
الإمام خامنئی: سیاستنا المحسوبة بشأن أمریکا لن تتغیّر بقدوم الأشخاص ورحیلهم

طهران(إسنا) – ألقی الإمام خامنئی الثلاثاء کلمة متلفزة مباشرة بمناسبة ذکری المولد النبوی الشریف وولادة الإمام جعفر الصّادق (ع)، وفی کلمته لفت سماحته إلی أنّ الجمهوریة الإسلامیّة غیر معنیّة بمن سیکون الفائز فی الانتخابات الأمریکیّة، لأنّ سیاساتها حیال أمریکا واضحة ومحسوبة ولا تتغیّر بقدوم الأشخاص ورحیلهم.
وفیما خصّ قضیّة إهانة رسول الله (ص) فی فرنسا، شدّد قائد الثورة الإسلامیّة علی وجود منظّمات تقف خلف هذا العمل، ممّا یدفع الرئیس الفرنسی وبعض الحکومات الأخری للتصدّی والدفاع عن هذه الإهانة، وحول قضیّة المناطق الآذربیجانیّة المسیطر علیها من قبل أرمینیا دعا سماحته لإنهاء الحرب وإعادة الأراضی الآذربیجانیّة والحفاظ علی أمن الأرمن الموجودین فی تلک المنطقة.
قال قائد الثورة الإسلامیة، الإمام خامنئی، إنّ هذا الیوم الذی یتزامن مع ذکری «13 آبان» حینما «سیطر طلاب نهج الإمام خمینی (قده) علی وکر التجسس الأمریکی»، فی إشارة إلی اقتحام مقر السفارة الأمریکیة بطهران (4/11/1979)، هو «تعبیر من الشعب الإیرانی عن رفضه الاستکبار»، مضیفاً أنّ ما فعله أولئک الطلاب «خطوة رمزیة ومناسبة فی محاربة الاستکبار». وخلال خطاب متلفز بمناسبة ذکری مولد الرسول الأعظم (ص) والإمام الصادق (ع)، رأی الإمام خامنئی أن «النظام الأمریکی الاستکباری یشمل کل الصفات القبیحة مثل شنّ الحرب والإرهاب ورعایة الإرهاب والتدخّل والفساد والاحتکار»، ولذلک خطوة الطلاب هی «عین العقلانیة، فالاستسلام أو الرضوخ للقوّة لیس من العقلانیة».
ورکّز سماحته علی وصف «الحرکة الطالبیّة الثوریة فی 13 آبان» بأنها «دفاعیة وعقلانیة تماماً»، قائلاً: «لم نبدأ أی تحرّک ضد الأمریکیین، لکن بعد انتصار الثورة هم الذین أصدروا قراراً فی الکونغرس وأطلقوا الجماعات الإرهابیة وخطّطوا ودعموا الانقلاب العسکری. الممارسات التجسّسیة الواسعة فی سفارتهم هی ما بدأ العداوة مع الشّعب الإیرانی». وقال: «یعتقد البعض أنه إن استسلمت الحکومة لمطالب أمریکا وسیاساتها، فإنها ستستفید منها، لکن (الواقع أنّ) الحکومات التی رضخت أمام التعسّف الأمریکی تلقّت الصّفعة الأقوی وتزایدت معاناتها».
فی إشارة إلی الانتخابات الرئاسیة الأمریکیة (الجاریة الیوم)، أوضح الإمام خامنئی سیاسةَ الجمهوریة الإسلامیة بشأن رحیل الرّؤساء فی أمریکا وقدوم آخرین إلی سدّة الحکم، وذلک بالقول: «سیاستنا محسوبة وواضحة ولا تتغیّر برحیل الأشخاص أو قدومهم. قد یحدث أمرٌ مع وصول شخص ما أو رحیله، لکن لا علاقة لنا بهذا، ولن یکون له أیّ تأثیر فی سیاسة الجمهوریة الإسلامیة». لکنّ قائد الثورة الإسلامیة وصفَ وضعِ النّظام الأمریکی بأنه «مدعاة للفرجة»، مستدلّاً بأن «الرئیس الذی یتولی المنصب حالیاً (دونالد ترامب) والذی من المقرّر أنه یُجری الانتخابات یقول إن هذه الانتخابات الأکثر تزویراً فی أمریکا، ومنافسه (جو بایدن) یقول إن ترامب ینوی ارتکاب تزویر واسع النطاق!».
الإمام خامنئی أسهب فی تشریح هذا الوضع واصفاً إیاه بأنه «نموذج للوجه القبیح للدیمقراطیة اللیبرالیة»، وقال: «بصرف النظر عمّن سیصل إلی السلطة فی أمریکا، یُظهر الوضع الحالی انحطاطاً مدنیّاً وسیاسیّاً وأخلاقیّاً حادّاً فی أمریکا، وهذه قضیة یهتمّ بها أصحاب الفکر هناک بل یقرّون بها». کما وصف مثل هذا النظام السیاسی بأنه «اضمحلال وانهدام»، مستدرکاً: «إذا وصل أحدهم إلی السّلطة، سیحدث هذا الدمار عاجلاً، وإذا وصل آخر، قد یتأخر (الدمار) قلیلاً، لکنّ المصیر الحتمی هو الانهیار».
من جهة أخری، أوضح سماحته أن السبب الرئیسی للعداء الأمریکی للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة هو أنها لم ترضخ للسیاسات (الأمیرکیة) الظالمة وأنها لا تعترف بهیمنتهم، مبیّناً أن «هذه العداوة ستستمرّ، والطّریقة الوحیدة لانتهائها هی أن ییأس الطرف الآخر من اعتقاده أنه قادر علی توجیه ضربة قویة إلی الشّعب والحکومة فی إیران».
فی جزء آخر من کلمته، وفی إطار الإحیاء للمولد النبوی الشریف، ذکر الإمام خامنئی أنّ بعض آیات القرآن الکریم التی تتحدّث عن نبی الإسلام (ص) «تتلاءم بوضوح مع الوضع الحالی للبشریة»، قائلاً: «جاء فی القرآن: {لَقَدْ جَاءَکُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُمْ بِالْمُؤْمِنِینَ رَءُوفٌ رَحِیمٌ}، و{یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْکُمْ جَمِیعًا}؛ الیوم أیضاً والمجتمع البشری یعانی أکثر من أی وقت مضی، فإنّ روح الرّسول الأعظم الطّاهرة حزینة من هذه المعاناة الإنسانیة، فهی مثل الأب الحنون، تسعی إلی هدایة المجتمعات البشریة وسعادتها».
فی الوقت نفسه، تحدّث سماحته عن «سوء استخدام المستکبرین للعلم والتکنولوجیا» فی سبیل «أغراض مذمومة مثل الظّلم وشنّ الحروب والشرّ ونهب موارد الشعوب»، وقال: «کان فرعون یظلم داخل حدود مصر فقط، لکن فرعونِ العالم الیوم، یعنی أمریکا، یستخدم التقدّم العلمی لغزو دول أخری وشن الحروب وسلب الأمن والنّهب». وفی إشارة إلی العداء الشامل للاستکبار والصّهیونیة ضد الإسلام، قال: «آخر مثال علی هذه العداوة الخبیثة إهانةُ الوجه النّورانی للرّسول الأعظم (ص) بلغة الکاریکاتیر، وتأیید رئیس فرنسا هذا العملَ القبیح الذی یشیر مرّة أخری إلی أیادٍ خفیّة وراء مثل هذه القضایا».
