأكوا) لمدة سنتين، تقدر لها، بسبب ظروف العراق التي حالت دون عودتي إليه حتى الآن، واضطراري للبقاء بعيداً عنه لمدة 44 سنة، وتعويضاً لعملي في اختصاصي، الذي تعذر ممارسته خارج العراق، واضطراري للبقاء في لبنان، بسبب استمرار موانع عودتي للعراق، إلى استمرار عملي في الأكوا، ثم تولي مسؤولية مركز دراسات الوحدة العربية حتى انتهاء عملي فيه قبل أكثر من عام بقليل.
وقمت خلال الفترة الأولى من مجيئي إلى بيروت، وتعويضاً عمّا افتقدته من فرصة العمل في اختصاصي وفي العمل العام، بمحاولة لوضع مخطط للعمل القومي العربي خلال فترة 1975 – 2000، وكان البدء بوضع مخطط مفصّل لشبكة من المؤسسات القومية: (مركز دراسات الوحدة العربية؛ المؤتمر القومي العربي؛ المؤتمر القومي الإسلامي؛ ومنظمة عربية لحقوق الإنسان؛ المنظمة العربية للترجمة؛ المنظمة العربية لمكافحة الفساد؛ الجمعيات العربية المهنية؛ مخيم الشباب القومي العربي؛ جريدة يومية؛ مجلة أسبوعية؛ إذاعة ومحطة تلفزيون)، الذي على ضوئه تمت إقامة مركز دراسات الوحدة العربية، الذي أعلن عنه في مارس/آذار 1975 وتأخرت مباشرته لعمله في لبنان إلى أول عام 1978 بسبب بدء الحرب الأهلية في لبنان.
وكان من بين المؤسسات التي تضمنها المخطط المذكور، إنشاء منظمة عربية لحقوق الإنسان، تتولى الحماية والدفاع عن حقوق الإنسان العربي، التي كانت قد تدنت إلى حالة مزرية، وانتهزت فرصة عقد ندوة «الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي» التي تعذر على مركز دراسات الوحدة العربية عقدها في أي عاصمة عربية، واضطر المركز إلى عقدها في ليماسول ــ قبرص عام 1983، وتم على جانبها عقد اجتماعات تحضيرية لإقامة المنظمة العربية لحقوق الإنسان (والجمعيات المهنية العربية للاقتصاد والاجتماع والعلوم السياسية) ووضع الخطوط العريضة لمهامها وتشكيل لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر عام لها، واستكمال الإجراءات القانونية والتنظيمية لها، الذي تم في ما بعد، كما تم التبرع في اجتماع تالٍ لها، بوقفية بمليون دولار تبرعت بها الدكتورة سعاد الصباح، كما تم إعداد نظامها الأساسي والداخلي وتحددت القاهرة مقراً لها في ذلك الوقت، مع اتفاقية خاصة مع الحكومة المصرية لهذا الغرض.

طلب إنهاء حالة الغيبوبة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان

وشهدت السنوات الأولى من إنشائها نشاطاً متميزاً، ساهمت في إنجازه طبيعة ومكانة وكفاءة من تولوا الإشراف عليها وإدارتها. فقامت، بجرأة وشجاعة، بنشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الإنسان في الوطن العربي، وضعها على خريطة الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، كما قامت بإصدار تقرير سنوي عن نشاطها، ونشرة شهرية بالعربية والإنكليزية، بما في ذلك الملاحق والمذكرات والاتصالات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان. وحينما جفّت مواردها، تعاون مركز دراسات الوحدة العربية معها لنشر وإصدار تقريرها السنوي، ونشراتها الدورية والفصلية. لقد كانت هنالك ثغرة غير مقصودة، أو مقصودة، ساهمت في إبعاد المؤسسين الأوائل ومعظم أعضاء مجلس أمنائها عنها، لتنتهي حالياً منذ بضع سنوات إلى حالة موت سريري، بسبب تولي أحد موظفيها أمانتها العامة، وغياب مؤسسيها، الذين لا يزالون أحياء، عن مجلس أمنائها، علماً أن من يتولى أمر المنظمة حالياً إدارياً وإشرافياً كمجلس أمناء، ليس لمعظمهم علاقة بفترة نشاطها وعملها الذهبيين، ولتصبح، فوق كل ذلك، أسيرة للأجهزة الأمنية المصرية. وقد تم إيقاف نشر تقريرها السنوي والتقارير الشهرية والاكتفاء بنشرها إلكترونياً، رغم الاتفاق مع مركز دراسات الوحدة العربية لنشرها جميعاً ورقياً على نفقة المركز.

إن المرحلة التي تمر بها الشعوب العربية في أقطارها جميعاً، وبدرجات متفاوتة، تتطلب إحياء وإعادة النشاط للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، لتمارس الدور الذي من أجلها تم إنشاؤها، وأن يعاد النظر في نظامها الأساسي والداخلي لضمان استمرارية الأعضاء المؤسسين ومجلس الأمناء واللجنة التنفيذية في الهيكل التنظيمي للمنظمة، وحتى لو تطلب ذلك نقل مقرها من القاهرة إلى عاصمة عربية أخرى تضمن لها الحد الأدنى من النشاط وممارسة الدور والمهمات التي أنشات من أجلهما. وفي حالة استمرار السبات الحالي، فعلى الأعضاء السابقين وغيرهم ممن يهمهم أمرها، اتخاذ الخطوات القانونية والفعالة والعملية لإخراج المنظمة من كبوتها وشللها الحاليين. اللّهم اشهد لقد بلّغت!
أحد مؤسسي المنظمة العربية لحقوق الإنسان

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا


Rim

The post تحية أخوية appeared first on بتوقيت بيروت.



from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2yBB4qS
via IFTTT

Related Posts

0 تعليق على موضوع "تحية أخوية"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel