-->
حزب الله خطط لضربة استباقية

حزب الله خطط لضربة استباقية

النفق الأول الذي اكتشفه الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان غير موجود داخل منطقة المطلة تماماً، كما كان يمكن الفهم بالخطأ مما جاء في عدد من التقارير الصحافية يوم الثلاثاء، بل هي على بعد مئات الأمتار جنوب غرب الموشاف. بعد سفر قصير في جيب عسكري في بساتين التفاح في المطلة نصل إلى حقل كبير قرب السور الواقي على طول قاطع الحدود التي تشرف على الموشاف. هناك تحفر بصورة حثيثة جرافات وحفارات مختلفة، حيث عشرات الضباط والجنود المنشغلون حولها.
في موقع محصن يجلس جندي ويقوم بتشغيل كاميرا توثق ما يجري تحته داخل النفق. هذا هو الجهاز الذي بواسطته تم تشغيل صاعق عندما حاول رجال حزب الله تفكيك الكاميرا تحت الأرض ـ ووفر الصورة الهزلية لهذا الأسبوع، حيث ظهر نشيطان من حزب الله وهما يهربان في الفيلم القصير الذي سمح الجيش الإسرائيلي بنشره.
حظر التصوير على المراسلين الإسرائيليين الذين أدخلوا أمس إلى الحقل الذي يعتبر الآن منطقة عسكرية مغلقة. قيود كهذه لا تسري على طواقم التلفاز التي تجمعت في الجانب اللبناني من الحدود. هؤلاء انتشروا على الجبل المطل على الحقل ووثقوا بصورة دقيقة ما يجري في الجانب الإسرائيلي. القيادة اللبنانية تحاول بالفعل التقليل من أهمية اكتشاف الأنفاق ـ رئيس البرلمان اللبناني من حركة أمل، نبيه بري، قال أمس إن إسرائيل مسموح لها الحفر كما تشاء طالما أن الأمر يجري في أراضيها ـ لكنه يبدو أنهم في جنوب لبنان أصبحوا يدركون أن تطوراً جوهرياً قد حدث.

جولة قصيرة في موقع اكتشاف النفق الأول مع غطاء الجيش الإسرائيلي من قيادة المنطقة الشمالية تمكننا من أن نفهم أكثر خطة العمل المقدرة لحزب الله.
حسب التقديرات الاستخبارية، لم يكن هناك موعد محدد خطط فيه حزب الله لشن حرب مع إسرائيل. كان ذلك إعداداً لعملية مستقبلية محتملة، وكانت الأنفاق ستستخدم فيها كجزء من الضربة الاستباقية، حسب النظرية القتالية التي تستخدمها حماس في القطاع.
في حزيران/يونيو 2014، في مقال نشر في المجلة العسكرية «معرخوت»، طرح ضابط من قسم الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي التغييرات في خطة عمل حزب الله. وعندما بدأ سكرتير عام الحزب بالتهديد بـ «احتلال الجليل»، لم تكن تلك مجرد كلمات فارغة. حزب الله ومشغلوه الإيرانيون يدركون أنه ليس بوسعهم هزيمة الجيش الإسرائيلي أو طرده من مناطق واسعة في الجليل.

