-->
ثورة يناير باقية رغم محاولات إجهاضها والسلطة حوَّلت وفاة مبارك إلى «كرنفال»

ثورة يناير باقية رغم محاولات إجهاضها والسلطة حوَّلت وفاة مبارك إلى «كرنفال»

ثورة يناير باقية رغم محاولات إجهاضها والسلطة حوَّلت وفاة مبارك إلى «كرنفال»

القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف الصادرة يومي السبت والأحد 29 فبراير/شباط و1 مارس/آذار تصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أثناء افتتاحه في مدينة الغردقة، أول متحف للآثار، بالمشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص، بأن مصر خالية تماما من فيروس كورونا، وأن كل الإمكانيات في الدولة مسخرة لمنعه، وأنه تم الكشف على جميع المصريين الذين اختلطوا بالفوج السياحي الفرنسي، الذي غادر مصر إلى فرنسا، واكتشفت السلطات أن أحدهم مصاب بالمرض، ومن ستثبت إصابته من المصريين، سيتم عزله فورا في المستشفى.

الدكتور الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق لديه فكرة جديدة لمواجهة الانفجار السكاني

أما الموضوعات التي اجتذبت اهتمامات الأغلبية فكانت بالاضافة إلى كورونا، فوز الزمالك على الترجي في كرة القدم، وفوز الأهلي على صن داونز الجنوب افريقي، في دوري أبطال افريقيا، وترقب مباراة العودة في تونس للزمالك، والأهلي في جنوب افريقيا.
أما الأهم بالنسبة للحكومة فكان توقيعها بالأحرف الأولى على اتفاق قواعد تشغيل ملء سد النهضة، وانتظار توقيع إثيوبيا والسودان. وبالنسبة للمقالات فلا يزال معظمها عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، بمناسبة وفاته، وبعضها معه والأخرى ضده، ولا تزال قنوات التلفزيون الحكومي تشيد به، رغم انتهاء فترة الحداد التي اعلنتها الحكومة لمدة ثلاثة أيام. وقليل اهتم بالمعارك في سوريا بين الجيشين التركي والسوري وشماتة، وإلى ما عندنا….

فكرة عملية

في اتصال من الدكتور كمال الجنزوري، قدّم فكرة جديدة يتحمس لها ويراها حاسمة في ضبط ملف الإنجاب، بدلا من الأفكار الكثيرة التي جربناها ونجربها، ولا يبدو في الأفق، كما يظن سليمان جودة في «المصري اليوم»، أنها ستؤدي إلى وقف هذا التزايد المخيف في عدد السكان المتصاعد على الدوام. آخر الأفكار التي قررت الحكومة تطبيقها، والتي أشرت إليها في هذا المكان أكثر من مرة، هي حرمان الطفل الثالث من القيد على بطاقة التموين، وهي فكرة سيجري العمل بها على البطاقات الجديدة.. لا القديمة ولأنها لا تزال فكرة وليدة، فإن أحدا لا يستطيع تأكيد نجاحها، ولا أحد أجرى استطلاعا بين المواطنين لنعرف ما إذا كانت فكرة كهذه ستكون مجدية في إقناع كل أسرة بالاكتفاء مستقبلا بطفلين، أم أن حذف المقررات التموينية الخاصة بالطفل الثالث مسألة لن تؤثر مع أُسر كثيرة في شيء.. لا أحد يعرف، ولكن الفكرة التي يطرحها الدكتور الجنزوري مختلفة، وهي مختلفة لأنها تتعامل مع العصب الحساس في الملف كله، فتذهب إلى مضمونه بشكل مباشر.. والبداية التي يراها الرجل هي تطبيق القانون الذي يجرّم تشغيل الأطفال تحت 16 سنة.. تطبيقه بجد وحزم.. وساعتها يراهن هو على أن الحصيلة في ضبط الإنجاب ستكون مؤكَّدة وأسباب رهانه أنه شخصيا يعرف بيتا يشتغل فيه ثلاثة أطفال جاءوا من أسرة واحدة في إحدى المحافظات.. هؤلاء الأطفال الثلاثة يحصل كل واحد منهم على أربعة آلاف جنيه شهريا.. والمعنى أن دخل الأسرة من ورائهم 12 ألف جنيه في الشهر الواحد، فهل نصدق بعد ذلك أن يستمع والد الأطفال الثلاثة.. وكل والد آخر مثله.. إلى حكاية رفع الطفل الثالث، أو حتى رفعهم الثلاثة من بطاقة التموين؟ وهل نتوقع أن يهتم مثل هذا الأب إذا حدثناه عن رفع أولاده جميعا من القيد على البطاقة؟ لن يحدث هذا حتى نكون واقعيين، رغم وجاهة فكرة الرفع من القيد في البطاقة، وعلينا بالتالي التوجه إلى الحلول الواقعية من أقصر طريق، وتجريم تشغيل الطفل.. وبالذات البنات.. تحت السن المقررة للعمل، على أن يتم تطبيق القانون على صاحب البيت الذي يستقبل أطفالا لتشغيلهم، لا أن نطبقه على أسرة الطفل وحدها، ساعتها سوف يتوقف آباء كثيرون، في الأقاليم على وجه الخصوص، عن المزيد من الإنجاب، لأنهم سيكونون على يقين من أن أطفالهم سيكونون عبئا عليهم، ولن يكونوا مصدرا لدخل كبير. اسمعوا كلام الدكتور كمال وأنصتوا إليه.. فالفكرة عملية، وحصيلتها تبدو مضمونة، وهو لا يطلب مقابلا لها، ولكنه يفكر لصالح مستقبل بلد بكامله».

الثورة لم تدفن

المعركة التي دارت على مواقع التواصل الاجتماعي حول الموقف من نظام مبارك عكست، في رأي عمرو الشوبكي في «المصري اليوم»، أزمة شريحة من المجتمع المصري اعتادت أن تتخذ مواقف متطرفة في العالم الافتراضي، بصرف النظر عما إذا كان لهذا الكلام صدى يُذكر على أرض الواقع أم لا. والحقيقة أن تكريم مبارك كقائد عسكري، أو الإشادة ببعض الجوانب الإيجابية في فترة حكمه، لا يعني دفن ثورة يناير/كانون الثاني، التي تعثرت في تحقيق أهدافها في بناء دولة مدنية ديمقراطية لأسباب لا ترجع أساسا لإرث مبارك، كما يرى البعض، إنما بسبب أخطاء فادحة ارتكبها من تصدروا المشهد عقب تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط 2011. والحقيقة أن الجانب المشرق في يناير هو أنها أعادت الشعب كرقم في معادلة الحكم وأسقطت نظام حكم استمر 30 عاما وقضت على مشروع توريث السلطة، وفي الوقت نفسه فإن الطريقة التي تعامل بها مبارك مع انتفاضة الشعب كانت شجاعة، وعكست نفسية «القائد المحارب» الذي قبل أن يتخلى عن السلطة، ورفض الهرب خارج وطنه، وتقبل المحاكمة بثبات. عشية تنحي مبارك كانت أمام مصر فرصة حقيقية للانتقال الديمقراطي، إذا قبلت القوي الثورية والمدنية بمرشح إصلاحي من داخل النظام، أو بالأحري من داخل الدولة، ولم تعتبر الفعاليات الثورية ورقتها الوحيدة في مواجهة المجلس العسكري، ما جعل أغلب الناس يسأمون من الثورة، وينتظرون المخلّص أو الرجل القوي الذي يأتي عادة من داخل المؤسسة العسكرية، ليخلّص البلاد من الفوضى والتسيب والاحتجاجات اليومية. إن الخلاف على حكم مبارك أمر طبيعي، وحتى لو اعتبر بعضنا أن حكمه كله سلبيات وكوارث، وبلا أي إيجابيات، إلا أنه لا يستطيع أن يُنكر أنه ترك البلد وفيها مؤسسات تعمل: مؤسسة عسكرية خارج العمل السياسي والحزبي، قضاء مستقل، وأيضا فيها حزب سياسي حاكم، ويقود قادته معظم مؤسسات الدولة، حتى لو كان رأي كثيرين فيه أنه حزب سيئ، إلا أنه كان وسيطا مدنيا وسياسيا. تنحي مبارك كان فرصة ضاعت لبناء بديل إصلاحي مدني، وعلى من ينظر للمستقبل أن يعتبر أن مصر التي توفي على أرضها رئيس سابق غير مسجون، ولا تحت الإقامة الجبرية (مهما كان الرأي في سياساته)، وقامت ضده ثورة ولم يلق مصير القذافي، ولم يُقتل انتقاما مثل صدام حسين، بل أجريت له محاكمة مدنية ثم جنازة عسكرية كرمته كقائد حارب من أجل هذا البلد، عليه أن يعتبر ذلك أمرا إيجابيا، لا أن يعتبره نهاية مشروع بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي لم تُبن في أي تجربة نجاح معاصرة على الانتقام والثأر والتشفي».

