
إلى مشرّع الأبرتهايد لإسرائيل: العالم ليس ترامب وجونسون.. والفلسطينيون سيضحون من أجل وطنهم

منذ 9 ساعات
غادي تاوب يحاول أن يفسر في مقال له في “هآرتس” في 6/2 أن دولة أبرتهايد اختيارية في إسرائيل ليست خطيئة. افتراضه الأساسي هو أن العالم يتحرك من اتجاه الديمقراطية العالمية إلى اتجاه الديكتاتورية الوطنية. ولو لخص تاوب مقاله لأمكنه أن يكتب أنا أتحفظ من الأبرتهايد، لكن الآن لا توجد له معارضة شاملة. ومن الآن لن تكون هناك مقاطعات أو نبذ، العالم الآن هو ترامب وجونسون وأوربان، وليس ميركل وماكرون وسانش. العالم لا يمكنه احتواء مثل هذا الأبرتهايد. وإسرائيل كذلك أيضاً، فدولة تريد الحياة ستفضل مواصلة الاحتلال حيث يقف أمامها خطر انتحار جماعي.
افتراضات تاوب الأساسية غير ثابتة لأنها مبنية على أساسين: الأول هو أن العالم يسير باتجاه القومية الزائدة، والدول تحذر من اتخاذ مواقف قيمية ملزمة؛ الثاني هو أن أمامنا ماكينة قتل فلسطينية وكل موقف منها لن يغير اتجاه الأمور. هذان الافتراضان مشكوك فيهما. التقدم التكنولوجي والاتصالات بين الأفراد والتغيرات الإقليمية التي تقتضي التعاون بين الدول والاقتصاد العالمي الذي يخدم العولمة، كل ذلك يخدم الدولة القومية.
صعود الليبرالية الديمقراطية نبع من مشاهد الحرب العالمية الثانية. وعالم الأمس المقرف أخلى مكانه لرؤيا شاملة ومتنورة. والعالم الذي أيد السوفييت تفكك حين جهل كيفية التعامل مع الديمقراطية والليبرالية ومع الوفرة التي جاءت بعدها. نحن نشهد ثورة مضادة، فالليبرالية العالمية أصبحت متسامحة أكثر، لذلك فان الكنيسة المسيحية التي شاهدت أن قيمها تسحق فتحت الحرب عن طريق القنوات السياسية الخاضعة لها. أنظمة حكم أوتوقراطية مثل نظام بوتين تحارب المثليين وتجعل حياة الملايين من مواطنيها بائسة.
لكن هذه هي صورة الواقع، وليس المستقبل أو المستقبل القريب. ومستقبل الولايات المتحدة ليس في ترامب الذي “ترك بصمته” على الأيام القادمة. الأسوار التي يحاول ترامب إقامتها لن تغير مسار العولمة، حيث لا يوجد أي سور يمكنه وقفها. وقد تمر أوروبا أيضاً بثورة مضادة، فالشباب هناك يتساوق مع عالم العولمة التكنولوجية والمناخية والاقتصادية. لذلك، فان رؤية العولمة ستنتصر في النهاية.
بالنسبة للفلسطينيين، يجب أن نعرف بأن الأمر يتعلق بشعب آخذ في التبلور، وقد أصبحت له نخبة ثقافية وتكنولوجية، ويتوقع أن تبتعد هي أيضاً عن نمط الماضي، والتقدم نحو بناء قاعدة للحوار. في عالم اليوم، يستعد الشباب الفلسطينيون للتضحية بحياتهم من أجل الشعب الفلسطيني. والشباب الإسرائيليون؟ من الأفضل أن ينظر تاوب إلى تصريحات الجيش الإسرائيلي عن الهبوط في مستوى الدافعية التي تحولت من مهمة قومية مقدسة إلى عبء يثقل الجمهور الواسع.
حسب عالم تاوب يمكّن سلب حق الانتخاب من عرب إسرائيل، بعد الإعلان عن الدولة كدولة قومية. فلماذا يمكن إعطاء حق الانتخاب لمن لا يتماهون مع الدولة القومية اليهودية؟ إلا أن عرب إسرائيل لديهم دافعية كبيرة لتجسيد حقهم في الانتخاب، وحتى إمكانية تشكيل ائتلاف مستقبلي معهم أصبحت لا تهز العتبة.
لا أعتقد أن تاوب مخطئ في جميع افتراضاته، لكنني على قناعة بأن محاولته المراهنة على عالم مستقبلي يعمل على تشريع الأبرتهايد، هو مخطئ في رؤية سير الأمور. فالأمر معاكس تماماً.
بقلم: عوزي برعام
هآرتس 10/2/2020
شاهد أيضا
from WordPress https://ift.tt/2HeFYxH
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "إلى مشرّع الأبرتهايد لإسرائيل: العالم ليس ترامب وجونسون.. والفلسطينيون سيضحون من أجل وطنهم "
إرسال تعليق