القيادة اللبنانية تقلل من أهمية اكتشاف الأنفاق

الهدف هو شيء آخر: إيقاع ضربة مفاجئة في بداية المعركة، التي في إطارها تقتحم قوات كوماندو الحدود وتسيطر على بلدات أو مواقع عسكرية معزولة لفترة زمنية محدودة، وفي المقابل يقومون بضرب قوات التعزيز التي سيرسلها الجيش الإسرائيلي إلى المكان. تطورت الخطة منذ ذلك الحين على خلفية دروس عملية «الجرف الصامد» في القطاع، وفي الأساس المحاولة القتالية التي راكمها للمرة الأولى مقاتلو حزب الله في عمليات هجومية معقدة نسبياً في الحرب الأهلية السورية. في حزب الله ادركوا أنه خلافاً لحرب لبنان الثانية، لم تعد حاجة للاكتفاء فقط بالتمركز الدفاعي، الذي يصعب على تقدم قوات الجيش الإسرائيلي إلى عمق منطقة حزب الله.
الأنفاق تمكن فصائل من وحدات النخبة لحزب الله، قوة الرضوان، من التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية بدون أن يتم اكتشافها أثناء التسلل. النفق الذي كشف عنه قرب المطلة أقل عمقاً وأقل طولاً من الأنفاق المعروفة للجيش الإسرائيلي في الجنوب. ولكن من خلالها أيضاً يمكن نقل عشرات المقاتلين إلى منطقة العدو في فترة قصيرة. قوة كهذه كان يجب أن تنتشر جنوب الحدود وأن تحتل مواقع رئيسية وتشوش على نشاطات الجيش الإسرائيلي بواسطة القنص وكمائن لصواريخ مضادة للدبابات.
وفور عبور القوات في الأنفاق، وعندما يكون الهجوم قد اكتشف، ستأتي قوات أكبر وتقوم باختراق الجدار. المطلة هي هدف مرغوب فيه بالنسبة لحزب الله، لأنه يؤدي إليها شارع واحد فقط بطريق متعرجة نسبياً. يبدو أنه بموازاة ذلك كان يجب أن تقوم فصائل أخرى بالتسلل في أنفاق أخرى وأن تنشر خلايا ثانوية في نقاط استراتيجية على طول التلال في الأراضي الإسرائيلية بهدف منع الجيش من ضخ قوات نحو الشمال.
قيادة المنطقة الشمالية والاستخبارات العسكرية ووحدة يهلام التابعة لسلاح الهندسة مستعدة لتنفيذ عملية يمكن أن تستمر لأسابيع وربما لأشهر من أجل اكتشاف الأنفاق الأخرى. الجيش والمستوى السياسي يظهران على الأقل في هذه الأثناء ثقة كاملة بجودة الاستخبارات الموجودة لديهم حول تهديد الأنفاق. الانطباع هو أن التمشيط يتركز في مناطق معينة يمكن فيها الوصول إلى العثور على أنفاق أخرى. في الجيش الإسرائيلي لا يتأثرون من الانتقاد الذي يقول إنه كان يمكن القيام بعملية هجومية ورادعة أكثر ضد الأنفاق. الهدف هو إزالة التهديد، ولكن أيضاً احتواء الوضع على طول الحدود، منع التدهور نحو مواجهة مع حزب الله. يمكن الافتراض أن حزب الله كان سيرد بقوة على اجتياز الجدار من أجل عملية في الجانب الآخر للحدود. عملية كهذه كان يمكنها أن تتطور لعدة أيام قتال مع حزب الله، إن لم تكن حرباً شاملة في الشمال.
حسب رأي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان آيزنكوت، فإن العملية كانت ضرورية في التوقيت الحالي. الشروط العملياتية والتكنولوجية للعثور على الأنفاق نضجت في الأشهر الأخيرة. في المقابل كان هناك تقدير بأنه عند الحاجة فمن شأن حزب الله أن يعد الأنفاق للعملية خلال بضعة أسابيع.
في الأسابيع المقبلة تنوي إسرائيل استغلال كشف الأنفاق لأغراض سياسية، كما فعلت بالنسبة لأنفاق حماس. نتنياهو سيحول الموقع قرب المطلة إلى «نفق مثالي» وسيستدعي إليه دبلوماسيين من أرجاء العالم من أجل التدليل على نوايا حزب الله العدوانية. كشف الأنفاق هو مرحلة في الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد حزب الله. حسب كل الدلائل، جميع الأطراف المشاركة تنوي مواصلة التصادم أيضاً في السنة المقبلة.

عاموس هرئيل

هآرتس 6/12/2018

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا

Essa



from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2G2cgOE
via IFTTT

0 تعليق على موضوع "حزب الله خطط لضربة استباقية"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel