
سيول الأردن: «الجاهزية» قيد الشكوك و«المواطن المراسل» يتكرَّس في روايات «مناكفة» وأحياناً «مفبركة»

عمان- «القدس العربي»: وصل فيضان السيول الأردني إلى نهايته تقريباً مع صباح الأحد، لكنه وضع بصمته مجدداً على شكل سؤال سياسي وشعبي حول مبدأ «الجاهزية» بعد التهام 12 ضحية غرقاً وبقاء أجهزة الدفاع المدني في حالة بحث عن طفلة واحدة مفقودة في مدينة مادبا جنوب العاصمة عمان.
عندما يتعلق الأمر بسؤال الجاهزية يمكن ببساطة ملاحظة: أولاً، «سوء الحظ» العاثر الذي يرافق رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بعد حادثتين بسبب السيول الجارفة. وثانياً، استعارته العلمية التي حضرت في وقت متأخر سياسياً وهو يتحدث عن فيضان مطري ناتج عن «التغيرات المناخية»، وهي الإشارة التي لم تستعمل في حادثة البحر الميت قبل أقل من شهر عندما غرق 21 أردنياً.
في كل حال، وخلافاً للمألوف، تحتفظ ذاكرة الأردنيين اليوم- وفي العصر الحديث وبعد الاسترسال البيروقراطي في الحديث عن الجاهزية والمجالس العليا- بأسوأ حوادث السيول التي نتجت بكل حال عن ضعف ثقافة التجاوب الشعبية مع تحذيرات المؤسسات المعنية بالقدر نفسه الذي نتجت فيه عن «ضعف الجاهزية».
في السيول الأخيرة ظهر أن ثمة خطة، على الأقل والأهم جلس الفرقاء في مركز الأزمات وفي اجتماع طارئ وتم التعامل مع الحيثيات وإنقاذ وإغاثة آلاف الأشخاص بالرغم من احتمالية وجود ضحايا بين الطمم.
شاهد أيضا
الرزاز «سيئ الحظ»… إخفاق في برنامج «الإنذار المبكر»
وفي الأثناء، أظهر كادر الدفاع المدني قدرات كبيرة على التصرف وبإمكانيات مادية ولوجستية محدودة قبل أن تهتز الثقة مجدداً بالكوادر العاملة في مجال الرصد الجوي وقدرات التوقع لحالة الطقس، الأمر الذي سيعيد الأردنيين لقراءة النشرة الجوية من مصادر خارجية لاحقاً.
مجدداً، تكرس مفهوم المواطن المراسل؛ فالرسائل في التغطية الإعلامية وعلى حواف مسيرة السيل الجارف كانت تصدر عن الأهالي وفي المواقع البعيدة التي لا يستطيع الإعلام التقليدي الوصول إليها.
تلك واقعة أرهقت «الرواية الحكومية» أيضاً وفي عدة مراحل، حيث أظهر المواطنون ميلاً شديداً لمناكفة أي رواية للناطق الرسمي بالصوت والصورة مع ما يتلازم طبعاً من فبركات ومزاعم وإصرار على أن عمليات الإنقاذ قام بها الأهالي وليس الأجهزة الرسمية، وبصيغة تؤكد القناعة بأن المزاج الشعبي يحتفظ أصلاً بميله – حتى خلال الكوارث – للرواية السلبية المضادة للسلطات الرسمية.
وقد ظهرت جرعة المناكفة هنا على أكثر من صعيد انتقائي وبلغة ساخرة من الحكومة، خصوصاً عندما أعلنت إجلاء وترحيل السياح، ونشرت صوراً لشاحنات صغيرة لمواطنين تنقل السياح الأجانب تنديداً بالرواية الرسمية.
ورغم ظهور روح مقاتلة وفدائية في بعض المناطق من أهل الجنوب الذين تقاسموا الإغاثة وتفاعلوا مع الحدث بروح جماعية، خصوصاً في حماية الأجانب واستضافة من تقطعت بهم السبل، إلا أن سلوكيات سلبية أيضاً بالجملة ظهرت من مواطنين ساهمت في إعاقة رجال الأمن المحليين الذين كان السيل الجارف يزور مناطق عملهم ويضطرون للمواجهة بوسائل بدائية وقبل وصول المساعدة.
هنا حصرياً، حرص بعض المواطنين في ظاهرة تحتاج إلى قراءة أعمق على «فبركة» بعض المشاهد لإثبات أن النجدة لم تحضر من السلطة وأجهزتها وأنهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم.
, Huda ,
The post سيول الأردن: «الجاهزية» قيد الشكوك و«المواطن المراسل» يتكرَّس في روايات «مناكفة» وأحياناً «مفبركة» appeared first on بتوقيت بيروت.
from بانوراما – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2ODGMgT
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "سيول الأردن: «الجاهزية» قيد الشكوك و«المواطن المراسل» يتكرَّس في روايات «مناكفة» وأحياناً «مفبركة»"
إرسال تعليق