-->
تحليق إلى اللامكان في غزة

تحليق إلى اللامكان في غزة

تحليق إلى اللامكان في غزة

ابتداء من يوم أمس تجد إسرائيل وحماس مرة أخرى نفسيهما في تحقيق خطير الى اللامكان. حتى بعد أن ننهض في الصباح لن نعرف اذا كانت هذه الطائرة ستهبط في نهاية المطاف ام ستتحطم. لقد حشرت إسرائيل في وضع تجد نفسها فيه ملزمة بأن توجه ضربة قاسية ـ بما في ذلك لأسباب عملياتية ولأسباب سياسية داخلية. فهجمة حماس والجهاد التي بدأت امس في الرابعة ما بعد العصر لم تترك للقيادة الإسرائيلية مفرا. جولة القتال الحالية ـ وفقا للسيناريو «المعقول» والمريح للطرفين ـ يفترض ان يستمر يوما أو يومين. غير أن هذا السيناريو «المعقول» من شأنه ان يتدهور بسهولة الى معركة شاملة.
في 27 تشرين الاول/أكتوبر، عندما اطلق الجهاد الاسلامي 47 صاروخا نحو إسرائيل، كانت بطانة الكوابح لدى القيادة السياسية اسمك فمنعت الحرب في اللحظة الأخيرة. اما احداث اليوم الأخير فقد وجدت القيادة السياسة مع قدرة كبح أضعف بكثير. فليس يحيى السنوار فقط كان عرضة لانتقاد داخلي شديد في ضوء شروط الهدوء واتهم بأنه باع المصلحة الوطنية مقابل الدولارات، بل ان نتنياهو هو الآخر كان عرضة لانتقاد داخلي ألزمه على حد قوله بأن يستعمل جزءا من احتياطاته من المكانة الجماهيرية وان يتخذ قرارات غير شعبية. وعززت هجمة حماس امس ضلع ليبرمان في مثلث رئيس الوزراء ـ وزير الدفاع ـ رئيس الاركان. اذ ان الشعار الذي يكرره وزير الدفاع منذ اشهر في انه لن تكون اي تهدئة على الجدار الى ان تتلقى حماس ضربة شديدة ـ يتحقق.
الجولة الأخيرة هي جولة أخطر بكثير. اذ ان كل طرف من الأطراف مقتنع بأن الطرف الآخر جن جنونه. فقد شرح السنوار في مصر بأن إسرائيل نزلت عن الخطوط: ففي اليوم الذي بدأ يتحقق فيه الهدوء ظهرت في خان يونس قوات خاصة، مروحيات هبطت في القطاع، وحماس فقدت 7 من رجالها. اما إسرائيل، من جهتها، فتدعي بأن حماس جن جنونها وتنفد إطلاق نار مجنون على المواطنين بحجم لم يشهده منذ الجرف الصامد بنية التسبب بقتل جماعي. لقد علق الطرفان في وضع يحتاجان فيه لأن يقدما تفسيرات لجمهورهما وان يعيدا بناء الردع.

كان أسهل بكثير لو أن النار اندلعت كنتيجة استفزاز من حماس لا عملية ميدانية إسرائيلية

في هذه الاثناء، فإن من حدد سقف العنف هي حماس، وجرت إسرائيل وراءها. وتيرة النار في الطرفين تتصاعد. ويبدو ان نتنياهو معني بأن يعرض على الكابنت الذي سينعقد اليوم نتيجة كافية القوة كي لا يجد نفسه امام كابنت جدي يطالبه بان ينطلق الى خطوات عسكرية ليس هو معنيا بها.

ان الخطاب الإسرائيلي لرفع سقف الألم في الطرف الفلسطيني هو خطاب واسع. فبوسع إسرائيل أن تنفذ مخططات حربية تتضمن اعمال قصف جوي دراماتيكي في كل أرجاء القطاع ـ ومشكوك أن يكون اصحاب القرار يجذبون الأمور الى هناك. كما أن هناك سلسلة من الأهداف العسكرية ـ وليست أهدافاً عقارية ـ تهاجمها إسرائيل في الأشهر الثمانية الأخيرة بهدف اضعاف قوة حماس العسكرية. وتتضمن هذه السلسلة ضربا لمصالح النخب في غزة. ليس معسكرات فارغة بعد اليوم، بل اصابة لممتلكات تعود لقادة حماس ووجهاء القطاع. وعندما يبقى هؤلاء بلا مأوى، مثلما حصل في اواخر الجرف الصامد، فان هذا يهديء بسرعة شديدة الميدان. وجاء قصف محطة حماس التلفزيونية امس ليكون مثالا عن هدف من هذا النوع.
لقد وقف اصحاب القرار الإسرائيلي امس امام معضلة غير بسيطة. فقد كان اسهل بكثير لو ان النار اندلعت كنتيجة كاستفزاز من حماس. اما هذه المرة فقد اندلعت على خلفية عملية ميدانية إسرائيلية.
اعمال من هذا النوع لها آثار سياسية بعيدة المدى، تتلقى الأذن من وزير الدفاع ورئيس الوزراء. وعند تحديد توقيت العملية تؤخذ بالاعتبار الصورة السياسية في ذاك الوقت وتدرس الجاهزية والفرصة العملياتية. في الحالة التي امامنا أملت التوقيت الحاجة العملياتية والفرصة. اغلب الظن، كانت القيادة السياسية، التي كان ينبغي ان تأخذ بالحسبان تشويش عملية التهدئة، غير مكترثة. فقد كانت على اي حال واثقة من ان هذه العملية ستمر بنجاح كامل مثلما مرت عمليات كثيرة مثلها في الماضي. وبالمناسبة فان وزير الدفاع مقتنع بان هذا لا يغير في الامر من شيء حقا. وان حماس كانت على اي حال ستحطم القواعد، ان لم يكن الان في الاسبوع المقبل.

اليكس فيشمان
يديعوت 13/11/2018

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا

Essa



from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2QQisui
via IFTTT

Related Posts

0 تعليق على موضوع "تحليق إلى اللامكان في غزة"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel