
“التلوث” قائم والبحيرة جاهزة والمواطنون حاضرون للموت البطيء والمسؤولون غائبون و”الليطاني” تقاتل وحيدة
سنوات وسنوت والليطاني يزداد تلوثاً، أموال طائلة رُصدت لمعالجة التلوث ورفعه، وهبات مالية دولية، لكن تلك الأموال تبخرت، والليطاني ازداد موتاً، شركات ومؤسسات صناعية وطبية وزراعية وبلديات ومواطنون يساهمون طوعاً في رفد نهر الليطاني بسمومهم وملوثاتهم، وحدها “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” اتخذت قرار المواجهة الوطنية والقانونية، فذهب الدكتور سامي علوية إلى المواجهة القانونية ـ القضائية حتى النهاية، سعياً منه إنقاذ حياة المواطنين والحياة المائية.

وزارة الصحة
تقدمت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بكتاب الى وزير الصحة الدكتور حمد حسن طلبت بموجب تكليف فرق وزارة الصحة بالكشف الفوري على المزرعة التابعة لشرك البان لبنان لتقييم الضرر الصحي الناتج عن انبعاث الغازات السامة الناتجة برك تجميع روث الابقار وعن ري حقول الزراعات العلفية التابعة لمعمل شركة ألبان لبنان في منطقة حوش سنيد ـ بعلبك.
مناشدات ومراجعات
بعد ان تلقت المصلحة عشرات المراجعات والمناشدات من السكان المجاورين لوقف هذه القتل المنظم بحقهم نتيجة استنشاقهم للملوثات والهواء المشبع بالغازات السامة، وتعرضهم للاختناق والمضاعفات التنفسية والصحية السيئة وتردي نوعية حياتهم.
شركة البان لبنان
علما ان شركة البان لبنان تعمد الى التخلص من الصرف الناتج عن المزرعة والمعمل عبر ري حقول الزراعات العلفية بها دون اي معالجة مسبقة لهذه المياه الآسنة بالإضافة الى نشر روث الابقار مما تسبب بانبعاث الروائح الكريهة الناتجة عن الغازات السامة (الميتان والامونيا) في المناطق المجاورة للحقول المزروعة.
مناطق متضررة
وتشمل المناطق المتضررة خصوصاً البلدات التالية: حوش النبي، حوش سنيد، حوش الرافقة وطليا، كما تصل الروائح الكريهة الى بلدات: السفري، الحمودية وحوش باي. كما يسبب ري الحقول بالمياه الآسنة غير المعالجة بتلوث المياه الجوفية من خلال الري.

القضاء
استكملت القاضية المنفردة الجزائيّة في قصر العدل في بعلبك لميس الحاج دياب عقد جلسات محاكمة بعض الشركات الملوّثة لنهر الليطاني بتاريخ 3 آذار 2020، بعد أن تأجلّ انعقادها من 3 شباط بسبب غياب القاضية لأسباب صحيّة. لم تكن تلك المرّة الأولى التي يتعذّر فيها انعقاد جلسات في هذه الملفّات في بعلبك، فقد سبق وتأجّلت مواعيدها بسبب قطع الطرقات. ويقود تعذّر انعقاد الجلسات إلى زيادة المهل لإتمام عمليّات وقف تلوّث المياه والهواء، وهو ما عبّرت عنه القاضية في إحدى الجلسات السابقة حين أشارت إلى أنّ كلّ تمديد للمهل سيعتبر تأخّراً في إنهاء التلوّث، و”سيترتّب عليه نتائج مضرّة”.
حجج ومُهل
ويضاف التأجيل إلى طلبات رفعتها الشركات للحصول على مهل إضافيّة، عازية الأمر إلى الوضع الاقتصاديّ المتردّي في لبنان، فلوّحت “ألبان لبنان” في الجلسة السابقة بطرد موظّفين، وأعلنت شركة “صدارة غروب” أنّ الوضع الاقتصاديّ يؤخّر شحن المعدّات اللازمة، وفي الجلسة الأخيرة أضيف فيروس “كورونا” على الأسباب التي قد تعرقل إيقاف التلوّث في شركة “ألبان لبنان”.
“ألبان لبنان” لن تبدأ
في الجلسة التي انعقدت في 19 كانون الأوّل من العام الماضي، طلبت القاضية الحاج دياب من صاحب شركة “ألبان لبنان” ووكيلها المحامي رامز حمّود آليّة واضحة لحلّ مشكلة تلوّث الهواء والروائح في معمل الشركة. لم تقدّم الجهة المدّعى عليها خطّة لحل تلك المشكلة، بل صرّحت بأنّ معالجة الروائح ستكون ضمن خطّة المعالجة الشاملة، وبالتالي لن يتمّ العمل عليها إلّا بعد إنهاء تلوّث المياه (أي تركيب جميع معدّات معالجة المياه) مستشهدةً بالمستند 15 المرفق بمذكّرة وردت في 30 نيسان عام 2019، يتناول “آلية معالجة انبعاثات الهواء من ضمن الآلية الكاملة للمعالجة بالمصنع”.
تخوّف
ومع ذلك، تمنّت الحاج دياب أن تعمل الشركة بشكل متوازٍ لحلّ جميع مشاكل التلوّث. والجديد في الجلسة الأخيرة، أنّ المحامي حمّود أعرب عن تخوّفه من منع الخبير الكندي الذي استقدمته الشركة لفحص معالجة المياه من الدخول إلى لبنان نتيجة التشديدات بسبب فيروس “كورونا”، ممّا سيؤخّر تلقائيّاً عمليّة معالجة الروائح.
تمسّك
واستمرّ وكيل شركة “ألبان لبنان” بتمسّكه بفكرة أنّ الروائح المنبعثة من الشركة طبيعيّة كونها تحتوي على مزرعة أبقار. وذهب في الجلسة الأخيرة، أبعد من ذلك معتبراً أنّ المنطقة المحيطة بالشركة (حيث تنتشر الروائح المزعجة) تصنّف بحسب التنظيم المدنيّ “منطقة صناعيّة وزراعيّة وجميع العمران فيها هو غير مؤهّل للسكن”. وأضاف أنّ الشركة بدأت العمل في هذه المنطقة في العام 1996، فأصبحت تلقائيّاً حقّاً مكتسباً لها. وتجدر الإشارة إلى أنّ حمّود لم يأت على ذكر احتمال تضرّر عمّال الشركة من تلوثّ الهواء أو الروائح المنبعثة الذين شدّدت القاضية في الجلسة السابقة على عدم وضعهم في الواجهة.
ردّ
وتعليقاً على طرح حمّود، ردّت القاضية بأنّ الموضوع بحاجة إلى خبرة فنيّة، فأجاب حمّود معرباً عن جهوزيّته لاستقدام خرائط توضح تفاصيل المنطقة المحيطة بالشركة. وأوضح أنّ الخبيرين اللذين عيّنتهما المحكمة لم يؤكّدا وجود انبعاثات من المعمل وأنّ فحص تلوّث الهواء ليس من اختصاصهما. وردّت القاضية بأنّه يجب دعوة الخبيرين إلى الجلسة المقبلة في 31 آذار 2020 لاستيضاحهما بشأن اختصاصهما وإذا ثبت أنّ تلوّث الهواء ليس من ضمنه فذلك يستدعي الاستعانة بخبير مختصّ.
تأخّر
وأفاد صاحب الشركة مارك واكد بتأخّر وصول جهاز التناضح العكسيّ إلى لبنان حتّى مطلع شهر آذار الحاليّ، وذلك بسبب تأخّر في الشحن والفحوصات المخبريّة التي أجريت عليه. ويجري الآن العمل على إتمام الإجراءات اللازمة لإخراجه من المرفأ، على أنّ يتمّ تركيبه في مهلة أقصاها 60 يوماً تقريباً، بحسب واكد. وبعد تركيبه، سيتمّ تحديد كيفيّة معالجة الروائح.
اعتراض
وكان وكيل الجهة المدّعى عليها قد تقدّم باعتراض على أتعاب الخبراء (5 ملايين ليرة للإثنين بعد أن تمّ تخفيضها من 3 ملايين لكلّ منهما) طالباً أن تتشارك مصلحة الليطانيّ الأتعاب مع “ألبان لبنان”. فقرّرت القاضية إبلاغ نسخة من الاعتراض للخبيرين واستيضاحهما في الجلسة المقبلة (في 31 آذار)، أيضاً حول آلية المعالجة المذكورة في تقريرهما. وأبرز حمّود لائحة إفادة للقرار بتاريخ 19 كانون الأوّل 2019 توضح عدم قدرة الشركة على تركيب جميع الآلات المطلوب. وقد ضُمّت إلى الملف وأبلغت المحامية سارة حجازي (حضرت بالوكالة عن محامي مصلحة الليطاني علي عطايا) نسخة منها، واستمهلت للاطلاع.
الديراني يستمهل
وفي الجلسة قال مصطفى الديراني، الحاضر الوحيد للجلسة عن شركة “صدارة”، بأنّ الشركة ركّبت العدّادات على المياه الداخلة إلى محطّة التكرير وفق توصية الخبيرين، وذلك في أوائل شهر كانون الثاني من العام 2020. وبالتنسيق مع أحد الخبيرين، قامت الشركة بوضع سقف للبركة التي تنبعث منها الروائح. وكذلك، ونظراً إلى غلاء الأسعار وصعوبة الاستيراد، لجأت الشركة إلى تصنيع جهاز الفلتر البيولوجيّ في لبنان وتركيبه بدون بدء العمل به بانتظار إجراء التعديلات اللازمة على محطّة التكرير، لأنّ عمل الفلتر سيعرقل التعديلات المذكورة. وقدّم الديراني صورتين تظهران هذا الفلتر للمحكمة.
تعديلات
أمّا التعديلات اللازمة فهي بانتظار وصول تجهيزات مستقدمة من الصين، ومن المفترض أن تصل إلى لبنان في نهاية شهر آذار تقريباً، وسيستغرق تركيبها حوالي الشهرين. فقرّرت الحاج دياب إمهال الشركة شهرين بسبب الوضع الاقتصاديّ في البلاد، على أن تطّلع في الجلسة المقبلة على التحديثات في موضوع تركيب المعدات اللازمة لمحطّة التكرير، طالبة من الديراني التعاون مع المحكمة في هذا الأمر.
محاكمة “تندر بول”
وفي قضية شركة “تندر بول” التي تستثمر مسلخ دجاج، أظهر الكتابان اللذان أوردتهما وزارة الصناعة للمحكمة بتاريخ 21 كانون الثاني 2020، نتيجة إيجابيّة للعيّنة الأخيرة التي أخدتها من المياه الخارجة من محطّة التكرير التابعة للشركة، وذلك بعد أن طلبت القاضية في الجلسة السابقة (19 كانون الأوّل 2019) الكشف على المحطّة وأخذ عيّنة أخيرة منها. واستمهلت الأستاذة حجازي (حضرت بالوكالة عن محامي مصلحة الليطاني علي عطايا) للاطلّاع على النتيجة وللمرافعة، فأرجئت الجلسة إلى 31 آذار 2020.

رغم تلوّث البحيرة
هذا وكانت فرق المراقبة في المصلحة الوطنية لنهر الليطاني قد رصدت إقدام عدد من اللبنانيين والسوريين في الآونة الأخيرة على اصطياد الأسماك من بحيرة القرعون عند جسر صغبين في البقاع الغربي.
ورغم التلوث الشديد الذي تعاني منه البحيرة، تتخذ منها عشرات العائلات مورداً للعيش، ولا يتوانى كثيرون عن صيد الأسماك وبيعها في الأسواق المحلية كأسماك مثلجة. وقد وجهت المصلحة أمس كتباً إلى وزارات الصحة والزراعة والطاقة والمياه والاقتصاد والداخلية والبلديات تطلب فرض إجراءات لمنع صيد الأسماك من البحيرة، وفق مقتضيات حماية الصحة العامة والأمن الصحي والغذائي للبنانيين، ولمنع انتشار الأوبئة والأمراض.
وزارة الزراعة
علماً بأن وزارة الزراعة أصدرت في 22 تشرين الأول عام 2018 قراراً بمنع صيد الأسماك في بحيرة القرعون وفي المجرى الرئيسي لليطاني بعد الزيادة الهائلة في معدلات تصريف مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي المترافق مع شح المياه.
وفي وقت لاحق أمس، أعلنت وزارة الزراعة تكليف مركز صغبين التابع لها بقمع المخالفات كافة ومنع أنشطة الصيد النهري، وتسطير محاضر بالمخالفين، وتسيير دوريات مشتركة مع فريق المصلحة والأجهزة الأمنية المختصة.



The post “التلوث” قائم والبحيرة جاهزة والمواطنون حاضرون للموت البطيء والمسؤولون غائبون و”الليطاني” تقاتل وحيدة appeared first on العربي برس.
الرابط الاصلي للخبر ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
شاهد أيضا
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "“التلوث” قائم والبحيرة جاهزة والمواطنون حاضرون للموت البطيء والمسؤولون غائبون و”الليطاني” تقاتل وحيدة"
إرسال تعليق