واستطرد الإمام خامنئی: «یقولون إنّ إنساناً قد قُتل، حسناً، عبّروا عن أسفکم ومحبّتکم له، لکن لماذا تؤیدون بصراحة تلک الرّسوم الکاریکاتیریة الخبیثة؟ هذا الدّعم المریر والقبیح للحکومة الفرنسیة وبعض الدول الأخری یشیر إلی أنّ هناک تنظیماً وتخطیطاً وراء هذه الأعمال المهینة، مثلما حدث فی الماضی». کما وصف قائد الثورة الإسلامیة «احتجاج الأمة الإسلامیة وغضبها علی إهانة الوجه النّورانی لنبی الإسلام (ص) بأنه علامة علی حیاة الأمة»، مضیفاً: «علی عکس معظم الحکومات، لا یزال بعض رجال الدولة فی العالم الإسلامی یظهرون ذلّتهم ولم یعترضوا علی هذا العمل القبیح».
وعن تصرّفات الحکومة الفرنسیة فی ربط دعم هذا الکاریکاتیر المهین بحریّة التعبیر وحقوق الإنسان، قال سماحته: «إنها حکومةٌ تدّعی ذلک مع أنها أوت فی بلدها الإرهابیّین الأکثر عنفاً ووحشیة فی العالم والملطّخة أیدیهم بدماء آلاف الأشخاص وعشرات المسؤولین الإیرانیّین، کما قدمت أکبر دعم إلی الذئاب المتعطّشة للدّماء مثل صدام (حسین) خلال الحرب المفروضة، وفی أیام السّبت خلال الاحتجاجات یقمعون شعبهم وهم یطالبون فی الوقت نفسه بالحریة وحقوق الإنسان!».
کذلک، وصف قائد الثورة الإسلامیة «دفاع رئیسیْ الجمهوریة والحکومة الفرنسیة عن الوحشیة الثقافیة وأعمالها الإجرامیة بدعوی أنه کاریکاتیر»، و«دفاع تلک الدولة عن المنافقین (جماعة «خلق») وعن صدام کوجهین لعملة واحدة»، وأیضاً «الحادثة الأخیرة فی السنوات الماضیة بتوجیه الإهانة إلی القرآن ورسول الإسلام (ص) فی أمریکا والدول الأوروبیة»، بأنها کلّها «تعکس الطبیعة المظلمة والوحشیة للحضارة الغربیة». لکنه قال: «مثلما لم یستطع رجالات مکة والطائف فی صدر الإسلام إخفاء الاسم المقدّس للرسول، لن تصل هذه الجهود المشؤومة الیوم إلی شیء، ولن تخدش شرف خاتم المرسلین وجلالته وعظمته».
وتابع الإمام خامنئی حدیثه بشرح أهمیة «أسبوع الوحدة الإسلامیة» والإشارة إلی الأحداث الدمویّة لبعض الدول الإسلامیة مثل سوریا والعراق ولیبیا والیمن وأفغانستان، فقال: «عندما أعلن الإمام الخمینی العظیم أن ذکری مولد النبی الخاتم (ع) أسبوعٌ للوحدة، لم یفهم کثیرون عمق هذه الخطوة وأهمیتها، لکن من الواضح الیوم کم هی ثمینة وحدة العالم الإسلامی، ولو تمّ تحقیقها، لکان من الممکن أن تمنع کثیراً من الصراعات والحروب الدمویة فی المنطقة».
فی هذا الصّدد، انتقد سماحته بشدّة «الأفعال الخبیثة لبعض الدول فی تطبیع العلاقات مع النّظام الصهیونی الغاصب»، مضیفاً: «هؤلاء الفاسدون یعبّرون عن رضاهم واعتزازهم بعملهم الذلیل، لکن فلیعرفوا أنهم أصغر من أن یُنهوا القضیة الفلسطینیة، ودون أدنی شک، سیزول الکیان الغاصب والقاتل والمجرم، وستکون فلسطین ملکاً للفلسطینیین». وأردف بالقول: «للأسف، فی ذلک الیوم، لم تفهم أهمیة مبادرة الإمام الجلیل، أی وحدة المذاهب الإسلامیة فی الاتجاهات العامة، بصورة صحیحة، لکن العدو الذی أدرک خطر هذه السیاسة فی الحدّ من نفوذه صمّم ونفّذ خططاً عملیاتیة لمواجهتها».
بناء علی ذلک، رأی الإمام خامنئی أن «إنشاء مراکز لإنتاج أفکار مناهضة للتّقریب بین المذاهب، وإنشاء مجموعات تکفیریة کـ’داعش‘، والتّحریض علی التنازع بین الأشخاص الغافلین»، کلّها «ضمن الخطط العملیاتیة للعدوّ من أجل إحباط الوحدة»، مضیفاً: «إثمُ بعض الحکومات فی المنطقة وقادتها الذین قدّموا الدّعم المالی والسّلاح إلی الجماعات الإرهابیة أکبر من الأفراد المتطرّفین والجاهلین الذین انضمّوا إلی هذه الجماعات… فی هذه القضیة الإثم الرئیسی ارتکبه الأمریکیون والسعودیون». أما «إثم أمریکا الآخر»، فهو أنها «اجتاحت دولاً إسلامیة مثل أفغانستان وسوریا»، لکن «فی العراق لن یسمح الشباب الغیورون للأمریکیین بالتغلغل… نتیجةُ الوجود الأمریکی فی أیّ مکان فی العالم لیست سوی خلق حالة من فقدان الأمن، والدمار والحرب الأهلیة وإشغال الحکومات».
فی السیاق نفسه، خلُص الإمام خامنئی إلی أن «اتّحاد المسلمین هو علاجٌ للأحداث المریرة للأمّة الإسلامیّة، کحرب السنوات الخمس فی الیمن وقصف الناس هناک بقسوة علی ید السعودیین»، أو مثل «تطاول بعض الحکومات الذلیلة علی الأمّة الإسلامیّة عبر تهمیش القضیة الفلسطینیة». ولذلک، «ستُحلّ معاناة الحکومات والشعوب الإسلامیة ومشکلاتها من کشمیر إلی لیبیا ببرکة اتحاد الأمة الإسلامیة».
وبشأن الحرب الجاریة بین أرمینیا وأذربیجان، قال سماحته إن هذه الحرب «مریرة وتهدید لأمن المنطقة»، مشدداً علی أن «هذا الصّراع العسکری یجب أن ینتهی فی أقرب وقت ممکن»، لکنّه قال: «یجب تحریر جمیع أراضی جمهوریة أذربیجان التی احتلتها أرمینیا وإعادتها إلی أذربیجان، کما یجب الحفاظ علی أمن الأرمن فی المنطقة التی سیطروا علیها». أیضاً شدّد قائد الثورة الإسلامیة علی «احترام الطرفین للحدود الدولیة»، محذّراً فی الوقت نفسه من أن «الإرهابیین الذین دخلوا المنطقة، وفقاً لتقاریر موثوقة، یجب ألّا یقتربوا من الحدود الإیرانیة إطلاقاً»، لأنه «إنِ اقتربوا من الحدود، فقطعاً سیکون التّعامل معهم حاسماً».
انتهی
الكاتب : إسنا – وكالة أنباء الطلبة الإيرانية
المصدر:ar.isna.ir
الرابط الاصلي للخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
The post الإمام خامنئی: سیاستنا المحسوبة بشأن أمریکا لن تتغیّر بقدوم الأشخاص ورحیلهم appeared first on بتوقيت بيروت | اخبار لبنان و العالم.
from العالم الاسلامي – بتوقيت بيروت | اخبار لبنان و العالم https://ift.tt/2TXkgEZ
0 تعليق على موضوع "الإمام خامنئی: سیاستنا المحسوبة بشأن أمریکا لن تتغیّر بقدوم الأشخاص ورحیلهم"
إرسال تعليق