-->
منع السعودية لحجاج 48 ومغازيه الترانسفيرية

منع السعودية لحجاج 48 ومغازيه الترانسفيرية

رغم نفي السعودية لما نشر حول قرارها منع فلسطينيي الداخل والغزيين من أداء فريضة الحج إلا بحصولهم على رقم وطني أردني، لكن لا رماد أو دخان من غير نار.
والقصة أو المفاجأة، كما تناولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بأن رئيس لجنة فلسطين في البرلمان الأردني المحامي يحيى السعود، وجه مناشدة علنية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بإلغاء القرار المتعلق بمنع الفلسطينيين من مناطق 1948 ومعهم الغزيون من الحصول على تأشيرات حج، أو عمرة.
وتتواصل الرواية، أن القرار السعودي لم يعلل، لكن تم إبلاغ وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية به عبر برقية من نظيرتها في الرياض، تتخذ إجراء يلغي تقليداً قديماً دارجا منذ عام 1978. القرار السعودي المفاجئ يبلغ الأردنيين فجأة بأن السعودية لن تستقبل بعد الآن حجاجا من فلسطينيي عام 48 وغزة، إلا في حال حصولهم على رقم وطني أردني. وتسبب القرار بصدمة في عمان، لأن دلالته في البعد السياسي، تحديداً، حساسة وخطيرة وغير مبررة. غير أنني لا أرى في القرار السعودي حلقة ضغط جديدة على الأردن، لان المتضرر الاساسي هم الفلسطينيون، سواء في مناطق 1948 أو في غزة، فهم الذين سيحرمون من أداء مناسك الحج، وربما ما هو أخطر من ذلك.

وهذا يقود إلى سؤال أكثر مباشرة من غير لف أو دوران، وهو هل يمكن قراءة القرار السعودي في سياق الدفع نحو تنفيذ المخططات الصهيونية لتفريغ فلسطين من أهلها الأصليين وتهجيرهم، وهي خطوة إن جرى التحقق منها تضع صاحبها في مصاف الحركة الصهيونية، التي سعت منذ البداية ولا تزال لـ»ترانسفير» الفلسطينيين أو أكبر عدد منهم، حتى يتسنى لها إقامة الدولة اليهودية القومية النقية.
نحن هنا نتحدث بنية «غير صافية»، إذا ما ربط الموضوع بالأحداث المتسارعة في دول الخليج. فما يجري في بعض الدول الخليجية هذه الأيام غير طبيعي، والتحركات المريبة التي شهدتها وتشهدها بعض هذه الدول، تجعلنا نفكر ونشك في كل شيء، وننظر إلى أي خطوة أو كلمة أو تصريح يصدر عن مسؤول في هذه الدول، بعين الشك والريبة.
ويزيد من هذه الشكوك تفاصيل النقاش الذي دار في الرياض بين وفد من الإنجيليين الأمريكيين برئاسة الإسرائيلي، جويل روزنبيرغ وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. الذي كشف تفاصيله روزنبيرغ، في مقابلة مع القناة الإسرائيلية العاشرة، قال فيها إن نحو نصف ساعة من الاجتماع المطول، الذي عقد في قصر الأمير السعودي في الرياض، خصص لمناقشة العلاقات السعودية الإسرائيلية، والتطور الكبير الذي تشهده مؤخرًا. وأكد روزنبيرغ، الذي عمل بعد سنة 2000 مستشارًا لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن بن سلمان طلب من أعضاء الوفد عدم الخوض في ما قاله لهم بشأن العلاقة مع تل أبيب، وتصوره لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، «بسبب حساسية الموضوع». وهذا ما يؤكد على عدم النظر إلى الأحداث المتسارعة بحسن نية.
ليس هذا فحسب، فهل كان يخطر على بال أحد، أن يخرج سلطان عمان قابوس بن سعيد من مكمنه ليوجه دعوة رسمية لنتنياهو وحرمه سارة لزيارة مسقط، ويستقبله في قصر البركة ويحضر معه حفلا موسيقيا كلاسيكيا، دليلا على حميمية العلاقة بين مسقط وتل أبيب؟ وهل كان متوقعا أن تستقبل دولة الإمارات العربية «العظمى» في الوقت ذاته وزيرة الرياضة الاسرائيلية دوما ميري ريغيف، وتعد لها استقبالا حافلا وبرنامجا شمل زيارة مسجد الشيخ زايد. هذه الوزيرة التي أهانت الإمارات قبل بضعة أشهر. وهذه الوزيرة اليمينية العنصرية التي قدمت مشاريع قوانين عنصرية كمنع الأذان ومنع إحياء ذكرى النكبة، وقدمت ايضا مشروع قانون «الولاء في الثقافة» الهادف إلى منع الميزانيات عن هيئات ومؤسسات ترفض بنود الولاء لإسرائيل كدولة يهودية، ورموزها؟ وهل كان هناك من يتصور أن يدعو ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، مواطنيه لزيارة إسرائيل ويهاجم من يرفض التطبيع؟ وما معنى أن يكرر وزير الخارجية البحريني قول نتنياهو وعتاة اليمين في إسرائيل، بأن القضية الفسطينية لم تعد القضية الاولى في العالم العربي؟ وما معنى أن تقوم البحرين كما هو متوقع بدعوة نتنياهو لزيارة رسمية للمنامة، لتسير بذلك على خطى سلطنة عمان التي استقبلت أيضا قبل أيام وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس للمشاركة في مؤتمر دولي/ عربي في مسقط؟ ولم يكتف وزير المواصلات العماني بالدعوة الدولية لكاتس، بل وجه إليه دعوة شخصية خاصة، ووضع له برنامحا خاصا تخلله استقبال شعبي، لدى وصوله إلى سلطنة عمان مساء يوم الثلاثاء الماضي. وظهر كاتس في شريط فيديو وهو يتجول في شوارع مسقط، ويلتقى مواطنين عمانيين، كما رقص بالسيف على أنغام أغاني تراثية عمانية.
ولكن طموحات كاتس أكبر من مجرد رقصة بسيف، أو صورة سيلفي مع اشخاص أحضروا لهذه المناسبة، بل جاء حاملا خطة لإنشاء خط سكة حديد يربط مدينة حيفا مع الخليج عبر الأردن، تحت اسم «خط سكك حديد من أجل السلام الإقليمي». واعتبر كاتس أن زيارته إلى عمان تعزيز لمكانة إسرائيل، لافتا من مسقط إلى أنه طرح خطته أمام وزراء النقل والمواصلات العرب والمسلمين، السعودية والسودان وتونس وقطر وأفغانستان والجزائر والبحرين، والعراق، واليمن، والسلطة الفلسطينية.
وهل يعقل أن تتم مثل هذه التطورات السريعة في الخليج، من دون الموافقة المبدأية من الشقيقة الكبرى/ السعودية، التي ربما لأسباب داخلية لن تقدم على مثل هذه الخطوة على الاقل في الوقت الحاضر، إلا اذا وصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى قناعة بان في مثل هذه الخطوة، مخرجا له من ورطته في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي وتقطيعه داخل القنصلية السعودية في إسطنبول قبل نحو سبعة اسابيع.

ما يجري في بعض الدول الخليجية هذه الأيام غير طبيعي، يجعلنا نفكر ونشك في كل شيء، وننظر إلى أي خطوة بعين الشك والريبة

إذن فإن وصولنا بالتفكير إلى مثل هذا الاستناج للقرار السعودي ليس بالامر الغريب، أو غير المتوقع، خاصة أن لا فائدة تجنيها السعودية من قرار كهذا، لكن يبدو أن التوجه السعودي، كما الصهيوني، الهدف منه تفريغ الاراضي الفلسطينية، وذلك باشتراط الموافقة على تأدية فريضة الحج بالحصول على الرقم الوطني الأردني، ما يعني تشجيع أهالي القطاع على عدم العودة وتخفيف حدة الانفجار المتوقع في القطاع في أي لحظة.
وبالنسبة لفلسطينيي الداخل فالمعروف انه لا يسمح لهم بازدواجية الجنسية، على الاقل عمليا، ما يعني أن الحصول على الرقم الوطني الاردني يعرضهم للتهجير. وهذا يقودنا إلى السؤال الأكبر الذي طرح مرارا وتكرارا على مر السنين: هل من حق الدولة السعودية استخدام الحج لخدمة اهدافها؟ وهل من حق هذه الدولة أن تمنع المسلمين أيا كانت انتماءاتهم من أداء احد أهم اركان الاسلام وممارسة شعائرهم الدينية لاسباب سياسية أو طائفية؟ ألا يطرح هذا القرار مسألة سحب سيادة العائلة السعودية على المقدسات الاسلامية ووضعها في ايدي لجنة اسلامية دولية.
واخيرا اعترف بأنني رغم قناعاتي، فوجئت بهذا الانهيار التطبيعي المتسارع في بعض دول الخليج، واعترف ايضا بان حجم المؤامرة على القضية الفلسطينية اكبر بكثير مما كنت اتصور. وهذا يزيد من عيار الشك في كل ما يصدر عن مسؤولي هذه الدول.

واختتم بما قالته مسؤولة فلسطينية لي وهو ذو صلة، وحسب هذه المسؤولة، فإنها كانت تشارك في مؤتمر في احدى الدول الاوروبية فاقترب منها زميل في المؤتمر ملامحه خليجية، فبادرها بالسؤال من اين أنت؟ فقالت من القدس، فانفرجت اساريره فقال يعني إحنا أولاد عم، معتقدا بأنها يهودية إسرائيلية. وعندما كشفت عن هويتها الفلسطينية انكمشت اساريره وعادت إلى وضعها الطبيعي، وادار لها ظهره وانصرف.

كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»


المقال كاملا من المصدر اضغط هنا

Rim



from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2qCZ7RT
via IFTTT

Related Posts

0 تعليق على موضوع "منع السعودية لحجاج 48 ومغازيه الترانسفيرية"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel