-->
لماذا لا يستقيلون؟

لماذا لا يستقيلون؟

في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2015 استقال رئيس الوزراء في رومانيا فيكتور بونتا بعد حريق مأساوي التهم نادياً ليلياً كان يزدحم بالسكارى والراقصين. كان الحريق مجرد حادث طبيعي تسببت به الألعاب النارية التي كانت في المكان والتي يستخدمونها يومياً في هذه الحانات، لكن رغم ذلك استقالت الحكومة على اعتبار أنها في موضع المسؤولية لكل ما يجري في البلاد، وعاد بونتا الى منزله بشكل نهائي.
في الثامن من نوفمبر 2015 كتبت رئيسة تحرير جريدة “الغد” الأردنية جمانة غنيمات مقالاً تحت عنوان (لماذا لا يستقيلون؟) دعت فيه الحكومة الأردنية الى الاستقالة في أعقاب وفاة ثمانية أشخاص، في حريق التهم حاوية بضائع كانت في الجمارك. حينها أقيل مدير عام دائرة الجمارك في الأردن، فاعتبرته غنيمات “ضحية”، وقالت في مقالها إن “الدول التي تحترم شعوبها لا تتعامل معهم بهذه الطريقة في الأزمات”. في الرابع عشر من يونيو/حزيران 2018 أصبحت الصحافية غنيمات، صاحبة المقال المشار اليه، وزيرة في الحكومة الأردنية وناطقة باسمها، وما زالت حتى هذه اللحظة في منصبها الوزاري.
يوم الخميس الماضي 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018 سجّل الأردن أسوأ فاجعة في تاريخه، عندما التهمت السيول والأمطار رحلة أطفال مدرسية انتهت بـ21 قتيلاً، أغلبهم من الأطفال الذين تدافعوا نحو السماء تاركين خلفهم ملايين الأردنيين الغارقين بالدموع والألم. سهر الأردنيون ليلة خميسهم الأسوأ يراقبون الأرواح التي تتسابق نحو الجنة، والأهالي المفجوعين بأطفالهم، لكن الغائب الوحيد في تلك الليلة كان رئيس الوزراء الروماني، الذي لم يكن له مثيل في الأردن، ولم يخطر على بال الحكومة – لا رئيسها ولا أعضاءها – أن يكونوا مثل بونتا ويتركوا مناصبهم، ولو احتراماً لأرواح الشهداء، وتقديراً لهؤلاء الأطفال الورود الذين فقدتهم البلاد.

في ليلة “الخميس الأسود” غابت “الصحافية الوزيرة” عن الأضواء أيضاً.

ليس ثمة وجع أكبر من أن يذهب طفل إلى مدرسته فلا يعود لأبويه في ذيل النهار

في عام 2015 طالبت “الصحافية” باستقالة الحكومة عندما توفي ثمانية أشخاص في حادث طبيعي، وفي عام 2018 غابت “الوزيرة” عن فاجعة وفاة 21 طفلاً فلا استقالت ولا طالبت أحداً بالاستقالة.. ربما يكون للمهنة أحكام، وربما نقول ذلك لأننا لم نجرب “الوزارة”! تُرى كيف أمضت “الصحافية الوزيرة” تلك الليلة مع عائلتها بينما كانت عشرات العائلات بانتظار أطفالها الذين لن يعودوا إلى الأبد؟
ليس ثمة وجع أكبر من أن يذهب طفل الى مدرسته فلا يعود لأبويه في ذيل النهار.. وليس ثمة قهر أكبر من ذلك الذي يلتهمُ قلب أم تبيت ليلتها من دون طفلها والناس من حولها نيام. وكيف لا يخجل مسؤول أن يُلقي باللائمة على المدرسة، التي هي الحلقة الأضعف في الفاجعة كلها، لينجو هو بجلده ويهرب من نزيف الأسئلة التي انفجرت في أدمغة الناس؟ ثمة الكثير من الأسئلة عن فاجعة البحر الميت، وعن “طيور الجنة” الذين تدافعوا نحو السماء في ليلة خميس سوداء، تاركين وراءهم أنهاراً من الدموع وآلافاً من القلوب المكسورة.. لكنَّ كل هذه الأسئلة وإجاباتها لا تعيد طفلاً الى حضن أمه وأبيه. فإنا لله وإنا اليه راجعون.

المقال كاملا من المصدر اضغط هنا


Rim

The post لماذا لا يستقيلون؟ appeared first on بتوقيت بيروت.



from صحف – بتوقيت بيروت https://ift.tt/2AAri9G
via IFTTT

0 تعليق على موضوع "لماذا لا يستقيلون؟"

إرسال تعليق

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel