ابرز ما تناولته الصحف العبرية1/04/2017
حكومة نتنياهو تقرر بناء مستوطنة جديدة لمستوطني عمونة، الى جانب “كبح” البناء في المستوطنات الاخرى!
اتخذ المجلس الوزاري السياسي – الأمني الاسرائيلي، مساء الخميس، قرارين متناقضين بشأن البناء في المستوطنات. فبينما قرر المجلس “كبح” البناء في المستوطنات، بحجة احترام طلب الرئيس الأمريكي، قرر في الجلسة ذاتها بناء مستوطنة جديدة للمستوطنين الذين تم اخلاؤهم من عمونة. وحسب ما تنشره “هآرتس” فقد ابلغ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المجلس الوزاري بأنه قرر “تقييد البناء داخل خط البناء في المستوطنات، او على مقربة منه.”
وتضيف الصحيفة ان نتنياهو عرض امام المجلس الوزاري سياسة الاستيطان الجديدة: اسرائيل ستبني في مناطق البناء القائمة في المستوطنات، حسب ما يسمح به الأمر، وحيث لا يمكن ذلك، ستبني الى جانب خط البناء القائم. وحسب اقواله فانه في المكان الذي لا يتوفر فيه هذين المعيارين بسبب قيود قانونية، امنية وطوبوغرافية، سيتم البناء في اقرب منطقة من خط البناء. كما لن تسمح اسرائيل بإقامة بؤر استيطان جديدة.
يشار الى ان عدد المستوطنات التي يوجد فيها مكان للبناء داخل خط البناء القائم قليل جدا، ويكاد لا يتوفر احتياط اراضي من هذا النوع. وقال نتنياهو انه يعتقد بأن على اسرائيل كبح البناء من اجل اظهار نوايا حسنة ازاء الرئيس الامريكي دونالد ترامب. وقال للوزراء: “هذه ادارة صديقة جدا ويجب ان نأخذ طلب الرئيس في الاعتبار”. ولم يتم التصويت في المجلس الوزاري على هذا الموضوع الا ان كل الوزراء اعربوا عن موافقتهم على سياسة “الكبح” الجديدة، ولم يحدث خلاف بين المشاركين في الجلسة.
وقال مسؤول رفيع، طلب التحفظ على اسمه، ان نتنياهو ابلغ الوزراء بأن اسرائيل ستقوم بكبح البناء بشكل جدي، الى جانب خطوات لتقليص توسيع مناطق نفوذ المستوطنات خارج خطوط البناء الحالية، قدر الامكان، وذلك بهدف اخذ موقف الرئيس ترامب في الاعتبار والسماح بالتقدم في العملية السلمية.
وقال وزير شارك في الجلسة، بأن نتنياهو اوضح انه رغم اجراء نقاشات حول الموضوع طوال عدة اسابيع، الا انه لم يتم التوصل ال تفاهمات بين اسرائيل والولايات المتحدة في موضوع البناء في المستوطنات، وبقيت الخلافات كما هي. وقال الوزير الرفيع: “لا توجد تفاهمات مع الامريكيين ولا يوجد اتفاق مع الادارة الا في مسألة القيود التي تفرضها اسرائيل على نفسها بفعل طلب الرئيس. وفي كل الحالات فان “الدفع” للأمريكيين في كل ما يتعلق بالمستوطنات لم ينته بعد”.
وحسب ما قاله وزير آخر شارك في الجلسة، فقد اطلع نتنياهو الوزراء على ان الطرفان “اتفقا على عدم الاتفاق”. ومع ذلك فقد اعربت اسرائيل عن استعدادها لتبني سياسة تأخذ في الاعتبار قلق الرئيس ترامب ازاء استمرار البناء في المستوطنات بشكل سيمنع اقامة دولة فلسطينية في المستقبل. وقال الوزير: “هذا ليس اتفاقا مع الأمريكيين وانما سياسة من جانب واحد قررتها الحكومة الاسرائيلية. لقد اوضح الامريكيون انهم لا يوافقون في كل الأحوال على البناء في المستوطنات، لكنه يمكنهم التعايش مع ذلك ولن تحدث ازمة دولية حول كل بيت يتم بناؤه”. واضاف الوزير ان “هذه سياسة متوازنة ومعقولة، ولا يوجد تقييد لعدد وحدات الاسكان او تمييز بين الكتل وبين المستوطنات المعزولة. يمكن البناء ولكن بشكل تدريجي ومقيد ومن دون السيطرة على المزيد من التلال”.
وكان المجلس الوزاري قد صادق خلال الجلسة وبالإجماع على بناء مستوطنة جديدة للمستوطنين الذين اخلتهم الحكومة من بؤرة عمونة غير القانونية. وهذه هي المرة الاولى التي تصادق فيها اسرائيل على بناء مستوطنة جديدة في الضفة. وجاء في بيان صدر عن ديوان نتنياهو انه في اعقاب التصويت في المجلس الوزاري سيجري الاتصال ببقية وزراء الحكومة هاتفيا للحصول على موافقتهم.
ويأتي قرار انشاء المستوطنة على خلفية الوعد الذي قطعه نتنياهو لسكان عمونة قبل عدة اشهر. ورغم معارضة الامريكيين لبناء مستوطنة جديدة الا ان نتنياهو اوضح بأنه سينفذ التزامه واكد للبيت الابيض انه لا يستطيع من ناحية سياسية التراجع عن الخطوة.
وجاء في القرار ان المستوطنة ستقام في منطقة نفوذ المجلس الاقليمي “مطيه بنيامين” وستحصل على رمز كبلدة مستقلة وستستوعب السكان الذين اخلتهم الحكومة من عمونة واخرين. ويستدل من القرار بأن انشاء المستوطنة قد يستغرق فترة ليست قصيرة في ضوء حقيقة انه يلقي بالمهمة على عدة وزارات. كما يكلف القرار وزير الامن تكليف الجهات المعنية في الادارة المدنية ببدء التخطيط للمستوطنة بما في ذلك تحديد مكانها الدقيق ودفع خارطة هيكلية والمصادقة عليها. وبعد الانتهاء من هذه الخطوات سيتم تحديد منطقة نفوذ المستوطنة الجديدة وسيبدأ العمل فيها. والى ان يتم انشاء المباني الثابتة سيتم اقامة مباني مؤقتة للمستوطنين. ويكلف القرار وزارة المالية تقديم اقتراح مالي لبناء المستوطنة.
وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض لصحيفة “هآرتس” ان نتنياهو التزم ببناء المستوطنة الجديدة وقرر تسويق الاراضي لبناء 2000 وحدة سكن قبل ان يوضح له الرئيس ترامب بشكل مباشر قلقه من استمرار البناء في المستوطنات، وقبل توضيح توقعاته من اسرائيل بشأن المستوطنات. واشار المسؤول الامريكي الى ان نتنياهو اوضح امام الادارة بأنه ينوي تنفيذ التزامه ببناء مستوطنة جديدة لمستوطني عمونة. مع ذلك اكد المسؤول الامريكي ان الحكومة اوضحت للإدارة الامريكية بأنها تنوي منذ الان تبني سياسة بناء تأخذ في الاعتبار قلق الرئيس ترامب.
وقال المسؤول الامريكي ان “الرئيس ترامب قال على الملأ وخلال محادثاته الخاصة مع نتنياهو انه قلق من المستوطنات. وكما اوضحت الادارة فانه على الرغم من انها لا ترى في المستوطنات عقبة امام السلام، الا ان المزيد من البناء غير المنضبط في المستوطنات لا يساعد على دفع السلام. لقد اوضحت لنا الحكومة الاسرائيلية انها منذ الان وصاعدا تنوي تبني سياسة بناء في المستوطنات، تأخذ في الاعتبار قلق الرئيس. الولايات المتحدة ترحب بذلك. سنواصل العمل مع الاسرائيليين والفلسطينيين ومع جهات اخرى في المنطقة، من اجل خلق اجواء تساعد على تحقيق السلام. نأمل ان تعمل كل الاطراف على خلق اقليم ملائم للسلام”.
وفي تعقيب مستوطني عمونة على قرار المجلس الوزاري اعربوا عن املهم بأن تنفذ الحكومة القرار فورا، لكي يتمكنوا من بناء بيوتهم في المستوطنة خلال الصيف القريب. وجاء من “طاقم النضال” انه “في ضوء خيبات الأمل الكثيرة التي واجهتنا سنواصل التعقب لكي نضمن ان هذا ما يحدث وان الاعمال المطلوبة لإنشاء المستوطنة تجري كما يجب”.
تسويق اراضي لبناء 2000 وحدة سكن والسيطرة على حوالي الف دونم تحت مسمى الأراضي الحكومية
وخلال الجلسة اطلع نتنياهو الوزراء على المصادقة على تسويق اراضي لبناء 2000 وحدة اسكان في المستوطنات. وجاء من ديوان نتنياهو ان الامر يتعلق ببناء الوحدات التي اعلنت عنها اسرائيل قبل حوالي شهرين، لكنه لم يتم دفع تسويق الاراضي بسبب مشاكل تقنية في وزارة الاسكان. كما اطلع نتنياهو الوزراء على قرار الاعلان عن حوالي 1000 دونم في منطقة مستوطنة عيلي وبؤر عدي عدي وجبعات هروئيه كأراضي حكومية، ما يعني انه يمكن البناء عليها مستقبلا.
وعلم ان الادارة المدنية بدأت باجراءات الاعلان عن اراضي حكومية في مناطق البؤر الاستيطانية “بيلغي يام” و”جبعات هروئيه” المجاورتين لمستوطنة عيلي. وتم تحديد مساحة 568 دونم في منطقة “بيلغي يام” كأراضي حكومية، و409 دونمات في منطقة “جبعات هروئيه”. وسيسمح هذا القرار بتشريع البناء غير القانوني في هاتين البؤرتين بما في ذلك الشارع غير القانوني الذي تم شقه الى بؤرة “غبعات هروئيه”.
يشار ال ان هاتين البؤرتين تقعان خارج “الكتل الاستيطانية”. وتقوم في “بيلغي يام” عشرات البيوت الثابتة والمتحركة (كرفانات)، والتي بنيت كلها بدون ترخيص. ويقيم في هذه البؤرة المحامي ابي كوهين، رئيس الوحدة القطرية لتطبيق قوانين التنظيم والبناء في وزارة المالية، كما سبق ونشرت “هآرتس” في كانون الثاني الماضي. وهذا يعني ان المسؤول عن تطبيق قانون البناء يقيم بنفسه في بيت غير قانوني.
وتعتبر بؤرة “غبعات هروئيه” حسب تعريفها في موقع مجلس مستوطنات “مطيه بنيامين” مصيرية بالنسبة للمستوطنين، وتهدف الى خلق التواصل الاقليمي بين “كتلة شيلو- عيلي ومعاليه لابونة”. وتعيش في البؤرة حوالي 20 عائلة.
ديفيد فيردمان يدلي باليمين الدستوري سفيرا لدى اسرائيل
تكتب “هآرتس” ان السفير الامريكي الجديد لدى اسرائيل، ديفيد فيردمان، ادلى ليلة الاربعاء/الخميس، اليمين الدستوري امام نائب الرئيس الامريكي مايك بينس، في البيت الابيض. وسيصل فريدمان الى اسرائيل خلال الاسابيع القريبة لبدء مزاولة مهامه. وقال بينس خلال المراسم ان فريدمان “ولد لهذا المنصب، وانه في ظل ادارة ترامب، ستكون الولايات المتحدة صديقة دائمة لإسرائيل”. ولم يشر بينس خلال كلمته الى موضوع نقل السفارة الامريكية الى القدس، بينما سبق وقال في بداية الاسبوع، (امام مؤتمر اللوبي اليهودي آيباك)، ان الادارة تدرس بجدية نقل السفارة.
يشار الى ان تعيين فريدمان المناصر لليمين الاسرائيلي، صودق عليه في مجلس الشيوخ قبل اسبوعين، بشكل غير مسبوق، حيث عارض تعيينه 46 عضوا، وهو امر لم يحدث لأي سفير سابق. ويرجع سبب تصويت الغالبية العظمى من الديموقراطيين ضد التعيين، الى تصريحاته المتطرفة وغير الدبلوماسية في القضايا المتعلقة بإسرائيل، ومنها مثلا، اتهامه للرئيس السابق براك اوباما بأنه لاسامي، ونعته لنشطاء اللوبي اليهودي اليساري جي ستريت، بأنهم “اسوأ من كافو”. كما نشر مقالا يدعو الى سحب حقوق المواطنة من بعض المواطنين العرب في اسرائيل.
في المقابل، حافظ فريدمان خلال اداء اليمين الدستوري على لهجة موضوعية ودبلوماسية، ولم يطلق تصريحات سياسية او مختلف عليها، وركز على تأكيد اهمية العلاقات مع اسرائيل. وكان فريدمان قد التزم امام مجلس الشيوخ بأنه لن يقحم آرائه السياسية والشخصية في عمله كسفير، وسينفذ سياسة الادارة كما يتطلب الأمر منه. وقال انه اذا ألح الأمر سيدعم إخلاء مستوطنات مقابل السلام، على الرغم من علاقته الكبيرة مع مستوطنة بيت ايل والجهات الداعمة للمستوطنات في الضفة.
لائحة اتهام ضد الشرطي الذي نكل بالسائق الفلسطيني مازن الشوبكي
تكتب “هآرتس” ان وحدة التحقيق مع افراد الشرطة (ماحش) قدمت يوم الخميس، لائحة اتهام ضد الشرطي موشيه كوهين، الذي تم توثيقه خلال اعتدائه على سائق الشاحنة الفلسطيني مازن الشوبكي في حي وادي الجوز في القدس الشرقية. واتهم كوهين بالاعتداء وبالاعتداء المسبب لإصابات وبخرق الثقة. واوصت ماحش بتقديم شرطي اخر الى محاكمة تأديبية لأنه وقف في المكان ولم يتدخل لمنع زميله من ممارسة العنف ولم يبلغ عن الحادث كما يحتم القانون. كما تقرر تكليف الجهات المعنية في الشرطة بفحص سلوك شرطيين اخرين تواجدا في المكان ولم يتدخلا او يبلغان عن الحادث.
وحسب لائحة الاتهام فقد انهى كوهين، يوم الثلاثاء قبل الاخير عمله في مكاتب وحدة “يسام” في حي وادي الجوز في القدس، وعندما عاد الى سيارته لاحظ اصابتها. وفي اليوم التالي اكتشف بواسطة مركز الامن في وزارة الداخلية بأن من اصاب سيارته كان سائق شاحنة، واستغل وصوله الى مستودع المعلومات في الشرطة، للحصول على تفاصيل الشاحنة التي التقطتها كاميرات الامن.
وفي اليوم التالي وصل كوهين الى المكان الذي اصيبت فيه سيارته وعندما شاهد الشاحنة توجه اليها وامر سائقها بالنزول من السيارة وهو يشتمه، ونزل المشتكي من السيارة فقام كوهين على الفور بضربه على وجهه. ووقعت بين كوهين والشوبكي مواجهة كلامية، حيث ادعى شوبكي انه ترك بطاقة مع تفاصيله على سيارة كوهين، لكن كوهين نفى ذلك. وحسب لائحة الاتهام فقد قال شوبكي لكوهين خلال النقاش بأنه “سيدفع” ثمن سلوكه، وردا على ذلك قام كوهين بنطحه في رأسه وضربه على رأسه وهو يشتمه. ولما امسك المشتكي برأسه وانحنى من دون الرد على اعتداء المتهم، قام المتهم بركله على بطنه، وواصل ضربه على رأسه.
وحاول شخص اخر الفصل بينهما الا ان كوهين هاجمه وشتمه وركله على كل انحاء جسده. ونتيجة لذلك اصيب الرجل بكدمات ونزيف دموي تحت عينه والم في صدره.
المكتبة القومية تنشر برقية من مسؤول نازي الى مفتي القدس الحسيني
تكتب “هآرتس” ان المكتبة القومية في القدس نشرت، هذا الأسبوع، ولأول مرة، برقية كان رئيس الـ “اس. اس” النازي هاينريخ هيملر قد بعث بها الى مفتي القدس، الحاج امين الحسيني، يتمنى فيها للمفتي “النجاح في المعركة ضد الغزاة اليهود”. وتم العثور على الوثيقة في المكتبة القومية قبل عدة أشهر، وهذا الأسبوع تم نشرها على موقع المكتبة. ويلاحظ ان تاريخ ارسال البرقية هو يوم الثاني من تشرين الثاني 1943، يوم ذكرى وعد بلفور الذي اعترفت فيه بريطانيا بحق الشعب اليهودي في ارض اسرائيل، قبل مئة سنة من هذا العام. وكتبت البرقية باللغة الالمانية، وترجمتها المكتبة القومية الى اللغة العبرية. وجاء فيها:
“الى المفتي الكبير امين الحسيني، حزب العمال القومي الاشتراكي في المانيا الكبرى حفر على رايته منذ بداية طريقه محاربة اليهود في العالم. ولهذا السبب فانه يتعقب عن قرب نضال العرب انصار الحرية – خاصة في فلسطين – ضد الغزاة اليهود. الاعتراف المشترك بالعدو، والصراع المشترك ضده يخلقان قاعدة راسخة بين المانيا والمسلمين انصار الحرية في كل العالم. وبهذه الروح، يسرني ان اتمنى لك في يوم ذكرى وعد بلفور التعيس، امنياتي الحارة بمواصلة النضال حتى الانتصار الكبير. قائد اس. اس في كل الرايخ هاينريخ هيملر”.
وقال حين ملول، من قسم المضامين في المكتبة القومية لصحيفة “هآرتس” ان البرقية قطعت شوطا طويلا حتى وصلت من المانيا النازية الى المكتبة. في البداية صادرها الجيش الامريكي من المكان الذي تواجدت فيه مع تحرير المانيا النازية، وهو المكان الذي تواجد فيه الحاج امين خلال الحرب العالمية الثانية. ومن ثم وصلت الرسالة الى ايدي شخص من “الهاجناه” فتبرع بها للمكتبة القومية. ويحتفظ بالرسالة حاليا في ملف خاص بالمفتي، والذي يتضمن عدة رسائل بالعربية.
الباحثة الكبيرة في مركز ديان، في جامعة تل ابيب، د. استر فابمان تقول انه في نهاية الأمر لم يتحقق وعد هيملر للمفتي بوجود “قاعدة راسخة” بين النازية والمسلمين. “لقد فشل المفتي بتحقيق غالبية اهدافه. فألمانيا النازية لم تعلن عن دعمها لفكرة الاستقلال العربي، وفشلت جهوده في تأجيج عرب الشرق الاوسط ضد سلطات الاستعمار خلال الحرب العالمية الثانية”.
وتعزز البرقية التي نشرتها المكتبة القومية المعلومات المعروفة مسبقا حول وجود شراكة فكرية في مرحلة معينة بين بعض القادة النازيين والمفتي، لكن هذا لا يؤكد ادعاء رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بأن الحاج امين الحسيني هو الذي اقنع هتلر بإبادة اليهود. لقد اختلق نتنياهو في خطاب له في 2015 حوارا بين هتلر والمفتي ادعى انه حدث في تشرين اول 1941، قبل عامين من تاريخ البرقية. وزعم نتنياهو ان الحاج امين الحسيني ذهب الى هتلر وقال له “اذا طردتهم، كلهم سيحضرون الى هنا”. وحسب رواية نتنياهو فقد سأله هتلر: “وماذا يجب ان اعمل اذن”، فرد المفتي: “احرقهم”.
واثارت ادعاءات نتنياهو هذه في حينه انتقادات واسعة في صفوف المؤرخين الكبار، لأنه اشتم منها وكأن الحسيني هو الذي دفع هتلر الى البدء بإبادة اليهود. وقالت المؤرخة الرئيسية في متحف الكارثة “ياد فشيم”، البروفيسور دينا فورات ان “كل الحقائق تشير الى انه خلال اللقاء بين هتلر والمفتي كان الحل النهائي قد بدأ يتدحرج منذ زمن، وتم قتل يهود والتخلي عن حل الهجرة القسرية والطرد”. واضافت: “الحاج طلب من هتلر دفع الحل النهائي في الشرق الاوسط، لكنه من المؤكد انه ليس من فكر بالخطة نفسها”.
اتفاق نتنياهو – كحلون ضربة مؤلمة بشكل خاص للإعلام الحر في اسرائيل
تكتب “يديعوت احرونوت” ان انتهاء الأزمة السياسية بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير المالية موشيه كحلون، خلفهما مع القدرة على المفاخرة بتحقيق انجاز، ظاهرا – وفي كل الحالات، سمح لهما بالهرب من الانتخابات. لكنه كان من الصعب على الابتسامات الواسعة، ايضا، اخفاء الآثار السيئة للاتفاق الذي توصلا اليه – اتفاق سيلقي بعشرات وربما مئات المستخدمين في سوق البطالة، عشية عيد الفصح العبري، ناهيك عن كونه يوجه ضربة مؤلمة بشكل خاص للإعلام الحر في اسرائيل.
لقد دخل نتنياهو الى هذه الأزمة مع مطلبين: اغلاق اتحاد البث العام وسن قانون اتصالات جديد واشكالي يعمق سيطرته على وسائل الاتصالات في اسرائيل. وطوال المفاوضات من اجل التوصل الى تسوية، كان يبدو بأن رئيس الحكومة سيوافق على التخلي عن احد مطالبه مقابل تحقيق المطلب الآخر. لكنه رغم حقيقة انه تم صد هذين المطلبين في نهاية الأمر، الا ان الهدف الذي حاول نتنياهو تحقيقه تم تنفيذه تقريبا بشكل كامل. فحسب الاتفاق سيبدأ اتحاد البث العمل في 15 أيار، لكنه سيتم اغلاق قسم الأخبار فيه وفصل عماله. وبدلا من ذلك سيقام في المستقبل- في تشرين ثاني 2017 ظاهرا، دون ان يستطيع احد الالتزام بذلك – قسم اخبار جديد في الاتحاد، يسود الاعتقاد بأن سيطرة نتنياهو عليه ستكون عميقة. وحتى ذلك الوقت ستهتم سلطة البث ببث الاخبار عبر الاتحاد، الأمر الذي سيتيح لعمالها الحفاظ على اماكن العمل.
وهذا يعني تفريغ اتحاد البث العام من مضمونه وعقم الاصلاح في البث العام الذي كان نتنياهو من بين قادته. وسيعمل الاتحاد في مجالات الترفيه والتسلية وليس في قضايا الساعة والتحقيقات وكشف القضايا، وهكذا كان يمكن لنتنياهو التخلي عن مطلبه بإقالة المدير العام للاتحاد الداد كوبلانتس، والرئيس غيل عومر – لأن تأثيرهما على المضامين المتعلقة به وبحكومته اصبح غير قائما.
وبعد التوصل الى الاتفاق الذي صاغه المدير العام لوزارة المالية شاي باباد والمدير العام لوزارة الاتصالات مومو فيلبر، مع الوزيرين ياريف ليفين وتساحي هنغبي، عقد كحلون مؤتمرا صحفيا رفض في نهايته الرد على الأسئلة. وقال: “منذ دخولي الى منصبي اقف كصخرة صامدة حفاظا على الديموقراطية. الاتفاق يضمن حرية الصحافة، حرية التعبير والحفاظ على الميزانية. سيتم اقامة الاتحاد، ولن يتم سن قانون مراقبة الاتصالات، ولن يتم خرق الميزانية، ولم يتم فصل رؤساء الاتحاد”.
وفي وقت لاحق، قال كحلون لصحيفة “يديعوت أحرونوت”: “لم اتراجع، حاربت من اجل حرية الصحافة في اسرائيل ومنعت سن قانون هدف الى المس بالإعلام الحر. اعرف ان هناك انتقادات للتسوية، لكنه يجب النظر الى المدى البعيد. الاتحاد سيبقى وسيبدأ البث. صحيح انه لن يبث كما كنت اشاء، لكنه سيبث. انا ملتزم بأن لا يخدم قسم الاخبار الذي سيقام، السياسيين ولا يتأثر منهم”. واكد كحلون على منع سن قانون الاتصالات الاشكالي، وقال انه “قانون سيمس بالصحافة الحرة في اسرائيل، قانون اقلق وبحق وسائل الاعلام”.
وتعرض المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت، ايضا، الى الانتقادات لأنه صادق على الاتفاق بين نتنياهو وكحلون، والذي يعني التدخل السياسي في العمل الاعلامي – وعرضوا في مكتبه الاجراءات التي صدها، والتي ادعوا بأنه لو تمت المصادقة عليها لكان الضرر اشد خطورة. وباستثناء قانون الاتصالات الجديد – الذي يسمى من وراء الكواليس “قانون الاتحاد السوفييتي” – ادعوا في مكتب مندلبليت انه احبط الغاء الاتحاد وفصل رؤسائه، واهتم بقيام قسم الاخبار الجديد تحت المراقبة. وكان مندلبليت قد طلب من كحلون ونتنياهو عرض الاتفاق خلال 21 يوما على صورة قانون لكي يتمكن الجمهور من الرد، ورفض المصادقة على سن القانون بشكل معجل.
وعقبت المعارضة بكلمات قاسية على الاتفاق، وقال رئيس المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ انه “يمس بأهم مسائل الديموقراطية – الاخبار”. واضاف: “بروح بريجنيف وكيم جونج ايل، اقام نتنياهو صحيفة وقناة اخبار جديدة”. واضافت زميلته في الكتلة، النائب شيلي يحيموفيتش ان “جوهر الاتفاق كله هو السماح بسيطرة نتنياهو على بث الأخبار”.
“نتنياهو محرر الاخبار”
وتسود اجواء صعبة في اتحاد البث، ذلك ان الاتفاق يحدد عمليا فصل حوالي 150 موظفا مع سن القانون. اضف الى ذلك ان من سيملك صاحية اتخاذ القرارات، عمليا، هو بري بار تسيون، المدير الخاص لسلطة البث، وهو مقرب من نتنياهو، وفي تشرين الثاني، خلال العاصفة حول مستقبل الاتحاد، تم توثيقه خلال اجتماع مع نير حيفتس، الناطق الشخصي باسم نتنياهو. وقد تم تعيين بار تسيون مديرا عاما للسلطة مع امكانية تمديد ولايته، والى ان يتم تعيين جهاز اداري جديد سيكون هو الذي سيحدد في مسألة التعيينات والواقع على الأرض، الأمر الذي سيجعل من الصعب تغيير ذلك. وقال مسؤول رفيع في سلطة البث ان “نتنياهو سيكون عمليا، هو المحرر الرسمي لنشرات الاخبار في الاتحاد. وكل تعريف اخر سيجافي الحقيقة”.
وقال مستخدمون في اتحاد البث: “لقد باعنا كحلون بكل بساطة. وفجأة اختفت نقابة العمال، وفجأة يجري القاء الناس الى الشارع. كل شيء اصبح متاحا، حتى خرق عقود العمل والرواتب الموقعة، بشكل فظ”.
وجاء في بيان رسمي للاتحاد انه يعارض الاتفاق بشدة “وسيدافع مجلس الاتحاد عن الصحفيين ورجال قسم الاخبار الممتازين في الاتحاد، الذين تركوا اماكن عملهم ولبوا النداء من اجل تقديم بث عام نوعي، متنوع ومستقل لمواطني اسرائيل، من اجل الحفاظ على حقوقهم واستقلاليتهم. نحن ندعو حراس البوابة، المستشار القانوني ومراقب الدولة للدفاع عن المصلحة العامة وعن حقوق العمال”.
عائلة ازاريا تنفي طلبها التوصل الى صفقة مع النيابة
تكتب “يسرائيل هيوم” ان ابناء عائلة الجندي اليؤور ازاريا، مطلق النار في الخليل (قاتل الجريح الفلسطيني عبد الفتاح الشريف – المترجم) قالوا انهم لم يفكروا ابدا بإلغاء الالتماس الذي تم تقديمه ضد قرار الحكم على اليؤور، مقابل تخفيف عقوبته، خلافا لما نشرته وسائل الاعلام في الأيام الأخيرة.
ويوضح والدا ازاريا، اوشرا وتشارلي، في لقاء موسع تنشره الصحيفة في ملحق “الجمعة/السبت” ان “سبب استئنافنا هو لأن اليؤور بريء. ليس لدينا أي نية للإعراب عن الندم لأنه لم يخطئ”.
وحول قيامه بقتل المخرب الجريح وهو ملقى على الأرض، قال الاب تشارلي ان “القادة لم يديروا حلبة الحدث. وسادت هناك فوضى، والوحيد الذي كان مركزا هو اليؤور الذي شعر بالخطر الملموس وتحرك. ولأن وزير الامن ورئيس الأركان حددا على الملأ بأن اطلاق النار لم يكن مبررا، فقد مضى كل الجهاز خلفهما. لو جرت محكمة مدنية لتم تبرئة اليؤور”.
وقال محامي ازاريا، يورام شفطل امس، انه لم يتم اجراء أي اتصالات مع النيابة العسكرية حول سحب الاستئناف على ادانة ازاريا. وقال ان “النشر عن المفاوضات هدف الى المس بالنشر حول تقديم الاستئناف الكامل بشأن ازاريا، الى المحكمة، يوم الخميس، اضافة الى طلب زيادة ادلة”.
وحسب ادعاء شفطل فقد توجه اليه المحامي موشيه يسرائيل قبل عدة اسابيع واشار الى انه يرغب بمحاولة الحصول على صفقة مع النيابة “وقلت له انه من ناجيتي ستكون الصفقة مقبولة فقط اذا تم الغاء الادانة بالقتل”. واضاف شفطل: “الشرط الذي عرضته، بموافقة ازاريا وعائلته، هو ان يتم تغيير التهمة الى تهمة اخف بكثير، كالتسبب بالموت نتيجة الاهمال، والتي لا تتجاوز العقوبة عليها بين 40 و60 يوما. وقال يسرائيل انه يمكنه الحصول على ذلك وانه يريد توكيلا، فأعطيته التوكيل. لكنه لم يلتق حتى اليوم مع النائب العسكري الرئيسي لأن النيابة ليست معنية بصفقة ادعاء. لقد عرضت المحكمة علينا التوجه للتسوية ووافق الدفاع على ذلك بينما عارضت النيابة”. وحسب شفطل فان “النيابة العسكرية معنية فقط بدم اليؤور ازاريا. انها لا تعرف الحدود”.
ويدعي شفطل ان “النيابة قامت بتسريب التوكيل القديم الذي وقعته، بشكل شرير الى نشرة “يديعوت احرونوت” لكي تحرف الانظار عن الاستئناف الذي قدمته. ولذلك قررت عدم اجراء أي اتصالات مباشرة او غير مباشرة مع النيابة العسكرية”.
الصناعات الجوية توقع صفقة لبيع مناظير بقيمة 2 مليون دولار
تكتب “يسرائيل هيوم” ان الصناعات الجوية الاسرائيلية وقعت على صفقة لبيع مناظير للرصد بحجم 200 مليون دولار تقريبا، لسلاح الجو التابع لزبون مركزي في اسيا. وتم تنفيذ الصفقة من قبل شركة “التا” التابعة للصناعات الجوية، وتنص عمليا على تزويد سلاح الجو لدى الزبون بالجيل الجديد من المناظير واجهزة الرصد، استكمالا لصفقة سابقة من المناظير والتي يستخدمها بنجاح كبير.
وقال المدير العام للصناعات الجوية يوسي فايس ان “هذه الصفقة تشكل دليلا اخر على رضا وثقة الزبائن بمنظومات وقدرات الصناعات الجوية. هذه صفقة رئيسية نفخر بالمشاركة فيها، وتشكل دعامة كبيرة لنشاطنا امام الزبون”.
مقالات وتقارير
السلطة لا تمارس العنف والجمهور لا يتهمها بالخيانة
تكتب عميرة هس، في “هآرتس” ان لجنة التحقيق الفلسطينية الرسمية أوصت بمحاكمة ضابطين رفيعين في الشرطة الفلسطينية بسبب مسؤوليتهما عن قمع التظاهرة الاحتجاجية التي جرت في البيرة في 12 آذار. كما توصي اللجنة بتقديم الضابطين، احدهما قائد شرطة لواء رام الله، والثاني قائد القوات الخاصة في الشرطة، الى المحكمة التأديبية. وهذه التوصية هي واحدة من بين 23 توصية توصلت اليها لجنة التحقيق التي اقيمت بتوجيه من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبأمر من رئيس الحكومة ووزير الداخلية رامي الحمدلله. وفي المقابل، أثنت اللجنة على محافظ بيت لحم واجهزة الامن هناك، حيث امر المحافظ قوات الشرطة بشكل واضح بضبط النفس خلال مظاهرة جرت في المدينة، وقامت قوات الشرطة بتفريق المظاهرة بقوة معتدلة رغم تدهورها الى رشق الحجارة والزجاجات الحارقة والعبوات الانبوبية على مركز الشرطة. وتدعو لجنة التحقيق النيابة العامة الى التحقيق في احداث بيت لحم ومحاكمة المتظاهرين الذين مارسوا العنف.
وهذه هي المرة الاولى التي تقوم فيها لجنة تحقيق فلسطينية رسمية بنشر توصياتها كاملة، ولذلك حظيت بالثناء. وتم نشر تقرير اللجنة الممتد على 35 صفحة، يوم الاحد الماضي، بعد اسبوعين من عمل اللجنة. وتتفق هذه الشفافية ايضا مع الدعوة الى احترام عمل الصحفيين واظهار المسؤولية والاخلاص لعملهم من جانب الناطقين الرسميين ووسائل الاعلام الرسمية. ولذلك فان احدى التوصيات التي وردت في التقرير هي دعوة الحكومة الى تسريع سن قانون حرية المعلومات. وقد وقع رئيس الحكومة رامي الحمدلله، يوم الاربعاء، على كل توصيات اللجنة المتعلقة بالحكومة ووزارة الداخلية، المسؤولة عن الاجهزة الامنية، ووعد بتنفيذها. وتتعلق توصيات اخرى للجنة بمجلس القضاء العالي (جهة ادارية في الجهاز القضائي) ووسائل الاعلام الرسمية والاحزاب الفلسطينية.
يشار الى ان التقرير فحص احداث مظاهرتين وقعت الأولى، غير العنيفة، امام مجمع المحاكم في البيرة، والثانية، العنيفة، في بيت لحم، احتجاجا على مواصلة محكمة الصلح الفلسطينية النظر في الاتهامات ضد ستة مشبوهين بحيازة اسلحة غير قانونية وتعريض حياة المواطنين للخطر. احد هؤلاء هو باسل الأعرج، من قرية الولجة، الذي تهرب طوال عدة اشهر من قوات الجيش الاسرائيلي والشاباك، وقد عثر حرس الحدود والجيش على مكانه في البيرة وقام بقتله في السادس من آذار. وحسب بعض الروايات فقد قتل عندما رفض تسليم نفسه وقام باستخدام السلاح. وحسب روايات اخرى، منها رواية لجنة التحقيق، فان قوات الجيش الاسرائيلي قامت “بإعدامه بدم بارد”. وكان الجيش الاسرائيلي قد اعتقل اربعة متهمين آخرين في ايلول 2016، ومنذ ذلك الحين وهم يخضعون للاعتقال الاداري في اسرائيل. ولم يمثل في المحكمة الفلسطينية الا المتهم السادس. وكانت المخابرات الفلسطينية قد اعتقلت الستة من قبل بتهمة حيازة بندقية قديمة، وبعد إطلاق سراحهم اعتقلت اسرائيل اربعة منهم ومن ثم قتلت الاعرج.
واعرب المتظاهرون عن غضبهم لاستمرار محاكمة الشبان في المحكمة الفلسطينية، رغم تأجيل النقاش عدة مرات بسبب عدم حضور المتهمين (المعتقلين في اسرائيل) واختباء الأعرج. وحسب تقرير لجنة التحقيق فقد تم شطب الدعوى ضد الاعرج في صباح 12 آذار، قبل بدء المظاهرة، أي بعد ستة ايام من قتله. وتنتقد اللجنة الجهاز القضائي بسبب مواصلته النظر في دعوى ضد معتقلين في اسرائيل وضد قتيل، واوصت بفحص ظروف النقاش الذي جرى في المحكمة في 12 آذار. وشجب مجلس القضاة توصية اللجنة وادعى انها “تدخل غير قانوني في عمل الجهاز القضائي ومحاولة لاسترضاء الرأي العام”.
واشارت اللجنة التي ضمت المدير العام لوزارة الداخلية الجنرال محمد منصور، ومدير المفوضية الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان عامر دويك، ورئيس نقابة المحامين، المحامي حسين شبانة، الى ان التحقيق الذي اجرته على مدار الساعة، طوال اسبوعين، شمل 30 شاهد عيان من المشاركين والصحفيين والمحامين والاكاديميين وغيرهم. كما التقت اللجنة مع رئيس الحكومة بصفته وزير الداخلية، ومع القائد العام للشرطة وقائد قوة الامن القومي ومحافظ بيت لحم، لسماع اقوالهم. كما شاهدت اللجنة كل افلام الفيديو التي نشرت وغيرها مما لم ينشر، وتسلمت كل الاوامر التي اصدرتها اجهزة الامن خلال الاحداث. ويستدل من تقرير لجنة التحقيق بأن شرطة رام الله اقامت لجنة فحص داخلية بعد المظاهرة وعاقبت عدة افراد من الشرطة الذين مارسوا القوة المفرطة – بما في ذلك احد افراد الشرطة الذي استخدم صاعقا كهربائيا غير متوفر بين المعدات المسموح بها في الشرطة الفلسطينية.
ويعد التقرير بالحصانة الكاملة لشهود العيان الذين تم سماع افادتهم، كما يعد بعدم الاشارة الى اسماء الضالعين في الاحداث واصحاب المناصب المذكورين في التقرير، بما في ذلك رجال الامن. لكنه حسب المعلومات المتوفرة، فان قائد شرطة محافظة رام الله هو عبد اللطيف القدومي، الذي شغل هذا المنصب في السابق، وتم نقله الى محافظة اخرى لمدة عامين، بسبب قمع مظاهرة اخرى (ضد زيارة شاؤول موفاز لديوان عباس). وقد نشرت عدة وسائل اعلام اسمه واسم قائد قوات الامن القومي نضال ابو دوحان، الذي يحظى بالثناء في التقرير. فهو تواجد كالقدومي في مظاهرة البيرة، لكنه حافظ على المرونة وفضل تمديد المفاوضات مع المتظاهرين لكي يتفرقوا من دون مواجهات.
في مقدمته يقتبس التقرير من اعلان الاستقلال الفلسطيني، الذي كتبه الشاعر الراحل محمود درويش، حول طابع الدولة الفلسطينية كديموقراطية برلمانية تحترم الحقوق الانسانية للمواطنين وحقوقهم السياسية والدينية. كما يشير التقرير الى المعاهدات الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين والتي تلزم باحترام الحق بالاحتجاج والتنظيم. وحسب القانون الفلسطيني لا حاجة للحصول على تصريح من الشرطة من اجل تنظيم تظاهرة، لكنه يجب تبليغها قبل 48 ساعة لكي تستعد مسبقا للحفاظ على النظام. خلال تظاهرة 12 آذار لم يتم تبليغ الشرطة مسبقا، فتسببت مظاهرة البيرة بإغلاق شارع رئيسي في المدينة. وتم تفريقها بالهراوات وقنابل الغاز والصوت والاعتداء على الصحفيين. واصيب تسعة متظاهرين فاخضعوا للعلاج في المستشفى. وفي بيت لحم تم إطلاق النار في الهواء واستخدام قنابل الغاز فقط بعد لجوء المتظاهرين الى العنف واحراق نقطة حراسة، واصابة عدة رجال امن بالحجارة.
ويتطرق التقرير الى مشاعر الاحباط في صفوف الجمهور الفلسطيني، خاصة الشبان، بسبب انسداد الافق السياسي، وبسبب مقاييس البطالة. ويتطرق التقرير الى مشاعر فقدان الامن الشخصي بسبب نظام الاحتلال الاسرائيلي واعتداءاته اليومية خاصة على مخيمات اللاجئين، والاعتقالات وما يسمونه الاعدام. وجاء في التقرير ان مشروع الاستيطان يثير لدى المواطنين الخطر على وجودهم ووجود اولادهم في هذا البلد. وكتب في التقرير ايضا، ان الاحباط نشأ ايضا بسبب الانقسام السياسي الداخلي وعدم اجراء انتخابات. كما كتب في التقرير ان الاحتلال الاسرائيلي يبذل كل ما في وسعه من اجل احراج “المؤسسات الرسمية لدولة فلسطين” وعرضها كضعيفة وفاقدة للسيطرة ومن اجل اثارة الفوضى.
ويعبر التقرير عن تفهم اللجنة للصعوبات التي تواجهها قوات الامن الفلسطينية بسبب القيود الاسرائيلية، ويذكر بالتحديات التي تواجه قوات الامن، كانتشار السلاح غير المرخص في اوساط المواطنين، ونمو خلايا للجريمة المنظمة وخاصة تجارة المخدرات والسيارات غير المسجلة. وكتب في التقرير ان التحديات السياسية في البلاد وفي المنطقة والاحتلال القاسي تحتم اظهار المسؤولية على مستوى عال والوحدة الوطنية.
هذا هو الاساس السياسي-العاطفي الذي سمح لمن كتبوا التقرير بالتعامل مع المظاهرات التي يقف في خلفيتها اتهام السلطة الفلسطينية والشرطة الفلسطينية بالخيانة، وبالتعاون الذي قاد الى اعتقال اصدقاء الأعرج وقتله. لا يوجد اتهام أشد خطورة من ذلك. والتقرير يسمح لنفسه بانتقاد من يوجهون هذا الاتهام، ويطلب من الأحزاب عدم الوصول الى الاتهام بالخيانة. وفي الوقت ذاته، يحث السلطات على اظهار التفهم والحساسية نحو الجمهور الذي يعيش في حالة طوارئ دائمة وغير طبيعية.
من بين التوصيات الأخرى للحكومة ولوزارة الداخلية: تعويض الصحفيين الذين اصيبوا خلال التظاهرة في البيرة، اصدار اوامر دقيقة ومفصلة بشأن استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مراقب، وشراء مكبرات صوت للشرطة من اجل اصدار اوامرها للمتظاهرين، والتزود بأشرطة تفصل بين المواطنين وحركة المواصلات. كما توصي اللجنة بضمان حقوق النساء بالمشاركة في التظاهرات من دون السخرية منهن (وذلك بعد قيام المؤيدين للشرطة والمتماثلين من فتح بالسخرية من النساء المشاركات، على الشبكة الاجتماعية).
الطريق الى الرياض تمر عبر رام الله
يكتب شاؤول اريئيلي، في “هآرتس” ان التصريحات المتواترة حول الحاجة الى “حل اقليمي” للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني والتي يطلقها اسرائيليون ضالعون في العملية، ويسعون الى تسوية الصراع، تنبع من عدة أسباب: انها تعبر عن الرغبة في التغلب على ضعف الفلسطينيين عقب الانشقاق الداخلي بين م. ت. ف وحماس، التطلع الى التدخل النشط والملزم من قبل الدول العربية بتحقيق الاتفاق، في تطبيقه والحفاظ على استقراره، والأمل بعلاقات تجارية واقتصادية مع أسواق كانت حتى الان مغلقة في وجه الاسرائيليين، ومأسستها كجزء من التطبيع مع العالم العربي.
مقابل ذلك، فإن التصريحات المشابهة التي يطلقها رئيس الوزراء وبعض الوزراء تعبر عن رغبة في الامتناع عن حل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وفقا لصيغة الدولتين. والهدف هو: استغلال مصالح بعض الدول العربية ومخاوفها من التهديد الايراني، وجعلها تفرض التسوية على الفلسطينيين أو تعمل على حفظ الوضع الراهن معهم – دون أن تدفع إسرائيل الثمن المطلوب لتحقيق تسوية مستقرة تكون مقبولة على الفلسطينيين.
أماني رئيس الوزراء هذه منقطعة عن تاريخ الصراع ومنظومة القيود في العالم العربي ازاء الفلسطينيين. والأخطر من ذلك، فان السعي الى تحقيقها من شأنه أن يعيد إسرائيل والفلسطينيين الى نقطة البداية التي يراوح فيها الصراع منذ سنوات كثيرة: “إما كل شيء أو لا شيء”.
كما يحدث للقيادة الفلسطينية اليوم، هكذا وجد المفتي الحاج أمين الحسيني نفسه بعد الحرب العالمية الاولى في موقف متدني خلال المواجهة مع الحركة الصهيونية، التي كانت منظمة جيدا ونالت دعما دوليا واسعا. لقد كان المعسكر الفلسطيني الذي ترأسه منقسما، منشقا ومصابا بالفساد. وكان معزولا في الأساس، لان الدول العربية كانت منشغلة كل منها بشؤونها. ولذلك فقد سعى المفتي الى تجنيد العالم الاسلامي لمساعدة عرب فلسطين، بادعاء أن اليهود يسعون الى هدم المسجد الاقصى وإقامة الهيكل على خرائبه، وانه بعد احتلال فلسطين سيتوجهون لاحتلال المنطقة بأسرها.
لكن عرب فلسطين لم يقصدوا منح الدول العربية الحق بتمثيلهم مقابل مساعدتها لهم. فتشكيل اللجنة العربية العليا، في 1936، ضمن صدارة الفلسطينيين حتى حرب الاستقلال. وبسبب رفضهم لقرار التقسيم في 1947، وخروجهم للحرب من اجل الغائه، واجتياح الجيوش العربية لأرض اسرائيل، صودر من الفلسطينيين الحق بتمثيل أنفسهم. ولم يتم اشراكهم في اتفاقات الهدنة ولا في مؤتمر المصالحة في لوزان. ومع أن المصريين اقاموا “حكومة عموم فلسطين” في غزة برئاسة المفتي، الا ان الملك عبدالله انتزع لنفسه الحق في تمثل الفلسطينيين مع ضم الضفة في 1950.
لقد تغير الواقع بعد تبلور القيادة الفلسطينية الجديدة. فمع سيطرة عرفات على م. ت. ف في 1969 تم تثبيت مبدأ “القرار المستقل”. أي ان الفلسطينيين يطالبون باتخاذ كل القرارات المتعلقة بهم بشكل مستقل، وفقا لمصالحهم وليس وفقا لمصالح الدول العربية. وجاء قرار الجامعة العربية في 1974، بتأييد من الملك حسين، بالاعتراف بـ م. ت. ف كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وقرار الملك حسين الغاء ضم الضفة الغربية في آذار 1988، ليستكمل الانقلاب في موضوع تمثيل الفلسطينيين. وأدى اعتراف م. ت. ف في نهاية ذاك العام بقرار الامم المتحدة 181 و 242 الى الاعتراف الأمريكي بحق التمثيل أيضا، وفي 1993، اعترفت اسرائيل هي الاخرى بمنظمة التحرير في إطار اتفاقات اوسلو. اعتراف الامم المتحدة في 1974 بمنظمة التحرير الفلسطينية كعضو مراقب فيها، تحول في 2012 الى اعتراف بفلسطين داخل حدود 1967 كدولة مراقبة، بتأييد 138 دولة.
لقد اسهمت اتفاقات السلام مع مصر وبعد ذلك مع الاردن، واتفاقات اوسلو مع م. ت. ف، بوضع الفلسطينيين في مقدمة المسرح السياسي. فقد اعترفت الجامعة العربية ومؤتمر الدول الاسلامية بالاتفاقات التي وقعتها م. ت. ف. ومنحت مبادرة الجامعة العربية بالفعل إطارا لاتفاقات السلام بين اسرائيل والعالم العربي، لكن ذلك يشترط بتسوية الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وفقا للمعايير التي يتقبلها المجتمع الدولي و م. ت. ف. صحيح أن مكانة محمود عباس وم. ت. ف منوطة بتأييد الدول السنية المعتدلة وهو يدفع لها بين الحين والاخر ضريبة، مثل الاتفاق الذي وقعه في آذار 2013 مع الاردن، والذي يعتبر الملك عبدالله الثاني هو “الوصي على الماكن المقدسة في القدس… لا سيما الحرم الشريف”، وصاحب الصلاحيات “بتمثيل مصالح” الأماكن المقدسة. لكن هذا تم من دون التنازل عن البند القائل بان “حكومة دولة فلسطين، بصفتها المعبرة عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، تملك الحق في السيادة على كل جزء من اراضيها، بما في ذلك القدس″.
يعرف عباس بتراجع مكانة القضية الفلسطينية، كما أجاد التعبير عن ذلك الصحافي محمد آل الشيخ في صحيفة “الجزيرة” السعودية في كانون الثاني من هذا العام: “الأمر الآخر الذي يجب على الفلسطينيين أن يستوعبوه، أن عرب اليوم غير عرب الأمس، وأن القضية الفلسطينية تراجعت مكانتها لدى الإنسان العربي، فلم تعد قضيته الأولى، فهناك حروب أهلية طاحنة حقيقية في أربع دول عربية، كما أن الحرب على الإرهاب المتأسلم هو الهمّ (الأول) الذي يقض مضاجع العرب بلا استثناء”.
ولكن عباس، مثل باقي الزعماء العرب، يعرف أيضا بان “الشارع العربي” بكل تياراته لن يوافق بسهولة على قبول اتفاقات سلام وتطبيع مع إسرائيل دون تسوية الفضية الفلسطينية، ومن شأن هذا الامر ان يقوض الاستقرار في كل المنطقة.
يخشى عباس بالفعل من “مؤامرة” بين الادارة الامريكية، اسرائيل وبعض الدول العربية في ما يسمى “مفاوضات اقليمية” تأتي على حساب الفلسطينيين، في ما يشبه محاولة الامريكيين في السنة الماضية، التي أفشلها نتنياهو. وقد اضطر هو و م. ت. ف مؤخرا، الى مواجهة مؤتمرات مختلفة تهدد مكانتهما السياسية، مثل “مؤتمر دعم الانتفاضة” في طهران، مؤتمر اسطنبول الذي تحدى م. ت. ف و “مؤتمر الفلسطينيين في اوروبا”، الذي تنظمه حماس ويتوقع انعقاده في منتصف نيسان في روتردام. من الجهة الاخرى، فان بيان وزراء خارجية الجامعة العربية عشية القمة العربية، التي افتتحت في عمان أول أمس، والذي يتبنى مبادرة الجامعة العربية في 2002 كأساس للمفاوضات، عزز جدا مكانة عباس. كما أن المحادثة الهاتفية القصيرة التي اجراها مع الرئيس الامريكي رسخت مجددا مركزيته كعنوان سياسي.
تقف اسرائيل أمام فرصة غير مسبوقة للتأثير على تصميم الواقع الشرق أوسطي، قبل أن يتبلور وفقا للميول التي وصفت أعلاه والتي ستتمثل نتائجها في تخليد الصراع ودفع اهداف ايران، تركيا وقطر (بشكل مباشر أو بواسطة أذرعها: حماس، الجهاد الاسلامي الفلسطيني وحزب الله). ضعف م. ت. ف لن يخفي القضية الفلسطينية. والاسوأ من ذلك هو أنه سيسرع فقط نقل القيادة لحماس، التي يمكن ان تغير ميثاقها قريبا. لكن هذا لن يجعلها شريكا لاتفاق دائم. اسرائيل ملزمة بالصحوة والحرص على مصالحها. فالطريق الى الرياض، الى دول الخليج ودول اخرى يجب أن تمر عبر رام الله.
اجتماع القمة العربية اثبت ان هدفه الأساسي واحد: حل القضية الفلسطينية
يكتب تسفي برئيل في “هآرتس” ان استقبال الملك الاردني عبد الله الثاني لملك السعودية سلمان، اثار الاستغراب الكبير، هذا الأسبوع، عند حضوره للمشاركة في مؤتمر القمة العربية. فبالاضافة الى المراسم العسكرية الفخمة، تم اطلاق 21 قذيفة مدفعية، وهو جدث غير متعارف عليه بتاتا في القمم العربية. وكرست الصحيفة السعودية الدولية “الحياة” مقالا كاملا لهذا الموضوع، تضمن تفسيرا تاريخيا لتقاليد إطلاق المدفعية. لكن يبدو أن تفسير هذا الاستعراض لا يكمن في التاريخ، بل في الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين السعودية والاردن، والذي ينص على قيام المملكة الغنية بمساعدة جارتها ببضع مليارات من الدولارات لإنقاذها من الازمة الاقتصادية.
كالمعتاد في القمم العربية، كانت اللقاءات والتفاهمات بين الزعماء، هذه المرة ايضا، أهم من جلسات المؤتمر التي كانت الخطابات خلالها متوقعة. كمنتدى عام للعرب، توقفت الجامعة العربية منذ سنوات عن لعب دورها كاطار لحل المشاكل والصراعات في الشرق الاوسط. وتكمن اهميتها، طالما كانت قائمة، في خلق الاجماع العربي الذي يعتمد على القاسم المشترك المنخفض جدا، وليس في صياغة حلول براغماتية. ويترسخ هذا الاجماع في موقفين اساسيين: حل سياسي للمشكلة الفلسطينية وكبح تأثير ايران.
في العام 2002 تم تثبيت المبادرة العربية التي اقترحتها السعودية كأساس لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وهي المبادرة التي تم تبنيها من قبل الامم المتحدة والادارات الامريكية، بما في ذلك ادارة ترامب الذي أرسل الى القمة، وبشكل استثنائي، مبعوثه الخاص جيسون غرينبلات. المبادرة العربية مشمولة في البند الاول من ضمن 15 بندا يتضمنها البيان الختامي للمؤتمر، وتؤكد من جديد الاستعداد للتطبيع مع اسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من المناطق المحتلة. فالتطبيع لم يعد منذ زمن كلمة نابية يحظر ذكرها. ويفترض استخدامها بأنها قد تغري اسرائيل بشكل ملموس وليس تطويقها فقط. قبل المؤتمر ببضعة ايام انتشرت تصريحات، بما فيها تصريحات الامين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط، تتحدث عن مفاجأة في القمة من قبل الفلسطينيين وبعض الدول العربية، لا سيما السعودية- مفاجأة تعني استعداد العرب لإعادة صياغة معادلة “الارض مقابل السلام”، وبدلا منها “دولة فلسطينية مقابل السلام”. أي التنازل ولو بشكل مؤقت عن طلب الانسحاب من هضبة الجولان.
لقد كان هذا هو الطموح الذي اشار اليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما التقى، هذا الشهر، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ولكن قبل يومين من افتتاح القمة، أوضح عباس أنه لا ينوي طرح خطة أو مبادرة جديدة أو طلب “تعديل” المبادرة العربية. وهكذا عادت الصيغة المتفق عليها منذ العام 2002 والتي تطالب بانسحاب اسرائيل الشامل والكامل الى حدود الرابع من حزيران 1967، كشرط للتطبيع. وفي الوقت ذاته، تم رفض الأصوات التي ارتفعت خلال السنوات الاخيرة من قبل زعماء وحركات راديكالية تطالب بإلغاء المبادرة العربية أو اعادة صياغتها من جديد دون أن تشمل التطبيع. واعادت السعودية والدول العربية الاخرى، (باستثناء سوريا التي لم تشارك)، المصادقة على الصيغة الاصلية التي يمكن لادارة ترامب استخدامها كرافعة سياسية اذا رغبت بذلك.
من سوريا الى ليبيا
ترامب لم يطرح بعد خريطة طريق سياسية للحل الذي يراه، باستثناء التصريح الذي يعبر عن توقه لعقد “صفقة” تؤدي الى الحل خلال فترة زمنية قصيرة. ولكنه حطم الى درجة كبيرة الصورة التي تقول بأن ادارته ستسحب يدها من الصراع، وعلى الاغلب ستؤيد موقف اسرائيل، ليس فقط أنه لا يوجد تفاهم بعد حول صيغة البناء المسموح به في المستوطنات، بل من المتوقع أن يبقى مبعوثه لأيام طويلة في المنطقة من اجل التشاور مع الزعماء العرب والفلسطينيين والاسرائيليين حول السبل الممكنة لدفع المفاوضات.
اللقاء الهام التالي يتوقع ان يتم يوم الاثنين القريب بين ترامب والرئيس المصري الذي سيصل الى واشنطن، بعد أن سمع غرينبلات موقف السعودية من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وبعد أن ذاب الثلج بين مصر والسعودية، والذي أثر على العلاقات بينهما في الاشهر الماضية.
لقد افاد مراقبون في القمة إن السيسي والملك سلمان شوهدا وهما يدخلان الى احدى الغرف، بالذات عندما ألقى الرئيس القطري خطابه. بين قطر ومصر تسود علاقات عداء وكراهية. وهناك من فسر خروج السيسي من القاعة كتظاهرة مهينة. ولكن هذا التحليل استبدل بالأمل بأن ينجح الملك السعودي بالذات، في التقريب بين الدولتين من اجل تقوية التحالف العربي والتي لم يثبت حتى الآن نجاعته في كبح ايران.
اذا كانت الدول العربية قد نجحت بالتوصل الى اقتراح متفق عليه بشأن الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، يشمل التزاما عربيا واسلاميا (لقد تبنت الدول الاسلامية باستثناء ايران، المبادرة السعودية)، فان الوضع أكثر تعقيدا في الموضوع الايراني. بعض الدول العربية، مثل قطر والكويت والامارات ولبنان والعراق وسوريا بالطبع، لديها علاقات قوية مع ايران. ومن الواضح للسعودية ايضا، أن حل مسألة الحرب السورية يحتاج الى موافقة ايران. وأن كل موافقة كهذه ستكون مشروطة بموافقة العرب على استمرار ولاية الاسد.
صحيح أنه لم يذكر في البيان الختامي للقمة العربية اسم الاسد، ولم يتم التحدث مباشرة عن طبيعة النظام المطلوب في سوريا، لكنه اشار الى قرارات مؤتمرات جنيف وقرار الامم المتحدة 2254 من العام 2015، كمصدر موثوق لحل الازمة السورية. ويمكن أن نلاحظ في ذلك حدوث تغيير في الموقف العربي الذي يلائم نفسه للوضع الميداني، والتدخل الروسي الناشط الذي يواصل تأييد الاسد، والاعتراف بأن ايران ستكون جزء من الحل. معنى هذا أن رغبة اسرائيل في الانضمام الى تكتل عربي معتدل معادي لايران ومؤيد للولايات المتحدة، ليست واقعية بالضرورة. ايضا لأن الدول العربية لا تجد أي صلة بين الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وبين مواقفها من ايران، وايضا، بسبب الخلافات حول العلاقة مع ايران.
من المفارقة ان هناك تفاهمات بين الدول العربية وايران، وبين ايران والولايات المتحدة، حول الحرب ضد داعش وضد التنظيمات الاسلامية الراديكالية، كجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) والتي تعتبرها ايران والولايات المتحدة منظمات ارهابية. يمكن للسعودية، حاليا، تخفيض مستوى مخاوفها من امكانية تبني ادارة ترامب لإيران على حسابها. كما سبق واشتبهت بنية اوباما عمل ذلك. ولكن، في المقابل، فان التحالف الذي شكلته السعودية والذي تشارك فيه تركيا التي تدير علاقات تجارية واسعة مع ايران، لا يمكن ان يضمن القضاء على ايران – خاصة وأن روسيا، التي حصلت هذا الاسبوع على تصريح ايراني باستخدام قواعدها لمهاجمة اهداف في سورية، باتت تعتبر بشكل متزايد حليفتها في الشرق الاوسط.
تمسك روسيا في الشرق الاوسط لا يقتصر على سورية وايران فقط. فقد تم خلال هذا الشهر الحديث عن نشر قوات روسية في منطقة الحدود بين مصر وليبيا، وتعزيز العلاقات بين الكولونيل خليفة حفتر، قائد “الجيش القومي الليبي”، وهو ليس جيش ليبيا، وبين الحكومة الروسية. وقد نفت روسيا قيامها بنشر قوات في ليبيا، لكنها اشارت الى انها تعمل من اجل “ضمان الهدوء في الدولة”. كما تتطلع عيون موسكو الى حقول النفط الليبية وفرص الاستثمار في هذه الدولة المفككة، التي تدار من قبل حكومتين وبرلمانين وليس لها جيش موحد يمكنه العمل باسمها.
تعزيز العلاقات التجارية والعسكرية بين روسيا ومصر، التي يتوقع قيام روسيا ببناء مفاعل نووي فيها لتوليد الكهرباء، والعلاقات العسكرية بين مصر وبين الكولونيل حفتر، تسحب من ايدي السعودية احتكار التأثير، الذي تسعى اليه، على الوطن العربي. رغم ان العمل المصري -الروسي في ليبيا لا يخص ايران بشكل مباشر، فان التحالف القوي بينهما يزيد من تخوف السعودية من انحراف مصر نحو الحل حسب رغبة روسيا في سورية وفي مناطق اخرى في الشرق الاوسط.
هذه التحالفات هي نوع من الخطوات التي لا تستطيع الجامعة العربية، كمجموعة، التدخل فيها أو التأثير عليها. وتحل مكانها تنسيقات وتفاهمات جزئية بين دولتين او اكثر من الدول العربية، دون أن تعكس هذه التنسيقات موقفا عربيا موحدا. اذا كان يكفي في السابق تجنيد دولة عربية واحدة أو دولتين، كمصر أو السعودية، لدعم الموقف الامريكي، فان التطورات في السنوات الاخيرة، تخلق تحديا اكثر تعقيدا، أمام من يرسمون السياسة في الغرب أو في روسيا. من هنا، أصبح مفهوم “الخط المؤيد للغرب” مسألة عفا عليها الزمن ولا يعكس الواقع السياسي في الشرق الاوسط، وليس فيه فقط. فمفهوم “الغرب” لا يمثل بالضرورة موقفا موحدا للولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي – وهذا الانقسام سيزداد كما يبدو في عهد ترامب. اذا كان الأمر كذلك، فان تسويق “تحالف عربي مؤيد الغرب” تكون فيه اسرائيل شريكة، هو في الوقت الحالي مجرد عملة كلامية وليس استراتيجية واقعية.
هو أسكتوه، اما هي، فلا
تكتب سمدار بيري، في “يديعوت احرونوت” ان مطار المزة العسكري في دمشق يمتد على مساحو عشرات الكيلومترات. هذا هو أحد اكثر الأماكن المحمية في سورية بعد قصر الشعب، الذي يسكنه الرئيس الأسد. من هنا تحلق الطائرات الحربية في طريقها لقصف المراكز السكانية في سورية، وفيه تهبط شحنات الأسلحة والمعدات الحربية القادمة من طهران، وهناك، كما يبدو، تتواجد، ايضا، عدة منشآت حساسة لروسيا وحزب الله والحرس الثوري الايراني.
يمكن الافتراض بأن اصحاب التصاريح البالغة السرية هم من يسمح لهم بالاقتراب من مباني الحرس الثوري الايراني في المطار. الى احد هذه المباني دخل “رئيس اركان” حزب الله مصطفى بدر الدين في ليلة 12 -13 ايار في العام الماضي. وفي صباح اليوم التالي تم العثور على جثته ممددة على ارضية الباطون الباردة. لقد ترك بعد موته الكثير من علامات الاستفهام: من كان يعرف عن وجود الرجل الثاني في حزب الله، وقائد قوات التنظيم المحاربة في سورية، داخل هذا المبنى؟ هل كان لوحده؟ وما الذي بحث عنه هناك؟
في الأيام الأولى بعد الاغتيال، لف الصمت الامين العام لحزب الله، وفقط بعد ارسال نعش بدر الدين، المحكم الاغلاق (لمنع فحص الجثة) لدفنه في بلدته الجبير في جبال لبنان، وبعد ان ارفق طبيب من حزب الله شهادة الوفاة (التي تبين لاحقا بأنها مزورة)، نشر الناطق بلسان حزب الله نصا رسميا: “التكفيريون (الاسم المهين لتنظيمات المتمردين في سورية) اطلقوا صاروخا قتل “ذو الفقار”، وهو احد الألقاب الكثيرة التي استخدمها.
وسارع المتمردون الى نشر نفي. واوضحوا بأن أقرب مكانين الى المطار، تستخدمهما المعارضة للسلطة يقعان على مسافة 20 كلم من هناك، في قريتي دير العصافير وتل دكوة. وجاء في البيان: “لا نملك صواريخ تصل الى هذه المسافة ولم نعرف بتاتا بأن “ذو الفقار” يتواجد في المطار، وباستثناء ذلك، فانه في الأسبوع الذي وقعت فيه عملية الاغتيال لم يحدث أي نوع من تبادل النيران بيننا وبين قوات النظام”. كما اهتمت المعارضة بنشر صورة الموقع بعد عملية الاغتيال، ولم تظهر على جدران المبنى آثار اختراق صاروخي.
وخلافا لعادته بمرافقة كل عملية اغتيال تستهدف احد مسؤولي حزب الله، بإلقاء خطاب تهديد يتم بثه على الشاشات الكبيرة في حي الضاحية في بيروت وعلى قناتي المنارة والميادين، فقد انتظر نصرالله اربعة أيام حتى القى خطاب الرثاء لبدر الدين، والذي اتهم خلاله المتمردين. لكنه لم يكن مقنعا. وقال خبير مخضرم في شؤون حزب الله ان “نصرالله تعمد عدم اتهام اسرائيل كي لا يضطر الى الزام نفسه وتنظيمه بالرد. اكثر امر مريح بالنسبة له هو تحميل المسؤولية لـ”عصابة ارهابية”.
وكأن أول من غرد على تويتر عن “كذبة نصرالله الكبرى”، عباس حطيط، رجل الدين الشيعي الكبير الذي أصر على “تصفية بدر الدين داخل العائلة”، وجاءت في اعقابه الصحفية ماريا معلوف، التي صرخت بنصرالله “لا تبعنا اكاذيب. نحن نعرف أن يداك ملطخة بالدم. نحن نعرف، ايضا، انك كنت شريكا في مؤامرة الاغتيال”. ماريا معلوف التي تقدم برامج في تلفزيون بيروت وتعمل صحفية مستقلة في صحف الخليج الفارسي، معروفة بأنها عشيقة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري وقائد الفيلق الرابع. وبفضل علاقاتها مع القيادة، لفتت تغريدتها الأنظار وخلقت موجات من الشائعات.
ويؤكد تحقيق شامل ودراماتيكي نشرته قناة “العربية” قبل اسبوعين، ادعاءات حطيط ومعلوف. وحدد التقرير بأن بدر الدين لم يقتل بفعل صاروخ للمتمردين وانما تم اغتياله في اطار مؤامرة بين حزب الله والحرس الثوري الايراني.
13 هاتفا خليويا و20 عشيقة
لكي نفهم لماذا سقط نجم بدر الدين في عيون الايرانيين، يجب العودة الى ما قبل عامين. عندما تم تعيين قاسم سليماني، قائد وحدات النخبة في الحرس الثوري “القدس”، ممثلا شخصيا للزعيم الروحي الايراني في سورية، طلب ضم حزب الله اليه كقوة مساعدة. وحاول نصرالله وبدر الدين المعارضة، واشتكى نصرالله من على شاشات الضاحية بأن “الكثير من جنودنا يرجعون بالأكفان”، وكشف لأول مرة عمق تدخل حزب الله في القتال الى جانب الجيش السوري.
لقد كان هذا الأمر هو مركز الخلاف بين بدر الدين وسليماني. وحسب وسائل الاعلام اللبنانية، فقد طلب سليماني في شباط 2016 من بدر الدين نقل الاف جنود حزب الله من منطقة الجنوب الى حلب. وحاول بدر الدين مناقشة سليماني قائلا “لكن حلب لا تهمنا”، الا ان سليماني أصر: “محاربو حزب الله المدربين يمكنهم حسم المعركة لإعادة حلب لسلطة بشار”. ورد بدر الدين: “قوات جزب الله لن تكون العمال السود الذين سيقتلون بدلا من الحرس الثوري. اريد قوات حزب الله جاهزة لمواجهة اسرائيل”. لقد كان بدر الدين يعرف الأرقام: خلال سنوات تدخله الأربع في سورية فقد حزب الله حوالي 2500 محارب فيما اصيب حوالي 7000 من جنوده، الأمر الى قاد الى “تظاهرة النعوش” التي اجرتها الأمهات والأرامل امام مقر التنظيم في الضاحية.
“لقد اصيب سليماني بالجنون” يقول احد المسؤولين اللبنانيين. وحذر بدر الدين من ان حياته في خطر. وقال له: “لست معتادا على مجادلتي او رفض اوامري”. وكعقاب على ذلك اوقفت ايران تحويل رواتب محاربي حزب الله لمدة شهرين.
لكن الأمر لم ينته بالعقوبة الاقتصادية. وحسب تحقيق “العربية”، في ليلة 12 -13 أيار
2016، دخل اربعة رجال الى مبنى الباطون في المطار العسكري في دمشق: قاسم سليماني وحارسه المرافق، وبدر الدين وحارسه ابراهيم جزيني، قريب عائلته. وفي مرحلة معينة شوهد سليماني وهو بخرج من البناية الى سيارته سوية مع حارسه. وحسب التحقيق فقد استل جزيني مسدسا مزودا بكاتم للصوت واطلق عيارين قاتلين على رأس بدر الدين.
وكشف خبير لبناني انه خلال اللقاء الذي سبق عملية اغتيال بدر الدين، ساد الغضب على خلفية مناقشة انتشار قوات حزب الله في سورية. فقد قال بدر الدين لسليماني بإصرار: “اريدهم في هضبة الجولان. حان الوقت لكي تقدم القوات الايرانية ايضا، الشهداء في سورية”. وعندها أشار سليماني الى الجزيني وخرج من المكان بسرعة، وعندها تم اطلاق العيارين.
لقد اتصل معد التحقيق في قناة العربية، بالدكتور محمد داغر، الطبيب الذي ظهر توقيعه على شهادة الوفاة المزورة لبدر الدين. ويسمع في التسجيل صوت معد التحقيق وهو يتوجه الى الدكتور داغر باسمه ويتلقى تأكيدا بأنه يتحدث معه، ولكن عندما طرح معد التحقيق سؤالا حول الحالة التي وصلت فيها جثة بدر الدين – ممزقة جراء اصابته بصاروخ او كان رأسه مخترقا برصاص مسدس – تم اغلاق الهاتف. وفي رده على التقرير قال حزب الله: “لا يستحق الرد على كومة من الأكاذيب والافتراءات”.
لقد كان بدر الدين (55 عاما) رجل التناقضات. كان شخصية حيوية، بعيد عن صورة القائد الميداني في حزب الله، لكنه عمل في الظلال، من دون ان يترك أثر (اذا لم نأخذ في الحسبان حيازته لـ13 هاتفا خليويا، حسب شبكة “سي. ان. ان”. بدر الدين لم يحصل أبدا على جواز سفر رسمي، اسمه لم يكن مسجلا في وزارة الداخلية اللبنانية، وشقة الملذات التي امتلكها في حي الملاهي الليلية والكازينوهات في جونييه، تم تسجيلها باسم شخص آخر. لقد كان “سامي عيسى” صاحب شبكة المطاعم ومحلات المجوهرات، وكان “الياس فؤاد صعب” عندما اضطر الى تسجيل نفسه لدى نزوله في الفنادق خارج لبنان. وكان “جوجو” بالنسبة لعشيقاته العشرين اللواتي شوهدن معه، ما اثار غضب قائد الحرس الثوري، قاسم سليماني. وهو ايضا “ذو الفقار”، الاسم الحركي الذي تبناه في حزب الله، على اسم سيف الامام علي الشيعي.
نشأ بدر الدين في بعبدا، على مشارف بيروت، وكذلك في جنوب لبنان. وحسب ادعائه فقد درس العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في بيروت، لكنه لم يتم العثور على أي اسم من اسمائه او القابه في سجلات الجامعة. نسيبه، عماد مغنية (الذي كان متزوجا من سعدى شقيقة بدر الدين)، كان من احضره الى حزب الله. ويقول محلل لبناني ان “نصرالله لم يتحمله، لكن مغنية، الذي كانت مكانته قوية جدا، اهتم بترقية بدر الدين وحاول في المقابل كبح سلوكياته الماجنة، خاصة بعد قيام “جوجو” بشراء يخت خاص، وتنقل بين الملاهي الليلية في سيارة مرسيدس تبهر النظر”.
بعد اغتيال مغنية في 2008، طلب بدر الدين وراثة منصبيه: رئيس قسم “العمليات” و”المسؤول عن عمليات حزب الله في انحاء العالم”. لكن مجلس الشورى في حزب الله، بقيادة نصرالله، رفض تسليمه كامل صلاحيات ومناصب مغنية. ولذلك اضطر للاكتفاء بلقب “رئيس الأركان” وبين الحين والآخر بادر الى عمليات خارج لبنان، تم كشف بعضها واحباطها قبل تنفيذها.
في عام 2010 عاد اسمه الى العناوين عندما اتضح بأنه المسؤول عن اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري قبل خمس سنوات من ذلك. فلقد اصدرت المحكمة الخاصة في لاهاي امر احضار ضده، وفي 2013، ارسله نصرالله الى سورية من اجل منع تسليمه. وبرز اسمه على القوائم السوداء لأجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة وفرنسا والامارات. ولكن، حسب ما يقول الخبير اللبناني، “تخوف بدر الدين طوال السنوات من اسرائيل. لقد كان متأكدا من ان الموساد يلاحقه، وان لديه مخططا لاغتياله بواسطة عملاء في لبنان”، خاصة في ضوء حقيقة وقوفه وراء العملية في بورغاس في عام 2012، التي قتل خلالها ستة اشخاص بينهم خمسة اسرائيليين.
لكنه في نهاية الأمر لم يتم اغتياله من قبل اسرائيل، وكما يبدو ليس بأيدي المتمردين، ايضا. والان، مع نشر التحقيق يطرح السؤال: كيف وصلت كل هذه المعلومات الحساسة بالذات الى قناة التلفزيون السعودية؟ المحللون يتكهنون بعنوان واحد. “الموساد الاسرائيلي وحده الذي يتعقب كبار المسؤولين في حزب الله، كان يمكنه الحصول على المعلومات وتحويلها الى “العربية”، كما يدعي رجال اعلام في العالم العربي. واذا لم يكن هذا كافيا، فقد كشف رئيس الاركان غادي ايزنكوت، في الاسبوع الماضي، خلال محاضرة في كلية نتانيا ان “نتائج التحقيق الذي نشرته العربية تلامس المعلومات المتوفرة لدينا”. ولخص مصدر رفيع في الجهاز الامني القضية قائلا: “كما في مسلسل ‘آل سوبرانو’، قامت المافيا الايرانية ومافيا حزب الله بتنفيذ عملية اغتيال داخل العائلة”.
تراجع نصرالله
في أعقاب تصريح ايزنكوت سمعنا روايتين: حسب احداهما، كان نصرالله شريكا في عملية الاغتيال، بل “تبرع” بحارسه الشخصي، الذي اطلق النار على رأس بدر الدين. ولكن حسب الرواية اللبنانية فان نصرالله لم يعرف بأنه سيتم اغتيال رئيس الأركان خلال اللقاء الليلي. وقال مصدر في لبنان: “لقد وقع عليه الأمر فجأة. نصرالله استوعب الرسالة، ولذلك لم يستطع العثور على الكلمات المناسبة لرثاء بدر الدين في يوم جنازته. اتهامه للتكفيريين، المتمردين، تم تفنيده على الفور. نصرالله لم يكن من محبي بدر الدين، لكن اغتياله اوقعه في مأزق. لقد شكلت العملية رسالة واضحة وحادة بالنسبة له: كل من يحاول مجادلة سليماني، سيتلقى عيارا او يتم تحييده بطريقة اخرى. سليماني لا يوافق على مجادلته، وبالنسبة له فان حزب الله ليس جسما مستقلا وانما “جيش سليماني” في سورية بقيادة الحرس الثوري الايراني”. والدليل على ذلك، كما تدعي المصادر اللبنانية، هو انه بعد اسبوعين من الاغتيال اخرج حزب الله كتيبة “رضوان” من جنوب لبنان وارسلها الى حلب بأمر من الايرانيين.
على هذه الخليفة قررت الصحفية اللبنانية ماريا معلوف كتابة تغريدتين ثاقبتين على تويتر. “اذا كانت اسرائيل تريد السلام فعلا، فلماذا لا تساعد على التخلص من نصرالله؟” كتبت، ومن ثم حددت اقوالها في تغريدة ثانية: “اذا كانت اسرائيل تعتبر نصرالله عدوا، فلترسل طائرة لتصفيته وتحل مشاكلنا جميعا”.
معلوف لا ترتدع من التهديدات، حتى عندما وقف ضابط سوري كبير امام الكاميرات، ولوح بالرشاش وقال: “هذا ما يجب عمله لهذه الزانية الخائنة”. هذا الأسبوع تلقت استدعاء للمثول امام محكمة بيروت بتهمة التحريض على القتل والتآمر مع العدو (اسرائيل) ومحاولة تقويض الاستقرار في لبنان. لكنها تحظى بمئات التعقيبات المؤيدة. الكثير منهم يكتبون، دون ان يتخوفوا من كشف اسمائهم: “لقد كشفت الوجه الحقيقي لنصرالله”.
قلة فقط يعرفون ان معلوف انتقلت قبل ستة اشهر الى امارة دبي. من هناك لا تتخوف من استفزاز نصرالله وجماعته. وبدلا من المثول امام المحكمة في بيروت، يوم الثلاثاء، قدمت دعوى ضد نصرالله بتهمة المشاركة في قتل بدر الدين والمسؤولية عن قتل مئات محاربي حزب الله في سورية، والاختطاف والاغتصاب وسلسلة طويلة من جرائم الحرب. وتصر خلال اللقاءات المتلفزة على التأكيد: “لست عميلة للموساد ولا اعمل مع الاسرائيليين. يقولون انه من المتوقع فرض حكم الاعدام علي ويحذروني من ان نصرالله يعد خلية لاغتيالي. انظروا الى اين وصل هذا الشخص الحقير: انه يعلن الآن الحرب على تغاريد تويتر بدل ان يحافظ على حياة محاربيه والتوقف عن اجبار شبابنا على الموت في دولة اجنبية”.
مصلحة ارهاب
يكتب نداف شرغاي، في “يسرائيل هيوم” ان مازن فقها، المحرر في صفقة شليط، خطط لتحويل عيد الفصح القريب الى حمام دماء لمواطني اسرائيل. فقها الذي ارسل في 2002 مخربا انتحاريا لتفجير حافلة الركاب على خط 361 بالقرب من ميرون، وقتل تسعة اسرائيليين، كان يطمح لتنفيذ عمليات قاسية مشابهة في اقرب فرصة، لكنه لم يتمكن من ذلك. فقد تم اغتياله ليلة السبت الماضي بواسطة اربع عيارات اطلقت من كاتم للصوت، قرب بيته في غزة. وحسب منشورات اجنبية وفلسطينية، فان اسرائيل هي المسؤولة عن الاغتيال. شريك فقها عبد الرحمن غنيمات الذي طرد معه الى غزة في اطار صفقة شليط لا يزال حيا.
العديد من خلايا حماس التي كشف عنها الشاباك خلال الأشهر الأخيرة، كانت نتاج عمل او تفكير فقها وغنيمات مع محررين اخرين في الصفقة، والذين نسقوا نشاطهم، على مدار فترة طويلة، مع مسؤول اخر في حماس، صلاح عاروري، الذي تواجد حتى الآونة الأخيرة في تركبا، وتم حاليا، وبفضل الضغط الاسرائيلي والامريكي ابعاده الى قطر. طاقم الضفة في حماس الذي يتركب في غالبيته من محرري صفقة شليط، سعى الى ابعاد بصماته عن غزة، لكي لا يسقط حربا اخرى على رؤوس اهالي غزة، الذين لم ينتعشوا بعد من اضرار الجرف الصامد.
درة التاج في العمل الذي خطط له طاقم الضفة، كان يفترض ان يكون عملية اختطاف اخرى لجندي او مواطن، كما في حالة غلعاد شليط. الهدف المعلن هو إطلاق سراح رفاقهم الذين لم يتحرروا في اطار الصفقة، وبقوا في السجن الاسرائيلي. ومنذ إطلاق سراحهم من السجن، لم يتوقف من تم طردهم في اطار صفقة شليط الى غزة، عن التفكير والتخطيط بعمليات اختطاف، على أمل ان ينجحوا بتكرار الانجاز الكبير الذي حققته حماس في عام 2011: اطلاق سراح 1027 اسيرا، بينهم الكثير من الملطخة اياديهم بالدم، والذين كانوا، حسب حماس، مسؤولين بشكل جماعي عن قتل 569 مواطنا اسرائيليا – مقابل جندي اسرائيلي واحد – غلعاد شليط.
في اسرائيل يعترف اليوم، المؤيدون والمعارضون لصفقة شليط، بأنها لم تضخم محفزات الارهاب، فقط، وانما انعشت صفوف قيادة حماس. فالقيادة الجديدة للتنظيم تمنح الدعم المطلق لطاقم الضفة في مخططاته لتنفيذ عمليات، خاصة الاختطاف. القيادة الجديدة للتنظيم، كطاقم الضفة، غنية بالشخصيات التي جلست لسنوات طويلة في السجن الاسرائيلي. هذه الشخصيات التي يتفوق مستوى التزامها بإطلاق سراح الرفاق الذين بقوا في السجن، على التزام القيادة السابقة.
الاختطاف كهدف رئيسي
يحيى سنوار، الذي كان شقيقه محمد ضالعا في عملية اختطاف شليط في حزيران 2006، حكم عليه في 1989 بالسجن المؤبد لأربع مرات متتالية بسبب دوره في تخطيط وتنفيذ عمليات واختطاف جنود. لقد واصل سنوار التخطيط للعمليات واختطاف الجنود، بما في ذلك اختطاف الجندي نحشون فاكسمان، من داخل السجن. وكان ضالعا في تخطيط سلسلة من العمليات التي اسفرت عن قتل اسرائيليين، وقتل فلسطينيين اشتبهوا بالتعاون مع اسرائيل.
بعد 22 سنة في السجن الاسرائيلي، تم اطلاق سراح سنوار في صفقة شليط، وفي احد تصريحاته العلنية النادرة، دعا الجناح العسكري لحماس، وكل التنظيمات الفلسطينية، للعمل فورا على اطلاق سراح “كل الاسرى الفلسطينيين المتبقين في السجن”. بل ان سنوار ذكر بعض الأسماء، ومن بينها اسم حسن سلامة الذي حكم عليه بالسجن المؤبد 46 مرة متتالية، بسبب مسؤوليته عن قتل عشرات الاسرائيليين في العمليات الانتحارية.
قضية الأسرى ممزوجة، ايضا، بالحمض النووي لخليل الحية، نائب سنوار، وكذلك الوسيلة – اختطاف جنود بهدف تحقيق ذلك. لقد كان الحية عضوا في الطاقم المفاوض في صفقة شليط، وفي العام الماضي صرح علانية بأن “حماس ستواصل بذل الجهود لاختطاف جنود اسرائيليين بهدف استبدالهم بالأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون اسرائيل”.
الشخص الاخر الملتزم بشكل لا يقل عن الحية بمواصلة الارهاب ومحاولة الاختطاف هو روحي مشتهى، محرر آخر في الصفقة، الذي اندمج في قيادة حماس الجديدة الى جانب سنوار. لقد امضى مشتهى 24 سنة في السجن الاسرائيلي من اصل سبع مؤبدات فرضت عليه بسبب قتل متعاونين مع اسرائيل. وليس صدفة ان حماس سلمته ملف الأسرى. مشتهى، ايضا، يكثر من الحديث عن الحاجة لاختطاف المزيد من الجنود الاسرائيليين من اجل تحقيق “صفقة شليط ثانية”.
التزام قادة حماس المحررين في اطار صفقة شليط، بمواصلة محاولات الاختطاف لا تغيب عن اعين قادة الاجهزة الأمنية في اسرائيل. لقد سبق وشارك محررو الصفقة في عدة محاولات اختطاف تم احباطها: خلية من بيت لقيا في لواء بنيامين التي خططت لاختطاف اسرائيليين، بل اعدت مغارة لاحتجاز المخطوفين؛ خلية حماس في السامرة التي مول لها المحررون في صفقة شليط في غزة عملية اختطاف؛ مطرود اخر في اطار صفقة شليط قام بتجنيد نشطاء حماس في المزرعة الشرقية لاختطاف اسرائيليين؛ او بطاقة الذاكرة التي احتوت على توجيهات بتنفيذ عملية اختطاف، والتي تم ارسالها الى البلاد من قبل عمر ابو سنينة، احد المطرودين في اطار الصفقة، الى ابناء عائلته في الضفة الغربية.
هذه العمليات وغيرها عشرات المخططات للاختطاف، التي فكرت فيها مجموعة المحررين في صفقة شليط، تم احباطها من قبل اسرائيل.
50% عادوا للقتل
كلما مر الوقت يتضح مدى ثقل الضرر الذي سببته صفقة شليط، تماما كما حذر المعارضون لها مسبقا، على اساس التجربة في صفقات او لفتات سابقة. الأضرار تتراكم وتمتد على عدة مجالات: اغناء وتعزيز قيادة الارهاب بدماء جديدة مشبعة بالمحفزات المتزايدة لمواصلة الكفاح المسلح، العمليات والاختطاف؛ تدعيم الأجواء في الشارع الفلسطيني في غزة وفي الضفة لصالح خيار الارهاب؛ تحويل المحررين الى ابطال ونموذج للتقليد؛ وانشغال مباشر او غير مباشر لكثير من المحررين بالإرهاب، سواء بتنفيذ عمليات او الانتماء للتنظيمات والتحريض والمساعدة.
البروفيسور بوعاز غانور، رئيس معهد سياسة مكافحة الارهاب في المركز بين المجالي في هرتسليا، يقول ان “السياسة الليبرالية الاسرائيلية في تحرير الارهابيين من السجون، سواء في اطار الصفقات لتحرير المخطوفين، او في اطار الاتفاقات السياسية، أدت في السابق، وتؤدي في الحاضر، الى اضرار ملموسة. ويذكر غانور بتصريحات رئيس الشاباك السابق يورام كوهين، الذي قال على خلفية صفقة شليط في 2011، ان حوالي 60% من الارهابيين المحررين يعودون للنشاط والمشاركة في عمليات الارهاب بعد اطلاق سراحهم”. واليوم تقدر الجهات الأمنية بأن نسبة المحررين في صفقة شليط الذين عادوا مباشرة او غير مباشرة، لدوائر الارهاب تصل الى 50%، وتم اعتقال اكثر من 100 منهم مجددا.
“يمكن اعادة عودة الكثير من المحررين الى النشاط الارهابي لعدة اسباب”، يقول غانور. “الظروف التي تم في ظلها اطلاق سراح الارهابيين من السجن في صفقات لتحرير المخطوفين تشير الى ‘نجاح’ عمليات الارهاب، بل تخلق التزاما معينا من جانب المحرر ازاء التنظيم الذي عمل لإطلاق سراحه. وخلافا لمحاولات اعادة تأهيل المخالفين الجنائيين خلال فترة امضاء عقوباتهم في السجن وبعدها، فان الأسرى الامنيين لا يملكون محفزات التأهيل، ويعودون الى البيئة الداعمة للنشاط الارهابي الذي عوقبوا بسببه. بل انهم يحظون بتشجيع من الجمهور بسبب عملياتهم. ويتحول الارهابيون المحررون الى نموذج للتقليد والنجاح في صفوف الشبيبة، ويحظون بالتقدير والاحترام، وفي أحيان كثيرة يحصلون على تعويضات مالية من جانب الجهات المؤيدة للإرهاب”.
في الجهاز الأمني يقولون ان محرري صفقة شليط يتحملون حتى الآن، مباشرة او غير مباشرة، المسؤولية عن عشرات العمليات ومحاولات تنفيذ عمليات، لكنهم عمليا يتحملون مسؤولية اكبر من ذلك. لقد كان لمحرري الصفقة حتى الان دور مباشر في عمليات قتل خلالها سبعة اسرائيليين. في ليلة عيد الفصح، قبل ثلاث سنوات، تم بالقرب من كريات اربع اطلاق النار على ضابط الشرطة باروخ مزراحي وقتله. وكان القاتل زياد عواد احد محرري الصفقة، والذي كان معتقلا في السابق بتهمة قتل متعاونين فلسطينيين.
في حزيران 2015، قتل بالقرب من دوليف، داني غونين في عملية اطلاق للنيران نفذتها خلية مخربين، كان احد اعضاؤها، اسامة اسعد، تاجر السلاح، من المحررين في صفقة شليط. وفي نهاية الشهر ذاته قتل ملاخي روزنفلد، في عملية اطلاق للنيران قرب شفوت راحيل، نفذتها خلية قام بتفعيلها احمد نجار، المحرر في صفقة شليط، والذي كان ضالعا في السابق بسلسلة من عمليات اطلاق النيران التي اسفرت عن قتل ستة اسرائيليين.
وفي تموز الماضي، قتل في عملية اطلاق للنيران الحاخام ميخائيل مارك من عتنئيل، فيما اصيبت زوجته وولديهما. وكان القاتل محمد الفقيه من محرري صفقة شليط، والذي قتل في وقت لاحق خلال مواجهة مع قوات الامن. وقد اعتقل الفقيه في السابق وادين بالتخطيط للعمليات في اطار الجهاد الاسلامي.
لكن العملية الأبرز التي كان متورطا فيها احد محرري الصفقة، هي بلا شك العملية التي بادر اليها محمود القواسمة: اختطاف وقتل الفتية الثلاثة في غوش عتصيون. وكما هو معروف فقد تحولت تلك العملية الى استراتيجية وكانت لها ابعاد كبيرة، فقد ولدت تسلسل الاحداث التي قادت الى الحرب الشاملة مع حماس: في البداية كانت عملية “عودوا يا اخوتنا” في الضفة، في محاولة للعثور على الفتية المخطوفين، وبعد ذلك، اطلاق قذائف مكثف من قبل حماس على الجنوب، وفي نهاية الأمر كانت عملية الجرف الصامد التي منيت حماس خلالها بضربات قاسية جدا، وقتل خلالها 68 جنديا وخمسة مدنيين، واصيب 1620 جنديا و837 مواطنا اسرائيليا.
وقائع الدم
تجربة اسرائيل مع المخربين المحررين – من قبل صفقة شليط – تجربة مريرة. في اطار الصفقات واللفتات وتبكير موعد الافراج، ومخططات اخرى، اطلقت اسرائيل منذ عام 1985، سراح اكثر من 12 الف مخرب. وقد قتل مئات الاسرائيليين على ايدي الكثيرين من هؤلاء المحررين، واصيب حوالي 3200 اسرائيلي.
لقد تحول الـ 1150 محررا في صفقة جبريل (ايار 1985) الى العامود الفقري للانتفاضة الاولى. وحسب معطيات رسمية من وزارة الامن، تبين من فحص عينة شملت 238 مخربا اطلق سراحهم في اطار صفقة جبريل ان 50% منهم، 114 مخربا، عادوا لممارسة الارهاب. وانضم اكثر من نصف الـ7000 مخرب الذين تم إطلاق سراحهم بعد اتفاقات اوسلو، الى تنظيمات الارهاب الفلسطينية، وشاركوا في الانتفاضة الثانية. كما عاد العشرات من محرري صفقة تننباوم الى دائرة الارهاب. وحتى نيسان 2007، قتلوا 37 اسرائيليا. والان المحررين في صفقة شليط.
من بين العمليات التي تم تنفيذها او تخطيطها من قلب المخربين بعد اطلاق سراحهم من السجن الاسرائيلي، يمكن احصاء العملية الانتحارية في فندق بارك في نتنياهو، التي اسفرت عن قتل 30 شخصا، والعملية على مفترق كركور، التي اسفرت عن قتل 14، والعمليات في مقهى مومنت (11 قتيلا)، ومقهى هليل في القدس (سبعة قتلى). كما ان كريم عويس الذي تم اطلاق سراحه في 2001 كلفتة ازاء الفلسطينيين قتل في السنة نفسها ميخال مور ونوعام غوزوبسكي، وارسل مخربة انتحارية الى شارع الملك جورج في القدس فقتلت ثلاثة اسرائيليين واصابت 81.
عباس بن محمد السيد، الذي اطلق سراحه في 1996، هو المسؤول عن العملية الانتحارية في شارع هرتسل في نتانيا في 2001، والتي قتل خلالها ثلاثة، ومحمد جاد خليل، الذي كان معتقلا في السلطة الفلسطينية واطلق سراحه، تسلل الى مستوطنة حمرا في الغور (شباط 2002) وقتل ثلاثة من سكانها – ميري اوحانا وابنتها ياعيل والرائد ماجوس مكونان. الامثلة كثيرة، ولا تتسع هذه المقالة لنشرها.
تجربة اسرائيل السيئة مع المخربين المحررين لا تتوقف على من نفذوا العمليات، وانما ايضا على من تحولوا الى قادة للتنظيمات الارهابية. من الشخصيات المعروفة، باستثناء سنوار وفقها، الذين استبدلوا السجن الاسرائيلي بمواقع قيادية، كان الشيخ احمد ياسين الذي اغتاله سلاح الجو في اذار 2004، صلاح شحادة، رئيس الجناح العسكري في حماس، الذي ارسل المخرب الذي قتل خمسة فتية من طلاب الكلية العسكرية في عتسمونة، وتم اغتياله من قبل الجيش خلال الانتفاضة الثانية، عبد الله قواسمة، قائد الجناح العسكري لحماس في الخليل، المسؤول عن الكثير من العمليات، ومن بينها عملية التسلل الى مستوطنة ادورا في نيسان 2002، وقتل اربعة اشخاص، بينهم دانئيل شفتي ابنة الخامسة.
هذا الأسبوع ذكّرنا مصدر امني مخضرم في مكافحة الارهاب، كيف حرف قادة النضال من اجل شليط الرأي العام الاسرائيلي نحو تأييد إطلاق سراحه. “بواسطة حملة دعاية مكثفة، ميزانية ضخمة، تشبيه المصير المتوقع لشليط بمصير رون أراد، وكذلك من خلال عرضه كأسير يتعرض للتعذيب ومعتقل في بئر.” ويدعي المصدر انه “لم يكن لقسم كبير من هذا العرض ما يستند اليه”.
ويعتقد المصدر الرفيع نفسه ان نشاط طاقم النضال لإطلاق سراح شليط “نجح بتشويش الرأي العام في البلاد واضعاف موقف القيادتين العسكرية والسياسية، التي اغلقت عيونها امام النتائج المتوقعة لإطلاق سراح الاسرى. عندما زار الرئيس الأمريكي بوش الابن اسرائيل في 2008، وطلب طاقم شليط الالتقاء به، شرح لهم الامريكان انه في الولايات المتحدة لا يلتقي الرؤساء مع ابناء عائلات المخطوفين، لكي يتسنى لهم اتخاذ قرارات مدروسة ومنطقية. اذا لم يتم استخلاص العبر بالنسبة للسلوك في حالات مشابهة مستقبلا، سنشهد، معاذ الله، نتائج مشابهة” قال محذرا.
وفوق هذا كله يحلق تهديد الأنفاق، التي ترى حماس بأن حفرها يهدف الى دفع استراتيجية الاختطاف. اغتيال فقها يوم السبت الماضي، سواء نفذته اسرائيل ام لا، من شأنه ان يحث حماس على محاولة استخدام انفاقها خلال الربيع الحالي.
من المهم القول انهم في اسرائيل يمتنعون عن التطرق الى اغتيال فقها، لكنهم يحافظون على اليقظة والتأهب العالي في ضوء امكانية محاولة حماس الرد في الجنوب، في قطاع يهودا والسامرة او ضد اهداف يهودية واسرائيلية في الخارج. رئيس شعبة الاستخبارات السابق، عاموس يدلين، حذر هذا الاسبوع من ان حقيقة نسب الاغتيال لإسرائيل يمكن ان تقود الى جولة حرب اخرى في غزة. وقال: “لا اعرف من فعل ذلك، لكنه يمكن لحماس ان تقرر بأن اسرائيل هي التي نفذت الاغتيال في غزة، ويمكنها الرد. ونحن سنرد على الرد، وبسرعة يمكن ان نجد انفسنا داخل مواجهة اخرى”.
صحيح انهم يعملون من وراء الكواليس في اسرائيل، لكي لا يتحقق هذا السيناريو المتشائم، ولكن كما اثبتت حالات سابقة مشابهة، لا يتعلق كل شيء بنا.
from ترجمات عبرية – بتوقيت بيروت http://ift.tt/2nVmeHe
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "ابرز ما تناولته الصحف العبرية1/04/2017"
إرسال تعليق