
خليط استراتيجي

إن مسؤولية حكومة لبنان عن الأعمال الهجومية ضد دولة إسرائيل والتي تتم في أراضيها، هي مسألة مركزية ومحتمة. فقد برزت المسألة في صيف 2006 لتكون في مركز الخلاف بين رئيس الأركان دان حلوتس ورئيس وزراء إسرائيل ايهود أولمرت في إدارة حرب لبنان الثانية.
في اعتبار دولة لبنان كمسؤولة عن الأعمال الهجومية لحزب الله، والتي تتم من أراضيها، طالب رئيس الأركان حلوتس بمهاجمة البنى التحتية الوطنية لدولة لبنان. أما رئيس الوزراء أولمرت فمنع هذا الهجوم، وذلك ضمن أمور أخرى نتيجة للضغط الذي مارسه عليه قادة دول الاتحاد الأوروبي. لقد عبر انتهاء هذه الحرب بقرار الأمم المتحدة 1701 عن توقع لإعادة سيادة حكومة لبنان على ما يجري على الحدود الإسرائيلية. ولهذا الغرض، فقد فُرضت في قرار الأمم المتحدة قيود على نشاط حزب الله في جنوب لبنان، ودعي الجيش اللبناني لأن ينتشر في المنطقة من جديد.
ولم يتحقق هذا التوقع إلا ظاهراً، فما نشأ منذ نهاية الحرب لا يبين فقط أن حزب الله تعاظم من كل النواحي وفي كل الأراضي اللبنانية بل إن الجيش اللبناني أصبح بقدر كبير شريكاً في مساعي التنظيم والتعاظم لحزب الله.
من هو مسؤول عن تمثيل الخلاف على مسار خط الحدود اللبنانية بين إسرائيل ولبنان ـ رغم قرار الأمم المتحدة في الموضوع من خلال قرار 425، الذي اتخذ قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان ـ هو الجيش اللبناني، وهو الذي يهدد إسرائيل بالمساعي لمنع إقامة الجدار الجديد على الحدود اللبنانية.
شاهد أيضا
إسرائيل مطالبة بالإعلان عن مفهوم حربي جديد ضد لبنان
أما مقاتلو حزب الله من الجهة الأخرى، فهم الذين قادوا الجهود القتالية في سوريا في مساعدة حكم الأسد كتمثيل للمصلحة اللبنانية. درجة عالية من التعاون العملياتي بين حزب الله والجيش اللبناني وجدت تعبيرها في قتال مشترك كتفاً بكتف ضد قوات داعش في جبال قلمون على الحدود السورية ـ اللبنانية.
في هذه الظروف لا يمكن استبعاد إمكانية أن من شأن قوات الجيش اللبناني في حرب بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله أن تتخذ دوراً نشطاً في مساعدة حزب الله في الجهود لصد هجوم الجيش الإسرائيلي في عمق لبنان. في هذه الأثناء، في السنوات الأخيرة، يحظى جيش لبنان بدعم أمريكي بالسلام وبالتوجيه المهني.
دولة لبنان، كمخلوق مميز، تلخص بذلك الفضائل الكامنة في قدرتها على السلوك الذكي وشق الطريق بين قطبين متعارضين: بين الصلة بالدول الغربية، ولا سيما فرنسا والولايات المتحدة، في تعاون عسكري واقتصادي سعياً إلى الاستقرار، وبين الصلة الوثيقة بإيران وسوريا من خلال منظمة حزب الله ـ التي تجسد ميل الصراع والتآمر. وهنا يكمن بقدر كبير سر نجاح لبنان في الحفاظ على وجوده كجزيرة استقرار في الهزة الشرق أوسطية في العقد الأخير.
في نمط السلوك هذا، حققت دولة لبنان حصانة من تشخيصها في الساحة الدولية كشريك لنشاط حزب الله. وفي ضوء التعاظم المتصاعد لقوة حزب الله، وفي انتشاره الهجومي والدفاعي ضد إسرائيل في كل الأراضي اللبنانية، وبحجم لم يشهد له مثيل حتى الآن، فإن دولة إسرائيل مطالبة بالإعلان عن مفهوم حربي جديد ضد لبنان.
صحيح ما فعله رئيس الوزراء نتنياهو بإعلانه المسؤولية السيادية للبنان عما يجري في أراضيها ضد إسرائيل، لكن هذا هذا لا يكفي، فعلى حكومة إسرائيل أن تقود جهداً سياسياً لإيضاح جملة المعاني النابعة من ذلك على لبنان في نتائج الحرب التالية إذا ما نشبت بين إسرائيل وحزب الله.
غيرشون هكوهن
إسرائيل اليوم 7/12/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2GfDHVg
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "خليط استراتيجي"
إرسال تعليق