
ذا اتلانتك: بعد نهاية فترة “أبو الدبلوماسية” هل هناك مجال للدبلوماسية في سوريا؟

لندن – “القدس العربي”:
هل تحتاج سوريا إلى مبعوث أممي جديد بعد إنهاء عمل المبعوث الحالي ستيفان دي ميستور؟.
ففي آخر تقرير قدمه لمجلس الأمن هذا الشهر تحدث وكأن هناك تحولات مهمة تجري على الملف السوري. وأشار للقاء إسطنبول وقمة أستانة والقمة المقبلة في مجموعة العشرين نهاية الشهر الحالي في العاصمة الأرجنتينية، بيونس أيرس. وتحدث دي ميستورا قائلا إن العمل الجاري “ملح” وستكون الأسابيع المقبلة مهمة.
ديفيد كينر في مجلة “ذا أتلانتك” : خارج التقارير واللقاءات في مجلس الأمن فلا توقعات جديدة عن الحرب السورية. فقد استطاع رئيس النظام السوري بشار الأسد، بدعم من الروس والإيرانيين إخضاع معظم البلاد بالقوة الغاشمة. وشردت الحرب نصف سكان سوريا.
ويعتقد ديفيد كينر في مجلة “ذا أتلانتك” أنه خارج التقارير واللقاءات في مجلس الأمن فلا توقعات جديدة عن الحرب السورية. فقد استطاع رئيس النظام السوري بشار الأسد، بدعم من الروس والإيرانيين إخضاع معظم البلاد بالقوة الغاشمة. وشردت الحرب نصف سكان سوريا.
ووصل العنف ذروته بدرجة لم تعد الأمم المتحدة تحصي عدد القتلى. ولا يوجد أي منظور لخطة سلام لدي ميستورا فلن يتخلى الأسد عما استطاع تحقيقه بثمن باهظ في ساحة المعركة والجلوس على طاولة المفاوضات.
ويرى كينر أن فترة الدبلوماسي السويدي-الإيطالي هي رمز لكفاح المجتمع الدولي كي يمسك بتلابيب الحرب السورية. وتقدم فترته صورة عن الطريقة التي أدت لمعاندة الحرب السورية أي حل دبلوماسي. وأصبحت نقطة نقاش بين المحللين حول دور صناع السلام والدبلوماسيين في أسوأ أزمة عالمية.
ويقول إن دي ميستورا كان “دبلوماسي الدبلوماسية” أو “أبو الدبلوماسية”، فهو معروف ببدلته الأنيقة ونظارته المميزة، يتحدث سبع لغات وعمل في الأمم المتحدة لمدة أربع عقود وتنقل من السودان إلى كوسوفو ومن العراق إلى أفغانستان. وعندما ستنتهي مهمته في شهر كانون الأول (ديسمبر) يكون قد عمل لمدة 1600 يوما. وهي المدة التي قضاها سلفيه كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي.
وعادة ما يشير المدافعون عنه إلى أنه ظل مصمما على مواصلة مهمة لا يريدها الكثيرون. وبالنسبة لناقديه فإن إرث المبعوث الدولي يلخص في أنه ظل يعمل في مهمة منفصلة عن الواقع.
ووصف معين رباني الذي عمل مسؤولا لوحدة الشؤون السياسة لدي ميستورا وغيره من المبعوثين والعاملين ممن رفضوا التعليق لكاتب التقرير هذا أن الحرب هي نسخة سورية عن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني والعملية السلمية، وهي جهود غير موجودة إلا في عقول الدبلوماسيين.
فقد انهارت كل عملية وقف إطلاق النار أشرف عليها دي ميستورا. وبدا عاجزا عن التفاوض على إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق التي حاصرتها قوات النظام. وهو متهم بقيادة دبلوماسيته الخاصة القائمة على التكهن في وقت قامت به قوات النظام بتبني سياسة أرض محروقة ضد مناطق المعارضة.
وعين دي ميستورا في مهمته صيف عام 2014 في وقت أعاد فيه الدبلوماسيون الأمريكيون والأوروبيون تقييمهم لمسار الحرب السورية: فقد أثبت نظام الأسد أنه أقوى من توقعاتهم.
وقال مختار لاماني، مدير مكتب الأخضر الإبراهيمي في دمشق أثناء عمل هذا كمبعوث في سوريا، إنه نصح الأسد في أول لقاء لهما الالتزام بالمعايير الدولية والاستقالة من أجل مصلحة البلاد. وهو ما أدى لتوتر العلاقات بينهما طوال الفترة التي عمل فيها الإبراهيمي.
وخلافا لهذا الموقف فقد حرص ديمستورا منذ البداية على بناء علاقات مع دمشق. وبحسب وائل الزيات، الموظف السابق في الخارجية الأمريكية والذي عمل لمدة مع ديمستورا “ما أراد عمله هو بناء علاقات مع الروس والنظام”. و “قام نهجه على ضرورة أن لا تكون صداميا ولا تشجب الروس أو النظام لانتهاكاتهم”. وظل ديمستورا في بياناته العامة ملتزما بالتفاؤل حول خرق دبلوماسي . وتحدث عن منعطف تاريخي للسلام عام 2016. وقال في عام 2017 إن قطار الدبلوماسية “يشحذ عجلاته”. وفي عام 2018 تعهد بأن “يضرب والحديد ساخن” ودفع المفاوضات للأمام. وواصل في الوقت نفسه تكرار شعاراته مثل أن لا حل عسكري للحرب في سوريا. ففي أيلول (سبتمبر) 2016 قال “العامل الثابت في هذا النزاع العنيف أن جانب فيه سينتصر”.
بدأت فترة دي ميستورا بمحاولات وقف إطلاق النار “تجميد” القتال في حلب حيث كانت قوات الأسد تحاول محاصرة المنطقة الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضين للنظام. ومع استمرار الحملة فقد أجبر على إعادة تعريف النجاح وانتقل من وقف إطلاق كامل في محافظة إلى وقف مدته ستة أسابيع للقصف المدفعي والجوي وأخيرا لمحاولات تجميد القتال في حي من الاحياء. وانتهى الأمر ليس من خلال خطط وقف إطلاق النار بل عبر الحل العسكري. فقد سيطرت قوات نظام الأسد والجماعات الموالية له على الجزء الشرقي من حلب في كانون الأول (ديسمبر) 2016.
ومع مرور الوقت تعلم دي ميستورا المدى الذي يتقبل فيه النظام النقد. ففي أيار (مايو) 2015 شجب قصف النظام مناطق للمعارضة بالبراميل المتفجرة والتي أدت لمقتل 70 شخصا. وردا على هذا قطع الأسد الاتصال مع الأمم المتحدة بشكل بدد الآمال لوقف إطلاق النار.
وكانت المحادثات لتجميد القتال في حلب هي المرة الأخيرة التي يلتقي فيها دي ميستورا الأسد. ففي المرات اللاحقة كان يستقبله مسؤولون من الصفوف الدنيا في النظام السوري.
ربما كان سقوط حلب مدعاة لاستقالة أي دبلوماسي لكن دي ميستورا اختار المواصلة وقرر المضي من أجل ترك الحل الدبلوماسي حيا رغم فقدان الكثيرين الثقة به. ويقول رباني:”أصبحت المهمة امتدادا لمهمة أخرى”. وسمحت مهمة دي ميستورا للدول المتورطة في سوريا أن تدعي أن هناك وجه دبلوماسي مع أنها اعتمدت على جيوشها لخلق وقائع على الأرض. وأصبحت مهمة دي ميستورا مع تفوق النظام بدعم من الروس على الهامش. ووصلت ذروتها في محادثات استانة بين تركيا وروسيا وإيران لإنشاء مناطق خفض التوتر عام 2017. ورغم دعم رعاة محادثات أستانة وإن بشكل لفظي لمسار جنيف إلا أن العملية الجديدة كانت مسارا مختلفا في حد ذاتها. ولكن المبعوث الدولي وضع ثقله وراء المسار الجديد زاعما أنه “سيعبد الطريق أمام عملية جنيف”.
لكن دي ميستورا حسب رباني كان يعطي الشرعية لمسار استانة. فبحسب رباني “من وجهة نظر رعاة استانة فقد كان دور دي ميستورا هو منح الشرعية الدولية له”. ووصف دي ميستورا في تقاريره لمجلس الأمن مناطق خفض التوتر بأنها وسيلة لتخفيف العنف. وفي الحقيقة سمحت للنظام وداعميه الفرصة لنقل القوات من هذه المناطق والتركيز على مناطق أخرى واستعادتها من المعارضة. وعندما تمت استعادة هذه المناطق عاد النظام وحلفاؤه للتركيز على مناطق خفض التوتر. كانت المهمة الأخيرة لدي ميستورا هي قيادة لجنة لكتابة مسودة للدستور حيث حاول دفع النظام والمعارضة للمشاركة في العملية. وسيظل في منصبه حتى نهاية ديسمبر من أجل التأكد من إمكانية عمل هذه اللجنة.
وقد تنجح هذه اللجنة إلا أن الهدف النهائي من كتابة الدستور وهي إجراء انتخابات حرة ونقل سياسي للسلطة يظل حلما بعيد المحال. وفي توديع النظام له وصفته صحيفة “الثورة” بالتآمر مع “الإرهابيين”. وقالت “لقد وصلت إلى العنوان الخطأ ودققت على الباب الخطأ وجئت في الوقت الخطأ”. وأدى فقدان الأمل في الجهود الدبلوماسية لدعوات تجاهل هذا الدور وان على المبعوث المقبل غير بدرسون إلغاء كل هذه الجهود.
ويقول دي ميستورا إن الشجب العام للمهمة لن يؤدي إلى حماية الأرواح ولا التخلي عنها أيضا. وقال المبعوث الهولندي السابق نيكولاس فان دام “القول بأن وقف المحادثات سيؤدي إلى إنعاشها من جديد ليس هذا هو الحل”. و “هذا لا يعني أن مهمة خليفتك ستكون أسهل منك”. ولكن الثمن في الحفاظ على المهمة الدبلوماسية هي أنها مع مرور الوقت ستكون متواطئة مع الانتهاكات. ويقول الزيات: “في نقطة ما يجب على الدبلوماسيين التحدث علنا بطريقة تجعل من يقفون في طريقهم يشعرون بعدم الارتياح”. في ذروة الهجوم على حلب قال دي ميستورا أمام مجلس الأمن “أي إشارة عن استقالتي تعني أن المجتمع الدولي قد تخلى عن سوريا”. وبعد عام فلا أحد من السوريين معارضة أو غير ذلك يعتقد أن الحل الدبلوماسي سيؤثر على مسار الحرب. ونفس الاعتقاد موجود لدى الدبلوماسيين.
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Anwar
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2Sbp2eY
0 تعليق على موضوع "ذا اتلانتك: بعد نهاية فترة “أبو الدبلوماسية” هل هناك مجال للدبلوماسية في سوريا؟"
إرسال تعليق