-->
«كورونا» لم يعطل الدراسة… وسوء الأحوال الجوية يجبر المواطنين على البقاء في البيوت

«كورونا» لم يعطل الدراسة… وسوء الأحوال الجوية يجبر المواطنين على البقاء في البيوت

«كورونا» لم يعطل الدراسة… وسوء الأحوال الجوية يجبر المواطنين على البقاء في البيوت


القاهرة ـ «القدس العربي»: أشارت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 11 مارس/آذار، إلى الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع عدد من المسؤولين لمناقشة خطة انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، واستخدام أحدث التقنيات في تكنولوجيا المعلومات، وفي وصول وزير الخارجية سامح شكري إلى دولة الإمارات في تحركاته لحشد تأييد العرب لموقف مصر من أزمة سد النهضة. لكن الأهم بالنسبة للأغلبية كان قرار الحكومة وقف الدراسة في المدارس والجامعات اليوم الخميس، بسبب سوء الأحوال الجوية والرياح المثيرة للأتربة والأمطار الغزيرة، التي سوف تسقط على جميع المحافظات.

غير المستحقين مستبعدون من بطاقات التموين… وأزمة سد النهضة سياسية والسودان يطعن مصر

كذلك أصبح هناك اهتمام جماهيري واسع بمتابعة الفضائيات لمعرفة آخر أخبار فيروس كورونا في العالم، وعدد ضحاياه والمصابين به، والرعب من انتقاله إلى مصر رغم طمأنة وزير التربية والتعليم بأنه لا داعي لوقف الدراسة، لأن الوضع تحت السيطرة، وأنه لو استدعت الضرورة اتخاذ هذا القرار حماية لصحة الطلاب، سيتم خصم مدة العطلة من الإجازة الصيفية. أيضا طمأنة وزيرة الصحة وألا مبرر للمطالبة الآن بوقف الدراسة.
وأكد وزير الأوقاف الدكتور الشيخ محمد مختار جمعة، أنه لو استدعي الأمر فسيتم منع صلاة الجمعة، وأصدر أمرا لخطباء المساجد بأن لا تزيد مدة الخطبة والصلاة عن ربع ساعة، وتقصير المدة بين الأذان والقيام. أما وزير العدل فطالب رؤساء المحاكم الابتدائية عدم السماح بتكدس الجمهور في القاعات، وسرعة النظر في القضايا، وضرورة تطهير المحاكم والقاعات باستمرار. أما المقالات والتعليقات فكانت عن كورونا في مصر والتوعية بأخطارها. وإلى ما عندنا…

سلوكيات الناس

«بما أن سلوكيات الناس من أهم أسباب انتشار كورونا، يتساءل عباس الطرابيلي في «المصري اليوم»، ماذا نفعل مع المصريين الذين يتدافعون للتجمع حتى عند حوادث التفجير الإرهابية؟ وقد شدتني صورة احتشاد المصريين أمام مركز الحصول على بطاقات الخلو من المرض.. للسفر وكيف أن هذه التجمعات هي أكبر ناقل للوباء، وما يضحك زجاجة المياه التي يتناقلها الناس ليشربوا، من فم إلى فم، وما علموا إنها أسرع وسيلة للإصابة. وإذا كانت إيطاليا قد فرضت الحجر الصحي على كل إقليم لومبارديا، وفيه أكبر مدن إيطاليا الصناعية فماذا نفعل مع سلوكيات التجمع عند المصريين؟ وها هي السعودية تفرض حظراً ليس فقط على منطقة القطيف، ولكنها تدخلت لمنع العمرة مؤقتاً، والحد من صلاة الجماعة، حتى في الكعبة المشرفة ومسجد الرسول الكريم، فماذا نحن فاعلون؟ هل نغلق المدارس والجامعات – ولو مؤقتاً- كما فعلت دولة الإمارات، وإذا أمرنا بذلك، ماذا عن دور السينما والمسارح؟ بل ماذا عن هواية التجمعات في المولات، والمولات من متع النزهة في بلادنا؟ وماذا عن محطات السكة الحديد ومترو الأنفاق؟ بل ماذا عن الميكروباصات والأتوبيسات؟ وماذا عن عشق المصريين للأفراح والموالد والعزاءات وتجمعات الناس في مجمع التحرير والمطاعم الشعبية، ومحلات الكشري خير مثال؟ وإذا توقفنا عن عادة البوس، ولو مؤقتاً، فماذا عن موالد أولياء الله الصالحين، وهذه تكثر في شهري رجب وشعبان، فالناس تخرج من مولد لتدخل آخر.. وأنتم تعلمون كيف الزحام وما يجري فيها، بل أيضاً الأسواق الشعبية في المدن والقرى، حيث سوق الإمام الشافعى- مثلاً- وأسواق القرى والنجوع.. بل أقسام العلاج في المستشفيات حيث يتردد الناس، المرضى والمودعون، بأعداد رهيبة. كل ذلك وغيره – ونحن أكثر من يعشق ذلك- من أهم أسباب نقل العدوى، وأي وباء، وإذا كان كل ذلك أمراً ممجوجاً ومرفوضاً في الأوقات العادية، فماذا ونحن نواجه وباءً يمكن أن يصيب الناس بالموت والمرض؟ هل يمكن أن نستغل هذه الظروف الحالية للحد من السلوكيات الخاطئة، ونترفع عنها، ولو إلى حين مرور هذه الأزمة؟ بل ماذا نقول في لحظات خروج العاملين – من أي مصنع – ودقائق دخولهم.. ويا سلام لو نجحنا في تغيير وتهذيب سلوكياتنا، الآن.. وحتى بعد انتهاء هذه الظروف غير العادية ويا أهل مصر ليس عليكم بغسل الأيدي فقط، بل عليكم بالحد من أي تجمعات.. ولا يكفي فرض حظر التجمعات بل علينا أيضاً حتى عدم مد الأيدي بالسلام.. والتسكع في الشوارع.. ولو للفرجة على الفاترينات».

إجراءات الوقاية

أما زميله عمرو الشوبكي فيقول في العدد نفسه من «المصري اليوم»: «حين تعلن منظمة الصحة العالمية مؤخرا، أن هناك خطرا في تحول فيروس كورونا إلى وباء عالمي، فهذا معناه أننا أمام ظاهرة لا تخصنا وحدنا، وأن المطلوب هو التعامل بشفافية ووضوح مع حالات الإصابة المحتملة في مصر، وأيضا عدم تكييف ما يقال من قبل الحكومة، ليصبح رد فعل على بعض الحملات الخارجية، فلابد أن يكون هناك كلام واضح في حقيقة انتشار الفيروس، وحول إمكانات مصر في الوقاية منه، وكيف يمكن دعمها وتطويرها، بالإضافة إلى نشر دقيق لأعداد الحالات المكتشفة والحاملة للمرض وعدد من تم شفاؤهم. وربما ترجع أحد أسباب ارتفاع أرقام المصابين بالفيروس في إيطاليا إلى توسيع السلطات حملات الكشف على المشتبه في إصابتهم بالفيروس، على خلاف باقي الدول الأوروبية، التي ركزت أكثر على طرق الوقاية والعلاج، أي أن أرقام الحاملين للفيروس ليست هي مكمن الخطورة الوحيد. والمؤكد أن مصر بحاجة إلى أن تعلن إمكاناتها الوقائية، وأن تطلب المساعدة والدعم، إذا كانت هناك أوجه قصور. والحقيقة أن هناك مشاهد يجب أن يكون هناك جهد حقيقي لعدم تكرارها، فالصور التي انتشرت في كثير من صحف العالم واستغلتها بعض الفضائيات العربية لآلاف المصريين وهم يقومون بكشف طبي لإثبات عدم إصابتهم بالفيروس كشرط للسفر إلى بعض دول الخليج كان يجب تلافيها، فيفترض أن وزارة الصحة تتوقع حضور هذه الأعداد الكبيرة نسبيا، وكان يجب عليها توفير أكثر من مكان لاستقبالهم حتى لا تنتشر صورهم بهذا الشكل، ويكتفي بعضنا بإدانة تجمهر الناس، بدون أي سعي لتصويب الأداء الحكومي. أما موضوع تأثير كورونا على السياحة فهو مؤكد، وهي مسألة لا علاقة لها بما ينشر على الفيسبوك، إنما هي أزمة ضربت قطاع السياحة في العالم كله، وانتشار أخبار إصابة بعض السياح الذين زاروا مصر مؤخرا بالفيروس، خاصة من فرنسا وألمانيا لا تعكس استهدافا لمصر، إنما هي إقرار لواقع سيؤثر بكل أسف على قطاع السياحة، وعلينا أن نتعامل معه. المطلوب مرة أخرى هو تشديد إجراءات الوقاية والكشف الطبي على كل القادمين إلى مصر وعدم التمييز بين حملة العملة الصعبة والمواطنين، لأن الفيروس لا يميز، والخطوة الأولي التي نحتاجها هي بحث إمكانات الوقاية من الفيروس، وأن نشتبك مع موضوع المرض لا أن نظل محكومين برد فعل على قوى معادية أو فضائيات تبالغ، فأفضل طريقة لمواجهة الشائعات والمبالغات هو أن تقوم الدولة بعملها Home work في إجراءات الوقاية والعلاج والحجر الصحي، وأن يكون قرار تعليق الدراسة وغيرها نابعا من تقييم علمي لمخاطر الفيروس في مصر، وسبل مواجهته وليس رد فعل على أي كلام إعلامي أو دعائي».

كاريكاتير

وبمناسبة اقتناع المواطنين باتخاذ الإجراءات الاحترازية أخبرتنا الرسامة في «الأهالي» سحر أنها شاهدت عددا من الشبان لاعبي كرة قدم يتحدثون إلى فيروس كورونا ويقولون له : تلعب معانا. بينما كان الفيروس في غاية الدهشة منهم.

دور السينما خاوية

والملاحظ أنه تم توجية ضربة عنيفة للافلام السينمائية قالت عنها في «الأخبار» إسراء مختار في صفحة سينما: «تلقت صناعة السينما المصرية ضربة قاسية بسبب فيروس كورونا، وتكبدت فاتورة فادحة، إذ أصبحت دور العرض خاوية، وشهدت إقبالا ضعيفا جدا مع ظهور الحالات الأولى للفيروس، خشية التواجد في تجمعات مغلقة. وتعرض حاليا 7 أفلام هي «الفلوس»، «يوم وليلة»، «بنات ثانوي»، «بعلم الوصول»، «لص بغداد»، «صندوق الدنيا» و«رأس السنة»، وعلى الرغم من تميزها وتنوعها تحقق جميع الأفلام المعروضة حاليا إيرادات ضعيفة جدا، لا تتعدى بضعة آلاف الجنيهات يوميا، ولا تتخطى إيرادات السبعة أفلام مجتمعة يوميا الـ300 ألف جنيه حاليا. ورغم أن بعضها حققت إيرادات عالية في أسابيع عرضها الأولى. وشهد العديد من دور العرض إلغاء بعض الحفلات، لعدم وجود جمهور، كما حسم قرار رئيس مجلس الوزراء بتعليق جميع الفعاليات، التي تتضمن أي تجمعات كبيرة من المواطنين، أو انتقالهم بين المحافظات بتجمعات كبيرة، أمر العديد من الفعاليات الفنية التي كانت على وشك الانطلاق، والتي كان بعضها قائما بالفعل، فقرر صناع مهرجان الأقصر للسينما الافريقية تقليص فعاليات الدورة الحالية، وإلغاء الفعاليات المرتبطة بالتجمعات والأعداد الكبيرة، كعروض الأفلام، وحفل الختام الذي كان مقررا له مساء اليوم الخميس، وذلك امتثالا لقرار مجلس الوزراء، على أن تعلن جوائز المهرجان في مؤتمر صحافي مصغر. وأصبحت صناعة السينما بالكامل مهددة بسبب «كورونا» وقد تشمل الخطة المقبلة تعطيلا كاملا لدور العرض، وإيقاف تصوير العديد من الأعمال، وتعليق الأفلام التي كان مقررا نزولها في مواسم الأعياد، ووقف وتأجيل الفعاليات الفنية والمهرجانات التي كان مقررا إقامتها في النصف الثاني من العام، وتغيير خريطة الصناعة، حسب نسبة انتشار الفيروس، والقرارات السيادية التي تحفظ الصحة العامة والسلامة، علاوة على الإجراءات الشخصية التي تمنع الجمهور من المجازفة بالتواجد في أي من تلك التجمعات».

المصداقية المطلوبة

وفي «الجمهورية» طالب علي عبد الغني بما هو آت: «نثق في ما يصدر من بيانات من الجهات المسؤولة، وعلينا ألا ننساق وراء الشائعات والكلام المبهم غير الموثق، وغير المبني على برهان واستدلال، والبعيد عن الحقائق. الموقف الحالي يتطلب المصداقية والشفافية والحقائق من الحكومة، والهدوء وتغيير السلوكيات المموجة، والتعامل بجدية مع الضوابط من المواطن، لتتكامل وتتناغم كل من الجهود الحكومية المبذولة مع تكاتف وهدوء وسلوكيات المواطن».

تصريح وزيرة الصحة

طبعا الثقة مطلوبة في بيانات الجهات الرسمية خاصة المؤتمر الصحافي الذي عقدته وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد وقالت فيه كما نشرت عنها كل الصحف المصرية: «إن مطارات القاهرة من أولى المطارات في العالم التي اتخذت الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا، هناك 59 حالة إصابة بفيروس كورونا من بينها 8 حالات بشكل مباشر و51 جاءت بالتقصي. وأضافت الوزيرة، أن أول حالة سجلت فيها الإصابة بفيروس كورونا كانت بدون أعراض، وأن هذا يبين قوة الدولة المصرية، ووزارة الصحة في اتخاذ الإجراءات الوقائية. وأشارت إلى أنها قامت بجولة في الأقصر للتأكد من الإجراءات الاحترازية. كنا من أوئل أربع دول تجيب كواشف تحليل كورونا، وتم استحداث كواشف سريعة، متابعة القول: نسير بخطة احترازية قوية، ونحن من الدول المنخفضة الإصابات، خلال الأسبوع الماضي تم استحداث كواشف سريعة، ومصر عملت خطة لاستيراد الكواشف السريعة، وستصل أول دفعة قريبا، والنتيجة تظهر خلال 30 دقيقة، وستطبق في منافذ مصر البرية والجوية والبحرية لضمان سلامة القادمين وحماية الموجودين داخل مصر».

الفروض الصحية

لكن هذا لم يعجب حمدي رزق فقال عن ذلك في «المصري اليوم»: «أرجو أن تحسم الحكومة أمرها، وتستقيم في تأدية فروضها الصحية كاملة غير منقوصة، خطر التسويف في ما لا يحتمل التأجيل، حتى لو اضطررنا لتأجيل الدراسة شهرا أو أكثر، أو منع تدخين الشيشة في المقاهي لأسابيع، أو إغلاق المقاهي والكافيهات والأندية لشهور. لازم نعي تبعات الجائحة ونفتح أدمغتنا جيدا، ونتفهم مثل هذه الإجراءات الاضطرارية، ليس بخاطر الحكومة أو رغبة في التضييق، بل اضطرارا، والمضطر يركب الصعاب، وقانا الله شر الجوائح ما ظهر منها وما بطن».

غموض وإبهام

وهكذا الحكومة لم تكتف بعدم حسم أمرها فقط، وإنما أثار قرار لرئيس وزرائها الغموض وهو ما دفع الدكتور يحيى نور الدين طراف، لأن يرسل إلى نيوتن في «المصري اليوم» وهو الاسم الذي يوقع به صاحب الجريدة صلاح دياب، قال فيها طراف: «عزيزي نيوتن جاء في الصحف أن رئيس الوزراء، قرر تعليق جميع الفعاليات التي تتضمن تجمعات كبيرة للمواطنين، أو تلك التي تتضمن انتقال المواطنين بين المحافظات بتجمعات كبيرة، لحين إشعار آخر ضمن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة لمواجهة فيروس «كورونا المستجد»، وسوف تتولى الجهات المعنية تنفيذ هذا القرار، والملاحظ أن القرار يكتنفه الغموض والإبهام، وعدم الوضوح، فما هو تعريف التجمعات الكبيرة للمواطنين، الذي يستوجب تعليق فعالياتهم، أي ما هو عددهم في التجمع الواحد حتى يصبح كبيراً يستوجب التعليق؟ هل هو في حدود العشرات أم المئات أم الآلاف؟ وما هي هذه الفعاليات التي سيتم تعليقها؟ وهل تشمل الأفراح وسرادقات العزاء والأسواق والمواصلات العامة ودور السينما والكافيهات؟ وما وضع صلوات الجماعة في المساجد والجمع ثم التراويح، وهي منا على مقربة مرمى حجر حيث يؤمها الآلاف في بعض المساجد».

سوء فهم

«هناك مشكلة سوء فهم كبيرة بيننا وبين الشعب الإثيوبي»، كما يرى عماد الدين حسين في «الشروق»، فالحكومات الإثيوبية المتعاقبة تعمل على تغذية وإدامة هذه المشكلة لأسباب لم تعد خافية. جوهر المشكلة هو اعتقاد قطاعات كبيرة من الشعب الإثيوبي بأن مصر تهيمن على نهر النيل، ما أدى لحالة الفقر والتخلف والجهل التي يعيشها الإثيوبيون لفترات طويلة. ومن سوء الحظ أن الحكومات ووسائل الإعلام الإثيوبية تمكنت من زرع أوهام كثيرة في عقول مواطنيها، منها مثلا أن كل مصري يمتلك فيللا وحمام سباحة مملوءا من مياه النيل، المحروم منها الإثيوبيون، وأن غالبية المصريين لديهم شقق ووحدات سكنية على كورنيش النيل، على طول البلاد وعرضها. يقول الكاتب زرت إثيوبيا مرتين في يونيو/حزيران 2012، ويناير/كانون الثاني 2015، وقابلت العديد من المواطنين العاديين. وكانت المفاجأة أن السائق الذي كان يلازمني في تحركاتي ــ وهو شاب مسلم ــ لديه يقين راسخ بأن سياسات مصر الاستعمارية هي السبب في فقر بلاده، وأن المصريين ينظرون نظرة فوقية واستعلائية إلى الإثيوبيين، وأن السينما والدراما المصرية تعكسان هذه الصورة منذ عقود طويلة، ظللت أناقشه طويلا، بأن هذه نظرة خاطئة، وأن مصر نفسها كانت ضحية الاستعمار البريطاني لمدة سبعين عاما، وأنها هي التي ساعدت العديد من الدول الافريقية على نيل استقلالها من الاستعمار الغربي. الشاب كان متعاطفا إلى حد ما مع سياسات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لكن كان يرى أن مصر في المجمل تريد الهيمنة على بلاده وتحرمها من التنمية. شرحت له مطولا أن هناك أكثر من 900 مليار متر مكعب من مياه الأمطار، تهطل في المتوسط على الهضبة الإثيوبية، لا يصل منها إلى مصر إلا 55 مليار متر مكعب، وقلت له إن الطبيعة حرمت مصر من الأمطار، وبالتالي فمياه النيل هي مصدر الحياة الوحيد للمصريين، الذين لا يعارضون أي مشروعات تنموية للإثيوبيين، طالما أنها لا تضر بحقهم في الحياة. لم يقتنع الشاب كثيرا بكلامي، وأتذكر أن الصورة أو اللافتة أو الشعار الذي كان يتكرر في غالبية الميادين الإثيوبية هي لمواطنين إثيوبيين يضعون أيديهم معا في لقطة تعكس التحدي، وخلفهم سد الألفية أو السد العظيم، الذي تحول اسمه لاحقا إلى سد النهضة. الحكومات الإثيوبية نجحت في إقناع مواطنيها بأن السد هو مشروعهم القومي، الذي سوف ينتشلهم من الفقر. وأقنعتهم ايضا أن السياسات المصرية على مدى عقود وربما قرون كانت السبب في تأليب الرأي العام الإقليمي والدولي ضدهم، ما منعهم من تحقيق هذه التنمية، وبالتالي وصل إليهم يقين بأن خروجهم من كل مشاكلهم أو معظمها يبدأ بتحدي الهيمنة المصرية. هذه الصورة تتجسد في العديد من وسائل الإعلام الإثيوبية، ويدعمها العديد من الدوائر الحكومية.. السؤال: ما هو المطلوب منا، لمواجهة هذا السلوك الإثيوبي، وكيف نصل للشعب الإثيوبي ونقنعه بأننا لا نعاديه، ولا نمانع في تحقيقه للتنمية، وتوليد الكهرباء، وأن كل ما نريده هو حقنا في المياه، لكي نستمر على قيد الحياة. وكيف نقنع الحكومة الإثيوبية، بأن سلوكها العدواني قد ينجح لفترة، لكنه لا يمكن أن يستمر طوال الوقت، وأن الصبر المصري سوف ينتهي عند لحظة معينة طال الزمن أم قصر؟»

طريق المفاوضات

أما رضا النصيري في «الأهالي» فكتب عن المفاوضات حول سد النهضة قائلا: « تواصل إثيوبيا تعنتها أزاء المفاوضات، خاصة بعد الإعلان الاثيوبي عن نية البدء في ملء خزان السد بعد أربعة أشهر من الآن، بدون اتفاق، من خلال تصريح وزيري الخارجية والري بأن «الأرض أرضنا، والمياه مياهنا، والمال الذي يبني به السد مالنا، ولا قوة يمكنها منعنا من بنائه»، التصريح الذي يعكس عدم الالتزام بمبادئ القانون الدولي في الاستخدام العادل والمنصف لمياه الأنهار الدولية، وعدم التسبب في ضرر جسيم لأي دولة اخرى، مفتقدة بذلك احترامها، أن النيل نهر دولي ولا يمكنها التحكم فيه وحدها وإخضاع الدول الأخرى لإرادتها المنفردة.
وفي المقابل، تواصل مصر سلك طريق المفاوضات الدولي والسلمي للحفاظ على الأمن القومي المائي، رغم الإعلان عن رفض الخارجية، للبيان الإثيوبي الأخير، حول قرار مجلس جامعة الدول العربية جملة وتفصيلا، حيث وصفت البيان بعدم اللياقة وافتقاده الدبلوماسية وأنه انطوى على إهانة غير مقبولة للجامعة ودولها الأعضاء.

وأشار بعض خبراء المياه الدوليين، إلى أن المادة العاشرة من اتفاق المبادئ ينص على اللجوء إلى طرف دولي ثالث يساعد في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحفظ للدول الثلاث حقوقها، بدون افتئات على مصالح أي منها، وهو ما حدث بتدخل واشنطن والبنك الدولي، وموافقتها على التوسط الأمريكي، إلا أنها تملصت من نتائج المفاوضات، مضيفين أننا أصبحنا أمام واقع واضح بكل ملابساته، وهو أن الموقف المصري معلن ومعروف، حيث إنه «لا ملء إلا باتفاق الأطراف»، علاوة على سعي الرئيس عبدالفتاح السيسي لإطلاع الأشقاء العرب بالتطورات المرتبطة بملف السد، والتطورات المتصلة بالموضوع وما وصلت إليه هذه المرحلة، والتنسيق مع القادة العرب، خاصة حينما تتعلق الأمور بقضايا مركزية وحيوية تتصل بالأمن القومي العربي بصفة عامة، وفي المقابل نجد المراوغة الإثيوبية بحجة أن التنمية والكهرباء من حق مواطنيها، بالاضافة إلى تصعيدها الموقف بسحب سفيرها في القاهرة ودول أخرى للتشاور، بعد القرار الذي أصدره وزراء الخارجية العرب برفض المساس بحقوق مصر في مياه النيل، واعتبار الأمن المائي لها جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
أما عن الموقف السوداني، فكان أسوأ ما في المشهد، خاصة بعد تحفظ السودان على قرار جامعة الدول العربية حول الأزمة وطلبها عدم ذكر اسمها في متنه، الأمر الذي فاجأ الجميع ، واعربت الخارجية المصرية عن أسفها لهذا التحفظ، واستجابتها لطلب حذف الاسم من مشروع القرار.
وفي ما يخص الدولة الوسيطة، فقد تباينت المواقف بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، ووزير الخزانة ستيفن منوشينو ووزير الخارجية مايك بومبيو، حيث ارتبكت الآراء ما بين ضرورة تطبيق معايير السلامة الدولية، قبل الملء، وأهمية التوصل إلى اتفاق يحمي دولتي المصب من أي أخطار جسيمة، ودعوة إثيوبيا والسودان للتوقيع على الاتفاق أسوة بالتوقيع المصري عليه بالأحرف الأولى، وحيرة الإدارة الامريكية في إدارة مصالحها الاستراتيجية مع مصر وإثيوبيا، بدون أن تغضب إحداهما، الأمر الذي غير من الموقف نوعا ما، عندما صرحت الولايات بأن المفاوضات قد تستغرق أشهرا قبل الموعد المحدد للتوقيع على الاتفاق، الذي غابت عنه إثيوبيا، وكأنه دعم وتشجيع مسبق على عرقلته، وهو ما يؤكد أن الأزمة سياسية وليست فنية والحل سياسي وليس فنيا.
وأكد الدكتور أحمد فوزي دياب، خبير المياه في الامم المتحدة ، أن التصريحات الإثيوبية الأخيرة اتسمت بعدم الدبلوماسية، ويبدو أنها ازدراء بالقانون الدولي بشأن تقاسم الأنهار العابرة للحدود، مشددا على أن جميع السيناريوهات مطروحة، بدون استبعاد أي منها، في ضوء التصعيد المستمر للأحداث، سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي، من خلال جعل دول صديقة لمصر تمارس الضغط على إثيوبيا لاتخاذ موقف متعقل تجاه المفاوضات، خاصة أن القاهرة تحافظ على موقفها الملتزم بالتفاوض لآخر لحظة.
وأوضح، أن الدول المستفيدة من مياه نهر النيل لن تسمح لإثيوبـــــيا أن تحجب مياهها عنها، حتى لو أدى ذلك إلى حروب مع هذه الدول، وعلى أديس أبابا أن تدرك أنها في مواجهة دول كثيرة ومؤثرة دولياً، وبناء عليه لابد أن تتجاوب مع الاتفاقات، فلن تكون قادرة على مواجهة هذه الدول، ولن يكون السد محمياً بسبب عنادها.
مضيفا أن مصر خاضت مسارات تفاوض عديدة، وعملت على التوصل لتفاهم وتوافق، وأبدت كل المرونة والتفاهم لمواقف الشركاء الآخرين، ومازالت تواصل العمل لتشجيع الأطراف السودانية والإثيوبية على تقدير الإيجابية المتصلة بالاتفاق الذي تمت بلورته والمكاسب المشتركة وفتح قنوات التعاون، ما ينتج عنه تغيير للموقف وإبداء الرغبة في استعادة التواصل والتوقيع على الاتفاق».

من أفسد العلاقات؟

وإلى موقف السودان من قضية سد النهضة وانحيازه إلى إثيوبيا ضد شقيقته مصر، وهو ما حيّر فاروق جويدة في «الأهرام»: «هناك حسابات كثيرة في العلاقة بين مصر والسودان كلنا يعرفها، كثيرا ما تجاوزناها حرصا على علاقات تاريخية وثوابت إنسانية وصلت إلى علاقة الدم والأخوة.

في مصر يعيش أكثر من أربعة ملايين سوداني، لهم كل حقوق المصريين، وهناك عائلات كاملة جمعت المصري والســوداني، وكنا نضع السودان دائما في مكانه في قلوب المصريين، وكانت الخلافات دائما بين السلطة والقرار في البلدين، وبقي الشعبان بعيدين عن هذه الحسابات.
مؤلم أن يخرج خبير سوداني لكي يؤكد أن النيل ملك لإثيوبيا تأخذ منه ما يكفيها، وتعطي السودان شيئا منه، وإذا بقي شيء بعد ذلك يذهب إلى مصر، ليس هذا هو السودان الذي عرفــــت، وليس هذا هو الشعب السوداني الذي شاركنا الدماء وماء النيل، ولدينا أربعة ملايين سوداني يشربون منه، ولابد أن يسأل المواطن السوداني الذي نعرفه من أفسد العلاقة بين مصر والسودان؟».

طعنة في الظهر

وفي «الأهالي» عبّر الدكتور عادل وديع عن صدمته من موقف السودان، لدرجة أن عنوان مقاله كان «حتى أنت يا شقيقي» قال فيه: منذ بداية العمل لإقامة سد النهضة يتخذ السودان موقفاً متأرجحاً تجاه الأزمة، بداية برفض الانضمام لاتفاقية عنتيبي، ثم الانحياز التدريجي إلى الجانب الإثيوبي في مسلسل عدائي كان بطله عمر البشير، الذي تجاهل مصالحه الجيوسياسية مع مصر، وبدأ سياسة الابتزاز، وخلق مشاكل حدود في منطقة حلايب وشلاتين، من أجل إلهاء الشعب السوداني وبقائه في الحكم، ثم أعلن عن أهمية سد النهضة للسودان، لحصوله على احتياجاته من الكهرباء، التي اعتقد أنها الرشوة التي تلوح بها إثيوبيا للسودان، وأيضا احتياجه لمساندة إثيوبيا في موقفه حيال تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، وبعد ذلك جاءت المواقف التفاوضية السودانية محايدة، مع استبعاد كل من هو معارض من الخبراء والفنيين السودانيين لهذا الموقف السياسي المشبوه.
أما السلطة الانتقالية فقد التزمت الصمت بطريقة انحيازية لإثيوبيا، إلى أن وافقت في النهاية على رعاية الولايات المتحدة، بعد أن وافقت إثيوبيا، ثم جاءت الطامة الكبرى، ففي الاجتماع الأخير الذي خصص للتوقيع في حضور الرئيس الأمريكي، تغيبت إثيوبيا، وامتنعت بالتالي السودان عن التوقيع، في الوقت الذي وقعت فيه مصر واشترطت التوقيع موافقة إثيوبيا على الوثيقة المهمة حول بدء ملء وتشغيل سد النهضة، لكن تبقى الضغوط من قبل قوى الحرية والتغيير في السودان، مع قوى المجتمع المدني والخبراء والمتخصصين والأحزاب السياسية التي تمثل ضغطاً على رئيس الوزراء، من أجل مصالح السودان الاستراتيجية، فأي خلل لسد النهضة سيكون السودان أول المتأثرين، وأن مصالح الخرطوم تتفق مع رؤية مصر من السد، فلابد من التنسيق بين الدول الثلاث، علماً بأن الرشوة المقدمة من إثيوبيا للسودان المتمثلة في إمداد الأخيرة بالكهرباء، ليس بعيدا عن عطاء مصر للسودان في هذا المجال، وليقف الشعب السوداني مع الشعب المصري، ويجب أن لا يأتي الخنجر في ظهر مصر من يد سودانية».

أسباب الاستبعاد

«رغم تأكيد المسؤولين في وزارة التمــــوين أن تسجيل رقم الموبايل لصاحـــب البطاقة التموينية أو أحد المستفيدين هدفه استكمال قواعــــد بيانات الوزارة، وانه لن يتم وقف البطــــاقات التموينية، التي لم يقم حاملوها بتسجيل رقم المحمول الخاص بهم، أو بأحد المستفيدين منها على موقــــع دعم مصر.. إلا أن هناك، كما توضح لنجوى إبراهيم في تحقيقها في «الأهالي»، عددا كبيرا من المواطنين تم استبعادهم من منظومة الدعم، حيث أكد بعض اصحاب البطاقات على أنهم عندما توجهوا لصرف المقررات التموينية لشهر مارس/آذار وجدوا البطاقة متوقفة، ولا يعرفون سبب توقف البطاقات.
وتواصل وزارة التموين استهداف غير المستحقين للدعم، من خلال محددات الاستبعاد بعد الانتهاء من المرحلة الرابعة، التي لم يتم الإعلان عن عدد المستبعدين فيها حتى الآن، وتقوم الوزارة حاليا بتطبيق محددات المرحلة الخامسة للاستبعاد من التموين والدعم، حيث أكدت أن عملية تنقية البطاقات من غير المستحقين مستمرة طوال الوقت، وأنها لن تنتهي من عمليات تنقية البطاقات بانتهاء مرحلة محددة حتى يتم التأكيد على تنقية قاعدة البيانات من غير المستحقين. وتتضمن محددات المرحلة الخامسة لحذف غير المستحقين لدعم السلع التموينية عدة معايير، تتمثل في امتلاك الأسرة 3 سيارات، أو دفع أكثر من 100 ألف جنيه ضرائب أو امتلاك أكثر من 15 فدانًا، أو استهلاك كهرباء بقيمة تزيد على 1000 وات، أو الحصول على مرتب حكومي أكثر من 12 ألف جنيه، أو وجود فاتورة تليفون بأكثر من 800 جنيه، أو دفع مصاريف مدرسية بأكثر من 50 ألف جنيه، بالإضافة إلى شاغلي المناصب العليا» .


الرابط الاصلي للخبر ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

from WordPress https://ift.tt/2W4xl1q
via IFTTT

Related Posts

0 تعليق على موضوع "«كورونا» لم يعطل الدراسة… وسوء الأحوال الجوية يجبر المواطنين على البقاء في البيوت"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel