
لحظة الحقيقة لترامب

تصل الساحة السياسية الأمريكية اليوم إلى مفترق طرق دراماتيكي، وذلك عندما ستجرى الانتخابات لـ 35 مقعداً في مجلس الشيوخ (من أصل 100)، ولـ 435 مقعداً في مجلس النواب. في الكونغرس الحالي يتمتع الحزب الجمهوري بالأغلبية في المجلسين، ولكن وفقاً لكل التقديرات تقريباً، متوقع تحول في مجلس النواب (ويحتمل في مجلس الشيوخ أيضاً). إذا ما وقع التحول، فهذا سيكون تواصلا للنمط الدائم في السياسة الأمريكية الذي يعكس تطلع «الشعب الناخب» لخلق توازن ـ وإن كان نسبياً ـ في توزيع القوة، وبالتالي منع تركيزها التام في يد حزب واحد على مدى فترة زمنية طويلة.
ومع ذلك، في المناخ الاجتماعي والسياسي الحالي المليء بالتوتر والعداء التكنولوجي الحاد، فإن للتغير في توازن القوى في تلة الكابيتول سيكون معنى أعمق مما كان في الماضي. فالأغلبية الجمهورية الطفيفة في مجلس الشيوخ ستبقى أعلب الظن، بل قد تنمو أكثر في أعقاب الحسم في صندوق الاقتراع؛ ولكن السيناريو الذي يلوح في الأفق في أن يفوز الحزب الديمقراطي بزيادة ما لا يقل عن 23 مقعداً في مجلس النواب ليصبح كتلة الأغلبية ـ يطرح إمكانية توسيع الشرخ والاستقطاب الحزبي والاجتماعي لدرجة خلق «أزمة سير» طويلة في مسار التشريع.
عشية الحسم، يقف البيت الأبيض أمام معضلة غير بسيطة. فمن جهة، ومن أجل محاولة الحفاظ على الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب سيتعين عليه أن يتبنى استراتيجية متصالحة وتوحيدية تشدد على القاسم المشترك بين الجماعات العرقية المختلفة، وذلك لأن القسم الأكبر من المحافظات الانتخابية التي يلوح فيها منذ البداية تفوق للديمقراطيين يوجد في الضواحي، الغنية والمثقفة. في هذه المناطق يحتفظ معظم المقترعين بمواقف معتدلة واضحة. ومن جهة أخرى، من أجل الحصول على أغلبية السباقات لمجلس الشيوخ التي فيها للمعسكر الجمهوري احتمال حقيقي للانتصار ـ وبالتالي ضمان استمرار تحكمه في المجلس، كانت حاجة إلى استراتيجية متعارضة تماماً. فلما كانت أغلبية هذه التنافسات تجري في الولايات «الحمراء» الصرفة (مثل ديكوت الشمالية، ومونتانا، وميزوري، وانديانا) التي يكون فيها السناتورات الديمقراطيون القائمون ملزمين بتبني مواقف محافظة بوضوح كي يكون لهم احتمال للبقاء، استوجب وضع خط عديم المساومة من جانب الرئيس في الجهد لمساعدة المتنافسين الجمهوريين.
إذا احتل الديمقراطيون مجلس النواب فسيضطر إلى تبني نهج براغماتي للحفاظ على قدرته على الحكم
وفي ضوء هذا التنافس قرر ترامب أن يستكمل التحول الديمقراطي في مجلس النواب، وذلك مقابل زيادة فرصه للحفاظ على الأغلبية الجمهورية القائمة في مجلس الشيوخ. والنتيجة المباشرة لهذا الحسم كان التطرف في الخطاب الكيدي من إنتاج البيت الأبيض.
إن تصريحات ترامب الفظة في مسألة الهجرة غير القانونية من أمريكا الوسطى؛ والتهديد بسحب المواطنة من أبناء المهاجرين غير القانونيين؛ والهجمات على الإعلام؛ والتطلع إلى تنفيذ رؤيا «قومية متطرفة» ـ كل هذه هي جزء من الخطوط الأساس لهذه الاستراتيجية، التي كان لها هدف واضح، هو التجنيد والتحميس للقاعدة الجمهورية «لحرس السور والبرج» وهكذا ضمان أن يواصل الحزب الجمهوري كونه في مجلس الشيوخ.
ولكن إذا تحقق هذا السيناريو وتحقق الانتصار الجمهوري في مجلس الشيوخ بثمن فقدان السيطرة في مجلس النواب، فسيضطر الرئيس الـ 45 إلى الخروج عن الخط التطهري هذا وأن يتبنى نهجاً أكثر براغماتية يضمن الحدود الوسط مع الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب. أما البديل عن ذلك فسيكون نزالاً في وضح النهار بين أرجاء الكونغرس، الأمر الذي من شأنه أن يشوش عملية التشريع ويضع علامة استفهام في قدرة حكم ترامب في السنتين القادمتين. سيثبت المستقبل القريب القادم إلى أين تتجه وجهة البيت الأبيض.
ابراهام بن تسفي
إسرائيل اليوم 6/11/2018
المقال كاملا من المصدر اضغط هنا
Essa
from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2ARm6OT
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "لحظة الحقيقة لترامب"
إرسال تعليق