
الخندق

من الصعب التقليل من أهمية الإنجاز الاستخباري الذي تحقق في كشف أنفاق حزب الله. فإذا كان الجيش الإسرائيلي قد نجح بالفعل ـ مثلما أعلن رئيس الأركان ـ في وضع يده على خطة أنفاق حزب الله، فإن الحديث يدور عن نجاح دراماتيكي. ولكن كل ما جاء في أعقابه يرفع إلى السطح أسئلة عن أنماط التفكير والسلوك لدى الجيش: فهل الجمود والرغبة في الامتناع عن التصعيد بكل ثمن حلا محل الإبداعية والهجومية؟
قبل بضعة أشهر، اكتشف الجيش الإسرائيلي حجم خطة الأنفاق لدى حزب الله، وكانت المعطيات مقلقة. ومع أن معظم الأنفاق لم تكن جاهزة بعد للاستخدام، فقد كان واضحاً أنه يجب إزالة هذا التهديد، وليس بعد وقت طويل. كان واضحاً أيضاً أن لدى إسرائيل دليلاً دامغاً على خرق فظ لسيادتها ولقرار 1701.
يمكن التفكير في سبل إبداعية كثيرة لمعالجة الأنفاق بطريقة سرية وبأحابيل تبلبل حزب الله ولا تسمح لهم بأن يفهموا بأي قدر تعرف إسرائيل عن المشروع. من تفخيخ الفوهات في الجانب اللبناني وحتى تهديد «هادئ» على لبنان بأنه إذا لم ينشر جيشه في فتحات الأنفاق ـ فستدمرها إسرائيل بقوة، ستلحق ضرراً في الطرف الآخر أيضاً. بدلاً من ذلك، اختار الجيش الإسرائيلي العمل بطريقة نموذجية وصاخبة للغاية. فمع إرسال آليات التنقيب على الحدود الشمالية، أعلن الجيش الإسرائيلي عن «حملة» ومنحها اسماً ما كان ليخجل الحملة لتحرير الجليل في حرب الاستقلال. في هذه «الحملة» تشارك عدة آليات تنقيب وجرافات وإلى جانب كل واحدة منها يرابط هناك ناطق عسكري. فالفكرة، كما شرحوا في الجيش الإسرائيلي، هي استخدام الكشف في حملة وعي على الجانب اللبناني، ولكن يبدو أن الجمهور المستهدف الحقيقي للإعلام في حملة درع الشمال هو الجمهور الإسرائيلي.
كشف أنفاق حزب الله إنجاز أمني
رئيس الأركان غادي آيزنكوت، الذي اختار في كل أثناء حياته المهنية خط التواضع، انضم هو الآخر إلى الإعلام الصاخب. فقد أعلن يوم الثلاثاء قائلاً: «نحن نمسك بخطة الأنفاق الهجومية لحزب الله»، فبعث بذلك حزب الله لأن يكتشف من أين تسربت المعلومات. ليس هذا فقط، بل إن حزب الله يفهم الآن بأن الجيش الإسرائيلي سيعمل على كشف الأنفاق الواحد تلو الآخر، ولديه الوقت لأن يعد المفاجآت للقوات التي ستكشف عن الأنفاق التالية.
معقول الافتراض بأنهم محقون، وأن حزب الله كان سيرد على توغل إلى الأراضي اللبنانية، رغم أنه مشكوك في أنه سيخاطر في رد يؤدي إلى حرب. ولكن المقلق في هذا الجواب هو المزاج الذي سيطر على القادة في الجيش الإسرائيلي: الامتناع عن التصعيد بكل ثمن. مثلما في غزة، وكذا في الشمال، تطورت في الجيش الإسرائيلي رؤية ثنائية من إما كل شيء أو لا شيء ـ كل عمل كفيل بأن يؤدي إلى حرب، وبالتالي من الأفضل عدم العمل. ودوماً هناك متدرجات وسطى. ونعم، توجد فيها مخاطرة، ولكن الجيش القتالي يفترض به أن يدفع نحو العمل، وأن يرد على عدوان العدو ويُبقي حسابات المخاطرة للقيادة المقررة من فوقه.
الون بن دافيد
شاهد أيضا
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2G6kmpK
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "الخندق"
إرسال تعليق