حكم الشعب

أما محمد سعد عبد الحفيظ في «الشروق» فقال: «ما أن أعلنت الدولة المصرية الحداد العام في جميع أنحاء الجمهورية لمدة ثلاثة أيام على وفاة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وقررت تشييع جثمانه في جنازة عسكرية ورسمية، حتى سارع البعض بإعلان وفاة ثورة 25 يناير/كانون الثاني، التي اندلعت ضد حكم الراحل قبل 9 سنوات. ظن بعض المباركيين أن يناير شُيعت هي الأخرى إلى مثواها الأخير، وكما نَكست الدولة الأعلام حدادا على المغفور له، تم تنكيس أهداف وأحلام الثورة التي يعتقد البعض أنها دفنت في صمت في مدافن الصدقة. حاول هؤلاء كعادتهم تشويه الحقائق، وخرجوا ليعلنوا أن حالة التعاطف الشعبي مع الرئيس الراحل هي دليل على «عودة الوعي للمصريين الذين أكرموا قائدهم وردوا اعتباره بعد وفاته»، ودليل أيضا «على فوقان الناس من سكرة يناير/كانون الثاني وقرفهم البالغ منها ومن توابعها». يعلم هؤلاء أن تعاطف البسطاء مع الرئيس الراحل بعضه مصنوع في صالات تحرير الفضائيات والصحف، بأوامر وتعليمات مباشرة، والبعض الآخر رد فعل على تردي الأحوال المعيشية لدى قطاع كبير من المصريين في السنوات الأربع الأخيرة، فالناس استدعت أوضاعها قبل 10 سنوات وقارنتها بأحوالها الآن، فاكتشفت أن رغم قمع واستبداد سلطة مبارك ألا أنهم كانوا قادرين على تحمل تكاليف المعيشة في عهده. إذا كان هناك تعاطف بالفعل من بعض شرائح المجتمع مع الرجل الذي حكم مصر لنحو 30 عاما، بتزوير إرادة الشعب من خلال التلاعب بالانتخابات، وبأحكام القانون والدستور، فمن يُسأل عن ذلك هي السلطة الحالية التي أولا: أرهقت كاهل المواطن بما يسمى إجراءات الإصلاح الاقتصادي قبل 4 سنوات. وثانيا: لأنها هي التي حولت وفاة رئيس ثار عليه المصريون بالملايين إلى «كرنفال» أو «مولد»، رغم أنها تعلم علم اليقين أنه هو «منه لله اللي خرب البلد، وكان لازم يمشي من 15 سنة أو أكثر، قبل أن نسقط في هذا الخراب والانهيار في كل مؤسسات مصر»، وأنه أيضا سبب في «تكلس مؤسسات الدولة وانسداد شرايينها في السنوات الأخيرة من عهده». ثورة يناير/كانون الثاني باقية رغم تعثرها ومحاولات إجهاضها وإهالة التراب عليها، باقية بنصوص الدستور الذي وافق عليه 98٪ من المصريين والذي خلدها ووثقها ضمن هبات واتنفاضات وثورات المصريين، التي دعت إلى «العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية واستعادت للوطن إرادته المستقلة»، وهو ما يعني أن مصر قبلها غابت عنها الحرية والكرامة والعدالة والإرادة الوطنية المستقلة. ثورة 25 يناير محفورة في تاريخ الأمة باعتبارها «ثورة فريدة بين الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التي قدرت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيديولوجيات، نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة» حسب نصوص الدستور الذي أقسم قادة السلطة الحالية على احترامه والعمل بنصوصه. مبارك بحكم الدستور وإرادة الملايين رئيس ساقط؛ لأنه حكم مصر 3 عقود، جرف فيها الحياة السياسية وأنهى على كل محاولة لإيجاد بديل له أو لابنه من بعده، ولأنه غض الطرف عن تربح وفساد مجموعات المصالح التي دارت في فلكه، والذين تعاملوا مع مصر باعتبارها عزبة، بدون مساءلة أو حساب. مبارك رئيس ساقط ثار عليه المصريون؛ لأنه استخدم أجهزته الأمنية في قمع الشعب الحالم بالتغيير، وأغلق كل النوافذ وقضى على كل محاولة لتداول السلطة عبر صناديق الانتخابات، وحصر المناصب على رجال ورجال ابنه في الحزب الوطني المنحل. رحل مبارك وحسابه كإنسان عند ربه، لكن حكم الشعب على الرئيس المخلوع صدر قبل 9 سنوات في ميادين التحرير، وكما حكم الشعب على سياساته وتوجهاته وقراراته كرئيس، حكم القضاء أيضا عليه وأدانه في قضية القصور الرئاسية، بعد أن ثبت عليه اتهامه «بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء للغير على المال العام». ثورة يناير لم تدفن، فالثورات لا تموت قد تُصاب بانتكاسة بعض الوقت، لكن ما دامت أحلامها وأهدافها لم تتحق، فالثورة باقية ومستمرة حتى يتحقق لهذا الشعب السيد في الوطن السيد «الحرية والكرامة والعدالة».. «هذه الثورة إشارة وبشارة، إشارة إلى ماضٍ مازال حاضرا، وبشارة بمستقبل تتطلع إليه الإنسانية كلها»، حسب ما ورد في دستور 2014».

الفرصة المضاعة

ونعود إلى «المصري اليوم» التي شهدت صفحاتها اهتماما بارزا بوفاة الرئيس الأسبق حسني مبارك وفترة رئاسته فأشار عبد اللطيف المناوي إلى الفرص التي أضاعها مبارك وقال عنها: «عاشت مصر في تاريخها المعاصر كثيرا من الفرص الضائعة، في عصر الرئيس الراحل مبارك، فقدنا فرصا عديدة بدأت تلك الفرص بعد أيام من تولي مبارك الحكم، خصوصا في ما يتعلق بقرار الإفراج عن معتقلي سبتمبر/أيلول 1981 مرورا بالمؤتمر الاقتصادي الأول الذي كان متميزا ونموذجا يُتبع، والذي عُقد في 1982، وكذلك حرب الخليج بداية التسعينيات، ومحاولة اغتياله في إثيوبيا، وصولا إلى عدد كبير من الفرص التي كثرت في الـ18 يوما بين 25 يناير/ 2011 و11 فبراير/شباط، يوم التنحي، بيان تنحّي مبارك نفسه وإسناد مهمة إدارة شؤون البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، كان إحدي الفرص التي ضاعت على مصر، فحيث أراد بتنحيه أن يجنّب البلاد صراعا وحمام دم، لم تتلقَّ القوى الفاعلة وقتها الفرصة لبداية جديدة تبني على ما فات، وتبنت أطراف عدة خيار الانتقام أو الصراع والتقسيم. كلمات مبارك السابقة ما هي إلا محاولة لاستعادة فرصة كانت في اليد خلال فترة حكمه، أضاعها من أضاعها، وهذا ليس موضوعنا، موضوعنا هو ضرورة الوقوف والتروي لدراسة كيف ضاعت كل تلك الفرص وكيفية تفاديها في المستقبل بل واستثمار تلك الفرص».

أصالة المصريين

وفي «الجمهورية» أشاد عبد النبي الشحات بموقف الشعب المصري من رئيس ثار عليه وعزله ومع ذلك كرّمه في وفاته، بما عكس أصالته وعاير العراقيين بما فعلوه مع رئيسهم صدام حسين، واليمنيين وقتلهم علي عبد الله صالح والتونسيين وإجبارهم الرئيس زين العابدين بن علي، على الفرار للخارج وقال: «بالقطع نحن لا نقول إن الرئيس الأسبق مبارك كان ملاكا، أو بلا أخطاء طوال فترة حكمه، بل لا يمكن لأحد أن ينكر الأخطاء والخطايا التي وقعت في السنوات الـ10 الأخيرة من حكمه، لكننا فقط نتحدث عن أهمية كتابة التاريخ بموضوعية للأجيال القادمة، ونحن نؤرخ للرؤساء السابقين. إن ما حدث في جنازة الرئيس الأسبق مبارك يعكس بوضوح أصالة المصريين، وتمثل ذلك في مشهد تقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي للجنازة العسكرية، بصحبة كبار رجال الدولة، وقادة القوات المسلحة، في مشهد شديد التقدير، ينقل للعالم رسالة واضحة، وهي أن المصريين، وإن اختلفوا مع حاكم، إلا أنهم لا يتخذون موقفا يتسم بالعدوانية تجاهه، خاصة إذا كان حاكما وطنيا لم يفرط في ذرة رمل من تراب هذا الوطن. بالمناسبة علينا جميعا أن نقارن بين الجنازة المهيبة للرئيس الأسبق مبارك، وكيف ودعه المصريون، وما حدث في بعض دول الجوار، عندما قتل الليبيون القذافي في الشارع بطريقة وحشية، وكيف خلع العراقيون نعالهم ليضربوا تمثال الرئيس صدام عقب سقوط حكمه، وكيف أمسك اليمنيون برأس علي عبدالله صالح المقطوع، وكيف هرب زين العابدين من تونس إلى جدة حتى مماته؟ تلك هي مصر بأصالتها وعراقتها كانت حاضرة في جنازة الرئيس الأسبق، لا شماتة في الموت «.

إشاعة التوريث!

أما صلاح دياب الذي يوقع باسم نيوتن فقد نفى في «المصري اليوم»، حكاية التوريث، والأمر كله أنه استعان بابنه جمال، مثلما استعان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بابنته هدى، والرئيس الأمريكي ترامب بابنته أيفانكا وقال معددا إنجازاته: «إذا كانت السنوات العشر الأخيرة هي التي يأخذونها حجة على مبارك، باعتبارها أكثر السنوات التي شهدت فسادا، لننظر برؤية تحليلية إلى هذه السنوات الأخيرة ماذا حدث فيها؟ اختار أفضل مجلس وزراء جاء إلى مصر، في رأي كثيرين، وزارة تضم أفضل العناصر من التكنوقراط ومن الموهوبين، الحزب الواحد الذي أسسته الدولة المسمى بالاتحاد القومي، الذي أصبح الاتحاد الاشتراكي، ثم حزب مصر، ثم الحزب الوطني بعد ذلك، المهم أنه تم تطويره واستُحدثت فيه لجنة السياسات، التي جمعت خلاصة البارزين في مختلف الصناعات والأنشطة والمجالات، جمع فيه نخبة من الكفاءات، لم يستطع حزب مصري أن يحصل عليها حتى خلال ذروة تألق الأحزاب في مصر. معدل زيادة الدخل القومي وصل إلى 84٪ وهذا رقم قياسي، إن شاء الله نصل إليه ونتجاوزه بعد توفير مياه الشرب والكهرباء. كل قوى مصر وجهت لدعم القرى الأكثر فقرا مشروع يمس القاعدة العريضة من المصريين، تدفقت إلى مصر استثمارات من الخارج بلغت 12 مليار دولار في السنة، بخلاف الاستثمارات الموجهة للبترول، بدأ كل مستثمر يطمئن للدخول إلى مصر. كل هذه الأمور يجب أن توضع في الحسبان، لكن وصم 10 سنوات من حكم الرجل بالفساد المطلق، بدون تدقيق أو تمحيص حكم جائر لا يأخذ الحقائق الملموسة في الحسبان، هذا لا يمنع وقوع تجاوزات وحدوث أخطاء قد نصفها أحيانا بالفساد، هذا وارد في أي مؤسسة استثمارية، أو أي دولة، أما مسألة التوريث فالأمر أولا وأخيرا كان إشاعة عززتها الشواهد نظرا لأنه كان يستعين بابنه في بعض الأمور، تماما كما كان عبدالناصر يستعين بابنته هدى وكما يستعين ترامب بابنته أيفانكا وكذلك زوجها، لكن في النهاية بما أن الإشاعة لم تتحقق فلم تتجاوز كونها إشاعة».

الانتشار السريع

بدأ مسار «فيروس» كورونا في التحول منذ اللحظة التي أُعلن فيها عن ظهوره في إيران. فبعد اكتشاف عشرات الحالات للإصابة بالمرض في مدينة قم، يقول محمود خليل في «الوطن»، كل يوم نسمع عن حالات تظهر في دول الخليج. وقد سبق وحذر خبراء منظمة الصحة العالمية من مخاطر ظهور الفيروس في إحدى دول العالم الثالث، نظرا لقلة إمكانياتها في فرض إجراءات الحجر الصحي على المصابين، ومحاصرة الفيروس. وقد وقع المحظور وعاد الكثير من الحجيج إلى مدينة قم الإيرانية حاملين الفيروس إلى دول الخليج. ولا يعلم أحد حتى الآن على وجه الدقة، الأوضاع الحقيقية لخريطة انتشار المرض. طبقا لما هو معلن، فالأوضاع في مصر مطمئنة. حالة من القلق انتابت البعض فقط حين علموا أن «مصر للطيران» قررت تسيير رحلة أسبوعية إلى الصين (أعلن عن القرار يوم 20 فبراير/شباط)، وهو القرار الذي أثار غضب واستغراب العديدين، كما بان على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الشركة تراجعت عن القرار في اللحظة الأخيرة، بسبب انخفاض حجم الحركة. وظني أننا بحاجة إلى قدر أعلى من التركيز والحذر في التعامل مع «كورونا». فكل المشاهدات تقول إنه في الطريق إلى التحول إلى جائحة – وباء- عالمية. فقد صرح مسؤولون في منظمة الصحة العالمية بأن هذا الاحتمال أصبح واردا بنسبة كبيرة. وليس هناك خلاف على أن الأخبار الأخيرة تدلل على ذلك. وثمة أخبار أخطر متداولة الآن عن ظهور حالات للإصابة بالفيروس في بعض بؤر الصراع في عالمنا العربي، مثل سوريا، ما ينذر بانتشار أكبر له، لأن هذه البؤر خارج أي إجراءات للحظر أو للمحاصرة، الأمر الذي يمكن أن تكون له نتائج خطيرة على المنطقة، وعلى العالم برمته. في ضوء ذلك، على المسؤولين عن الصحة في مصر التخلي عن طرقهم التقليدية في الإدارة، وأن يتفهموا أننا أمام وضع أزمة يستوجب أداء مختلفا عن الأداء التقليدي، الذي اعتادوا عليه. لا بد أن تراقب وزارة الصحة ما يحدث في العالم بدقة، وأن يتفهم مسؤولوها وكذا المسؤولون بكافة مؤسسات الدولة، أن الصين لم تعد المصدر الوحيد للفيروس، فقد دخلت إيران على الخط، وكذلك العديد من دول الخليج، ولعلك تابعت القرارات التي اتخذتها بعض الدول الإسلامية بتعليق صلاة الجمعة، وقرار المملكة العربية السعودية بتعليق منح تأشيرات العمرة للدول المختلفة، ولعلك تابعت أيضا مشاهد الشوارع الخالية، والمدن التي بدت وكأنها مدن أشباح داخل بعض الدول، التي ضربها الفيروس. كل هذه الأمور لا بد أن يأخذها المسؤولون عن الصحة في الاعتبار حتى يكون أداؤهم على مستوى الحدث. التحدي خطير، والأمور تزداد سوءا يوما بعد يوم. وكل ساعة تمر تشهد إجراءات جديدة تتخذها إحدى الدول في مواجهة عملية الانتشار السريع للفيروس. وهو الانتشار الذي لا يفرق بين غني وفقير، متقدم ونامٍ، كبير أو صغير. ولعلك شاهدت ذلك المقطع الذي ظهر فيه نائب وزير الصحة الإيراني، وهو يعاني من أعراض المرض خلال مؤتمر صحافي رسمي، ما يعني أن الفيروس ديمقراطي للغاية – على حد وصف نائب وزير الصحة الإيراني- لا يفرق بين مواطن أو مسؤول. انتبهوا أيها السادة».

الضربة المؤلمة

«سوف يذكر التاريخ أن هذا الفيروس لم يفرض العزلة بين البلدان فقط، ولكن فرضها ربما بين غرف البيت الواحــــد. كورونا فعل، ما لم يتمكن منه كل أعداء العولمة حتى هذه اللحظة. يقول عماد الدين حسين في «الشروق»، شخصيا كنت مدعوا لمؤتمر في عاصمة خليجية سيعقد يوم العاشر من مارس/آذار الحالي، ولأن هذه المدينة ابتليت بالفيروس نتيجة عدوى من إيران، فقد تم تأجيل المؤتمر إلى أجل غير مسمى. ما حدث معي، تكرر مع كل الناس في كل العالم بدرجات مختلفة، وربما كنت محظوظا فهناك كثيرون في العالم لم يتمكنوا من العودة لمنازلهم، أو لأعمالهم أو السفر لإجراء عمليات جراحية، قد تنقذ حياتهم، أو العودة لمدارسهم وجامعاتهم. الفيروس عطل حركة التجارة العالمية إلى حد كبير والتقديرات المبدئية، أن الأسهم العالمية خسرت 6 تريليونات دولار.. كان البعض يعتقد أن الفيروس في طريقه للانحسار، لكن فجأة صار أكثر شراسة وتوحشا، وبدأ من بؤرة في مدينة ووهان الصينية، وصارت هناك بؤرة جديدة في مدينة قم الإيرانية ذات الرمزية الدينية للإخوة الشيعة. ومنها انتشرت العدوى بسرعة إلى البحرين والكويت والإمارات ولبنان والعراق.. وكان لافتا للنظر الانتشار السريع للفيروس في إيران، الذي أدى لوفاة السفير الإيراني السابق في القاهرة سيد هادي خسرو شاهي، وإصابة نائبة الرئيس معصومة ابتكار، ونائب من نواب البرلمان الإيراني، ومساعد وزير الصحة، ورئيس لجنة الأمن القومي، بل وتعطيل صلاة الجمعة في بعض المناطق. السياحة العالمية تكاد تكون متوقفة. وكل شخص بدأ يعيد النظر في خططه للسفر وللسياحة أو حتى للعمل، خوفا من أن تنتقل إليه العدوى، بل أن هناك فوبيا اسمها «الجنس الأصفر»، وكأن كل أصفر هو صيني، وكأن كل صيني مصاب بالفيروس، رغم أن ذلك غير صحيح طبعا. الفوبيا وصلت لأهم تسلية عالمية وهي مباريات كرة القدم، خصوصا في إيطاليا، التي اضطرت لتأجيل العديد من المباريات، بعد تفشي الفيروس، ووفاة أكثر من 16 شخصا. كذلك تمت إقامة مباراة من دون جمهور بين إنتر ميلان ولودوجريتس في الدوري الأوروبي. ورئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانيتو قال إن المباريات الدولية في خطر خلال مارس/آذار. واليابان تخشى أن تتعرض الأوليمبياد المزمع إقامتها العام المقبل للتأجيل والإلغاء. وتم تأجيل مباريات في الدوري السعودي، والمملكة منعت دخول مواطني مجلس التعاون لمكة والمدينة، وقيدت شعيرة العمرة في الحرم المكي. واليابان أوقفت الدراسة في بعض المناطق، كذلك فعلت العديد من الدول ومنها الكويت، لبنان. المؤتمرات والمعارض الدبلوماسية والتجارية تعرضت لضربة مؤلمة، خوفا من الفيروس، خصوصا في جنوب شرق آسيا ومنطقة الخليج.. لقد صار العالم أسيرا بكل ما تعنيه الكلمة لهذا الفيروس الذي يعد أخطر من أي سلاح فتاك، بما فيها الأسلحة النووية. لقد وقعنا في الفخ. وكل الأمل أن يتمكن العالم من السيطرة على هذا الفيروس، حتى لا تعود البشرية قرونا إلى الوراء».

مصر وجذب السياح

وإلى «المساء» وتساؤل الكاتب جمال بيه، إن كان من الممكن استغلال خلو مصر من الفيروس لجذب السائحين إليها قال: «الحمد لله أن الموقف عندنا جيد بفضل الاحتياطات التي تقوم بها الدولة ووزارة الصحة، وبالتالي لم يجد هذا الفيروس مكانا في مصر، فهل نستطيع استغلال الفرصة، وأن نجذب المزيد من السياح إلى بلادنا؟ الحقيقة أن الإجابة عن هذا السؤال الذي يطرحه البعض ليست بهذه البساطة المطلقة، وإنما يحتاج إلى دراسة مستفيضة، وعلى أوسع نطاق من المسؤولين عن الصحة والوقاية، وأيضا السياحة والآثار والطيران، لترتيب الأوضاع بالشكل الذي يضمن الأمان لبلادنا من أي اخطار، أو خسائر لا قدر الله».

لحظة الخروج من الكهوف

ومن أبرز ما نشر عن مبارك وعن فيروس كورونا إلى أبرز ما نشر عن الدكتور مجدي يعقوب، ردا على الهجوم الذي شنه ضده الداعية عبد الله رشدي، فقال عنه في مجلة «روز اليوسف» أسامة سلامة: «لم يكن ما قاله عبد الله رشدي في حق الدكتور مجدي يعقوب مفاجأة، والمتابع له ولغيره من التيار ذاته، يعرف آراءه جيدا ويدرك أنه وأتباعه وقادته، ومن والاهم يكفرون المسيحيين، وأنهم ينتظرون أي مناسبة، ليعلنوا عن أفكارهم المسمومة المغلفة برداء الدين، والإسلام منها براء، ولأن وسائل الإعلام تنشر أخبارهم وكلامهم، كما تنشر الرد على آرائهم القبيحة، فإنهم دوما يتربصون بالمناسبات المسيحية، أو التي بطلها مسيحي، ليظهروا إلى النور، ويخرجوا من كهوفهم، في هذه المرة انتهز رشدي فرصة تكريم الدكتور مجدي يعقوب في الإمارات، وقال كلاما يكفره فيه، ورغم انه لم يذكره بالاسم وكأنه يستعمل مبدأ التقية، ربما لأنه يعرف أنه سيسأل عن كلامه، إلا أن ما صرح به يفهم منه، وبدون أدنى احتمال آخر أن المقصود به هو الطبيب العالمي».

تدني الثقافة الفنية

أثيرت ضجة إعلامية وجماهيرية شديدة خلال الأيام الماضية حول ظهور من يطلق عليهم «نجوم المهرجانات»، تابعها محمد مطش في «الوفد» انطلاقا من الفضول للتعرف على ما يدور حول الأغاني المطروحة وأداء المطربين، ومعاني الكلمات المستخدمة، والألحان. تم توجيه اللوم نحو ظهور هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا، وانتقد بشدة كل من شارك في هذه النوعية من الأعمال الهزيلة التي لا ترتقي أن تُستخدم في مجتمعنا. ومن هذا المنطلق؛ يقول الكاتب قررت أن أكتب حول هذه الظاهرة ولكن من منظور مختلف، وهو منظور المستمع؛ فإنه حتما علينا أن نقف وقفة جماعية لكبح جماح هذه الظاهرة، من خلال تفعيل دور وزارة التربية والتعليم والدور الثقافي الذي تلعبه المؤسسات المعنية بتنوير الفكر واستنارة العقول والأذهان، ولابد من القائمين على العملية التعليمية إيجاد صيغة تربوية جديدة لبث أفكار مستنيرة تضيء الروح والعقل، بما يتماشى مع روح العصر ومتطلبات الألفية الجديدة. كما يجب أن يضاف إلى المواد المقررة على الطلاب في مراحل مبكرة من التعليم مادة التربية الثقافية والتذوق، التي تعلم الأجيال معنى الثقافة، وأهمية التنوير والتركيز الدائم على مفاهيم الجمع بين الأصالة والمعاصرة. كما يقع على عاتق المؤسسات الثقافية في مصر دور كبير. فإلى جانب الحفلات الموسيقية التي تنظمها بعض المؤسسات الثقافية والعروض الفنية المتعددة، سواء كانت أعمالا مسرحية أو عرض أعمال تشكيلية، التي يجب أن لا تخلو من الفكر والمضمون، لابد أيضا من عقد ورش تثقيفية وندوات متخصصة لإبراز أهمية ودور الثقافة والفن في تشكيل الذوق العام ومخاطبة العقل والفكر والوجدان، فتشكيل العقول منذ الصغر ومدها بالمحتوى الفكري المهذب الراقي يجعل المتلقي محافظا على مدار العمر بالتمسك بهذه المعاني والمعايير ويخشى مخالفة قواعد وأصول المجتمع.. يعتقد الكاتب، أن مصر الولادة التي انجبت رموزا تنحني لها القامات وترفع لها القباب، وتهتز لها الأجساد سواء في الفن أو الرياضة أو الثقافة أو العلم تظهر علينا الآن ظواهر سيئة لا تليق باسم وتاريخ وحضارة مصر، فبعد السيدة العظيمة كوكب الشرق أم كلثوم والفرقة المصاحبة لها من ملحنين وشعراء وموسيقيين، وبعد رموز الفن والفكر والثقافة العمالقة أمثال عبد الحليم حافظ، ومحمد عبد الوهاب، وبليغ حمدي، ومحمد فوزي، وفي الثقافة والأدب أمثال نجيب محفوظ، ويحيى حقي، وأنيس منصور، وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم، وطه حسين، وغيرهم. فالأمر الكارثي أن نصل إلى هذا التدني من ظواهر فنية وثقافية لا تجيد فن الغناء ولا الخطابة، بل تقوم بتقديم سموم فكرية ومعنوية شاذة ومتطرفة تنفر منه العقول والأرواح».

الرابط الاصلي للخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي



from WordPress https://ift.tt/2TfA06F
via IFTTT

0 تعليق على موضوع "ثورة يناير باقية رغم محاولات إجهاضها والسلطة حوَّلت وفاة مبارك إلى «كرنفال»"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel