تفاصيل التحضيرات الاميركية للعدوان على سوريا وهيمنة المحافظين على القرار
بعد العدوان الاميركي على قاعدة الشعيرات في حمص بسوريا، بات السؤال الاول الذي لا بد منه، لماذا لجأ الرئيس الاميركي دوناد ترامب الى هذا العمل الاجرامي تحت مزاعم الرد على قصف طائرات سوريا لمواقع المسلحين في خان شيخون بسلاح كيماوي من دون ان يتعب نفسه في عناء التحقيق حول حقيقة ما حصل، في ظل التأكيد الروسي ان ما حصل جاء نتيجة تفجير مستودع «لجبهة النصرة» الارهابية تحتوي اسلحة محشوة بغاز السارين بعد قصف الطائرات السورية لهذه المخازن، وتأكيد دمشق من جهتها ان قواتها المسلحة لا تملك اي نوع من انواع السلاح الكيماوي، بعد ان كانت سلمت كل ما لديها من سلاح كيماوي للامم المتحدة عام 2014.
بداية تقول مصادر ديبلوماسية ان رغم الكلام الذي صدر عن ترامب قبل يومين من العدوان حول الاعتراف غير المباشر بشرعية الرئيس السوري بشار الاسد، الا انه تعرض منذ وصوله الى البيت الابيض لضغوطات واسعة من المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه، ومن الممسكين بالقرار في وزارة الدفاع وال.سي.اي.ايه ما دفعه الى تغيير عدد من المسؤولين الكبار الذين كان قد عينهم بدءا من مايكل فلين الى ستيف بانون الذي كان اقرب مستشاري ترامب يحل محل صهر الرئيس الاميركي جاريد كوشر الذي يوصف بانه اليهودي الاقوى في العالم، وبالتالي لا تستعد معلومات المصادر ان يقدم ترامب على اقالة وزير خارجية ريكس تيلرسون على خلفية ما يثار من وجود اتصالات سابقة بينه وبين مسؤولين الروس، وهو الامر الذي كان حجة لاقالة بانوت، وحتى ان المصادر تشير وفق تقارير استخباراتية وصلت اليه انه لو لم يذهب ترامب نحو القيام بالعدوان ضد سوريا فلا يستبعد ان تصل الضغوطات عليه في الداخل الاميركي الى حد الاضطرار للتنحي عن البيت الابيض.
ووفق معلومات هذه المصادر فان الرئيس الاميركي كان يخطط قبل افتعال عملية تفجير قذائف غاز السارين في خان شيخون للقيام بعدوان ضد سوريا، وكان ينتظر المبرر لذلك، وبالتالي لا تستبعد المصادر ان يكون هناك من خطط واعد لحصول ما حصل سواء من المخابرات الاميركية او المخابرات التركية بالتنسيق والتضامن مع «جبهة النصرة» الارهابية لدفع ترامب للقيام بهذا العدوان. بحيث بدا واضحا من رد فعل البيت الابيض انه كان ينتظر فبركة اي مزاعم للقيام بقصف قاعدة الشعيرات السورية، وذلك بهدف لاعادة تعويم ترامب على المستوى الداخلي الاميركي ومع حلفاء واشنطن في العالم، والدليل على ذلك المواقف المؤيدة لما قام به من اسرائيل الى السعودية وبعض دول الخليج وتركيا والغرب.
وتشير هذه المعلومات الى ان ترامب عاد واجتمع مع مستشاريه مساء الخميس الماضي في منتجع «ماراي لاغو» في فلوريدا، حيث استمع من هؤلاء الخبراء الى ثلاثة خيارات للعدوان على سوريا بحجة الرد على القصف الكيمياوي، ثم تقلصت هذه الخيارات الى اثنين: قصف قواعد جوية عديدة او قصف قاعدة الشعيرات، لكن الرئيس الاميركي قرر في ضوء ذلك، ان يقتصر القصف على قاعدة «الشعيرات» للحد من الخسائر البشرية التي قد تتعرض لها القوات الروسية الموجودة في سوريا، وكذلك ابلاغ الجانب الروسي بالقصف قبل حصوله.
شاهد أيضا
في معطيات المصدر الديبلوماسي من كل هؤلاء يعتقدون ان هذا العدوان له اكثر من رسالة في الاتجاهات الثلاث المذكورة:
– فعلى الصعيد الروسي يرى هؤلاء انهم بذلك يضعفون وقف موسكو بدءا من موقف الرئيس فلاديمير بوتين ليس فقط بما يتعلق بسوريا، واصراره على ضرب الارهاب، بل ايضاً الاعتقاد ان ذلك سيؤدي الى تراجع الدور الروسي اقليميا ودوليا، خصوصاً ان هناك مواقع قوى في البنتاغون، الـ«س. اي. ايه» تسعى لنسف اي تقارب مع روسيا.
– القول انه ممنوع هزيمة الارهاب في سوريا وحتى في العراق، فالاميركي ما زال حتى اليوم وبعد وصول ترامب الى البيت الابيض يسلح الارهابيين، ولو تحت تسميات واهية، كما انه «غض الطرف» عن الهجمات التي قامت بها «جبهة النصرة» في الاسبوعين الماضيين في حماه بدعم من نظام اردوغان في تركيا، وذلك بهدف خلق توازنات جديدة في الميدان.
– محاولة الحد من الدور الروسي في التسوية السورية، سواء عبر تغييب الاميركي عن محادثات «استانة» والدور الضعيف الذي برز في محادثات جنيف، وكل ذلك بهدف العودة بقوة على خط المفاوضات سعياً لفرض شروط مضى عليها الزمن، خاصة ما يسمى المرحلة الانتقالية.
– محاولة التأثير المباشر على ما يحصل في الميدان من انجازات من جانب الجيش السوري، سواء في المعارك العسكرية ضد المسلحين بما في ذلك في اتجاه خان شيخون او ما يجري من مصالحات على الارض حيث ادت الضربة الاميركية الى وقف الاتفاق على اخلاء المسلحين من الزبداني ومضايا مقابل اخلاء السكان من الفوعا وكفريا. وتقول المصادر ان الجيش السوري الذي كان بصدد استكمال هجومه في ريف حماه كان يعد للتوجه نحو خان شيخون بعد ذلك، وهذا يعني بداية سقوط ادلب.
انطلاقاً من ذلك يتحدث زوار العاصمة السورية ان الفريق المعادي سيسعى الى الاستثمار على الضربة الأميركية من خلال دفع المجموعات المسلحة الى تصعيد عملياتها العسكرية حتى تكون اي مفاوضات متوقعة في المرحلة المقبلة تجري تحت نار التصعيد العسكري، بما في ذلك دفع المجموعات الارهابية لذلك بالتوازي مع تزويدها بالمال والسلاح، ويوضح الزوار ان الغرب الداعم للارهاب والمسلحين كلما انحشر بالوضع في سوريا يلجأ الى افتعال مشكلة عبر الكيميائي او غيره لتعويم المسلحين وتوجيه رسالة لهم بأنه ممنوع هزيمتكم.
اما في الجانب المقابل – اي من جانب سوريا وحلفائها فيؤكد الزوار ان اي عدوان اميركي جديد سيرد عليه بقوة، وهو الأمر الذي اكدت عليه غرفة العمليات المشتركة، لكن الاصح انه اذا كان الاميركي اراد من وراء عدوانه منع استكمال الحرب ضد الارهابيين، فالقرار واضح وحاسم لدى القيادة السورية وحلفائها بان العمليات ستتوسع بشكل اكبر من السابق. بل ان هناك قرار روسي بأن تكون المشاركة الجوية من الطيران الحربي الروسي اعنف مما كانت عليه في السابق لمنع اولا اي تهديد ضد اي من المدن السورية وثانياً لالحاق المزيد من الهزائم بالمسلحين، بالاضافة الى تزويد الجيش السوري بكل ما يحتاجه من سلاح بما في ذلك سلاح الطيران.
في كل الاحوال يرجح الزوار ان يشهد الميدان في سوريا تصعيد غير مسبوق من اليوم وحتى آب المقبل.
حسن سلامة
المصدر :الديار
from اخبار العالم – بتوقيت بيروت http://ift.tt/2p5nXb9
via IFTTT
0 تعليق على موضوع "تفاصيل التحضيرات الاميركية للعدوان على سوريا وهيمنة المحافظين على القرار"
إرسال تعليق